أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والسبعون بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والسبعون بعد المئة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *شُكرُ الله على نعمة اللسان إن من عظيم خطر اللسان، وأثر أقواله في كسب السيئات وقف مراقبًا له، فلا يدعه ينطق بكلمة إلا إذا عرف أنها خير من السكوت وإلا لاذ بحصن الصمت طلبًا للسلامة. وهكذا كان يعمل الصالحون الأولون والعقلاء الفطنون. فعن إبراهيم التيمي قال: حدثني من صحب ربيع بن خثيم عشرين عامًا فلم يسمع منه كلمة تعاب عليه[ الزهد لابن المبارك (ص: 6).] وقال أبو بكر بن عيّاش: "اجتمع أربعة.. فقال أحدهم: أنا أندم على ما قلت، ولا أندم على ما لم أقل، وقال آخر: إنّي إذا تكلّمت بكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلّم بها ملكتها ولم تملكني، وقال ثالث: عجبت للمتكلّم إن رجعت عليه كلمته ضرّته، وإن لم ترجع لم تنفعه. وقال الرّابع: أنا على ردّ ما لم أقل أقدر منّي على ردّ ما قلت"[ إحياء علوم الدين (3/ 111).] أيها الإخوة الفضلاء، إن الإدارات الحديثة تضع قواعد أساسية لسير نظم الحياة والأعمال التي تحت ولايتها حتى تستقيم شؤونها وتسمي مجموع تلك القوانين بالدستور أو غير ذلك من الأسماء، ونحن إذا نظرنا إلى الإسلام سنجد أنه قد جاء من عند الله تعالى بدستور دائم معصوم يحفظ حياة الإنسان في الدنيا ويكون سبب نجاته في الآخرة، ومن خلال النظر في هذا الدستور السماوي العام نرى دستوراً خاصًا باللسان فيه قواعد أساسية لجعل اللسان عضواً صالحًا في بدن الإنسان يقول الخير ويصمت عن الشر، ويكون سببًا لصلاح حياة الإنسان مع ربه ومع أفراد جنسه. فمن مواد ذلك الدستور المقدس: المادة الأولى: كل قول تلفظه اللسان مدوّن في صحيفة الأعمال. قال تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18]. المادة الثانية: مجال القول في الخير فقط، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) [ متفق عليه. المادة الثالثة: النجاة في صمت اللسان عن كل باطل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من صمت نجا)[ رواه الترمذي، وهو صحيح.] المادة الرابعة: حقيقة إسلام المرء سلامة المسلمين من لسانه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) [ متفق عليه.] المادة الخامسة: حفظ اللسان طريق إلى الجنة، فعن سهل بن سعد رضي اللّه عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)[ رواه البخاري.] إن أكثر الناس يقتصدون في استعمال ما فيه حساب مالي وله عدّاد يحسب كمية الاستخدام كالكهرباء والهاتف والجوال وغير ذلك، فلو كان الكلام كذلك لاستعملوا من القول بقدر الحاجة وكان الصمت أكثر أحوالهم، أفما علموا أن نطق اللسان محسوب أيضًا وإن لم يكن له عداد يُرى في الدنيا، لكن فواتير ذلك سُترى بعد الموت. ألا فلنعلم أن هناك من يعد كلامنا عداً دقيقًا أشد من عدادات خدمات الحياة، والعجيب أننا -نحن المسلمين- ندرك ذلك، غير أن بعضنا مازال يطلق للسانه العنان في كل وادٍ، ولم يقصره على الحديث في الحق والسكوت في الباطل. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم