أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السبعون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السبعون بعد المئة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *شُكرُ الله على نعمة اللسان لقد خلق اللهُ تعالى الإنسانَ في أحسن تقويم، وأعلى شأنه على كثير من خلقه بالتفضيل والتكريم، وأودع فيه من آيات قدرته، وبراهين حكمته ما لا يحصى، ومازالت نعمه تعالى عليه تترى حتى يفارق الحياة الدنيا. ألا وإن من هباته سبحانه السَّنية، ونعمه الجليَّة للإنسان: نعمة النطق والقدرة على الكلام، قال تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ ﴾ [الرحمن: 1] ﴿ عَلَّمَ الْقُرْآنَ ﴾ [الرحمن: 2] ﴿ خَلَقَ الإِنسَانَ ﴾ [الرحمن: 3] ﴿ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ ﴾ [الرحمن: 4]. وقد جعل تعالى جارحة اللسان هي المعبِّرَ عما في نفس الإنسان، والناطق بما أراده، يقول عز وجل ممتنًا عليه: ﴿ أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴾ [البلد: 8] ﴿ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴾ [البلد: 9]. ويقول تعالى مبينًا فضل البيان باللسان وفصاحته: ﴿ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ﴾ [طه: 27] ﴿ يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 28]، وقال: ﴿ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ﴾ [القصص: 34]، وذلك أن موسى عليه السلام كان في لسانه شيء من الحبسة قبل النبوة فلذلك قال فرعون: ﴿ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ ﴾ [الزخرف: 52]، لكن موسى لما دعا الله قبل التوجه إلى فرعون استجاب الله له بإزالة حبسته كما قال تعالى: ﴿ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي ﴾ [طه: 27] ﴿ يَفْقَهُوا قَوْلِي ﴾ [طه: 28] إلى قوله: ﴿ قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ﴾ [طه: 36] ينظر: تفسير ابن كثير (4/ 158).] لقد أودع الله اللسان "من المنافع منفعة الكلام وهي أعظمها... وجعل سبحانه اللسان عضواً لحميًا لا عظم فيه ولا عصب؛ لتسهل حركته؛ ولهذا لا تجد في الأعضاء من لا يكترث بكثرة الحركة سواه؛ فإن أي عضو من الأعضاء إذا حركته كما تحرك اللسان لم يطق ذلك، ولم يلبث أن يكَل ويخلد إلى السكون إلا اللسان، وأيضًا فإنه من أعدل الأعضاء وألطفها وهو في الأعضاء بمنزلة رسول القائد ونائبه، فمزاجه من أعدل أمزجة البدن، ويحتاج إلى قبض وبسط وحركة في أقاصي الفم وجوانبه، فلو كان فيه عظام لم يتهيأ منه ذلك ولما تهيأ منه الكلام التام ولا الذوق التام، فكّونه الله كما اقتضاه السبب الفاعلي والغائي، والله أعلم"[ التبيان في أقسام القرآن، لابن القيم (ص: 192).] إن أكثر الناس غافلون عن نعمة النطق باللسان، غير مدركين عظم فضل الله عليهم بها، فمن أراد الاستيقاظ من هذه الغفلة فلينظر إلى الأبكم وعِيّه، وصعوبة إبانته عما في نفسه، وكثرة حركاته، وتعدد إشاراته، وإصداره الأصوات المختلفة التي يريد من خلالها إيصال رسالته، ولينظر الغافل كذلك إلى الذين لديهم عيوب في النطق من فأفأة وتأتأة وثأثأة، وتلعثم ولجلجة وخرس وحبسة وغير ذلك؛ حتى يدرك فضل الله عليه بالقدرة على الكلام السليم فيشكره على نعمته عليه. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم