أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة والسبعون بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والسبعون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي بعنوان : *شكر الله على نعمة القلب "القلب" كلمة عظيمة يعبر بها الناس عن وسط الأشياء وخيارها، وأحسنها وأفضلها، وقد أخذوا ذلك التعبير من معرفتهم أهمية القلب في بدن الإنسان، ودرايتهم أثرَه على سائر جسمه. فالقلب هو مركز الحياة في بدن الإنسان وروحه؛ والبدن إنما هو القلب، والروح لا حياة فيها بدون حياة القلب. والقلب من الناحية البدنية هو عضو عضلي يضخ الدم عبر الأوعية الدموية، ويزود الجسم بالأوكسجين والمغذيات، وبذلك تبقى حياة البدن مرهونة بسلامة القلب؛ فإذا صحَّ صحت، وإذا مرض مرضت، وإذا مات ماتت، وبذلك يحتل موقعًا مهمًا في حياة جسم الإنسان؛ لذا يحرص الناس حرصًا شديداً على سلامته من الأدواء، ويخشون عليه المرض أكثر من غيره من الأعضاء، فإذا سقم لم يتهاونوا في الاستشفاء له، ولو بذلوا في ذلك الأموال الطائلة. وأما من الناحية الروحية فإن القلب هو المؤثر في الروح صحةً ومرضًا؛ فمتى صح القلب بالإيمان وأعماله صحت الروح، ومتى مرض مرضت. ولهذا كله أولى أطباء البدن القلب عناية عظيمة؛ حرصًا على سلامة بدن الإنسان، وكذلك اهتم الدين بالقلب اهتمامًا كبيراً؛ من أجل سلامة الروح التي بسلامتها حصول السعادة في الدنيا والآخرة. عباد الله، إن القلب هو محل الخير والشر، فخيره على الجوارح كلها، وشره كذلك، فإذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد كله، كما أخبر نبينا الكريم، عليه الصلاة والسلام. فلا تخفى بعد هذا أهمية القلب وعلو شأنه، خاصة أن القرآن والسنة قد أكثرا في نصوصهما من ذكر القلب وأحواله وهذا يعزز تلك الأهمية، ففي القرآن العظيم ذكر الله تعالى في آيات عديدة أن القلب هو محل الإيمان أو الكفر أو النفاق، ومحل اللين أو الخشوع أو القسوة، ومحل القبول أو الجحود، ومحل الرحمة أو الفظاظة، ومحل الطهارة أو المرض، ومحل الصبر أو الجزع، ومحل الهداية أو الزيغ. قال تعالى: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 16]، وقال: ﴿ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ [البقرة: 10]. وقال: ﴿ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]. وفي السنة الشريفة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن القلب هو محل الصلاح أو الفساد، ومحل التقوى، ومحل نظر الله من العبد، ومحل التمييز بين البر والإثم، ومحل عرض الفتن عليه أينكرها أم يقبلها، وهذا يدل على أهمية القلب من الناحية الروحية. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم)[ رواه مسلم.] ولما كان القلب في هذه المنزلة السامية من الأهمية والأثر كان على الإنسان أن يشكر الله على نعمته عليه بالقلب الذي يصلح به دينه ودنياه، ويسأله أن يعينه على حفظه من كل شر. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم