أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والستون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والستون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي بعنوان : *شُكرُ الله على نعمة اليدين نحمد الله تعالى على أنْ خلقنا فأتقن خلقنا، وصوّرنا فأحسن صورنا، وخلق لنا أعضاء بديعة نستعين بها في إقامة عبادتنا، وفي إصلاح عيشنا، ونعتمد على سلامتها في تسيير شؤون حياتنا، وفي الوصول إلى أسباب راحتنا وسعادتنا. ومن تلك الأعضاء التي أكرمنا الله بها: اليدان، فما أعظم نعمة الخالق على الإنسان بهذا العضو؛ إذ كم يصل به إلى مصالح يبتغيها، ويدفع به أضراراً يخشاها. تأمل - أيها الإنسان - في يديك وانظر ما أجملَ خلقهما وأحسنَ تركيبها! فقد خلقهما الله تعالى متساويتين، وجعلهما ممتدتين، مزودتين بعشرة أصابع، في كل يدٍ خمسةٌ منها، وهي الإبهام والسبابة والوسطى الخِنْصِر والبِنْصِر. وكل أصبع من الأصابع الخمسة له خلقة وشكل يخالف به سائر الأصابع. وجعل سبحانه وتعالى اليدين أيضًا لينتين قويتين جميلتين، قابلتين للحركات المختلفة. وثبّت تعالى خلقهما في مكان مناسب من الجسم. وزوّدهما بأسباب الحياة والبقاء مدة حياة الإنسان ما لم يتعرضا لداء أو اعتداء. لقد خلق الله تعالى في كل يد للإنسان ما به حياتها وسهولة الانتفاع بها، ففي كل يد كفٌّ بها راحةٌ وأصابع وسلاميات، وفيها رسغ وساعد ومرفق وعضد وعظام وأعصاب ودماء. ومن فضل الله تعالى على الإنسان في يديه: أن جعلهما قادرتين على الإمساك والإطلاق، وتحسس الأشياء، حتى صارتا للأعمى بديلاً عن النظر في تمييز المحسوسات، وللأصم والأبكم لسانًا يعبر عن كثير من الكلمات بما تشكله الكف والذراع من حركات. وتأمل -أيها الإنسان- في إبهامك تجد فيها آية من آيات الله تعالى الدالة على قدرته العظيمة، تلك الآية هي وجود البصمة فيها التي بها يتميز كل شخص عن غيره من بني آدم. أيها الفضلاء، إن لليد شأنًا عظيمًا في الإسلام؛ ففي القرآن الكريم نجد آيات متعددة تنسب جميع كسب جوارح العبد إلى يده، قال تعالى: ﴿ وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [الجمعة: 7]، وقال: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]. ويبين الكتاب العزيز أن الأيدي ستشهد على أصحابها يوم القيامة بما يكانوا يعملون في الدنيا، قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [يس:65]. وفي حديث أنس بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فضحك فقال: (هل تدرون مما أضحك؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم، قال: من مخاطبة العبد ربه، يقول: يا رب، ألم تجرني من الظلم؟ قال: يقول: بلى،قال: فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني،قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيختم على فيه فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يخلى بينه وبين الكلام قال: فيقول: بعداً لكن وسحقًا فعنكن كنت أناضل)[ رواه مسلم.] وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في كل يد نصف الدية وفي كلتيهما الدية كاملة، وفي كل أصبع عشر من الإبل كما في حديث عمرو بن حزم[ رواه النسائي، وهو صحيح.] أيها الأحباب الكرام، انظروا إلى هذه الحياة وما فيها من أبنية مشيدة، وأشياء مصنوعة، وخدمات حياتية متعددة، ومصالح دنيوية متنوعة، أليست من نتاج نعمة الله على الإنسان باليدين، فلو لم تخلق هذه النعمة هل كنا سنصل إلى هذه المنافع؟ وانظروا أيضًا في بيعنا وشرائنا، وتواصلنا وتعاملنا، وتعلمنا وتعليمنا، ألم تكن اليدان وسيلة إلى بلوغنا ما نريد من تلك المعاملات؟ ولكن ما أكثرَ غفلتنا عن نعمة اليدين، وشكر الله عليهما! فمن أراد معرفة عظم هذه المنة فليتفكر في المنافع التي ينالها بسبب يديه، ولينظر إلى من فقد يديه أو إحداهما- ببتر أو جَرح أو شلل أو مرض-كم يعاني من المشقة في الوصول إلى ما يصل إليه صحيحُ اليدين. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم