أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة والستون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والستون بعد المئة في موضوع الشكور وهي بعنوان : *شكر الله على نعمة الرجلين يقول الله تعالى: ﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [النور: 45]. أيها الناس، إن الخلق مظهر من مظاهر قدرة الله تعالى، وآية بديعة من آيات قوته وإتقان صنعه، والإنسان خلق من خلق الله جل وعلا أوجده سبحانه في هذه الدنيا تام الخلقة، مستوفي الأعضاء، جميل النشأة، حسن التصوير، فتبارك الله أحسن الخالقين. ومما خلق الله تعالى من الأعضاء للإنسان: آلة المشي، ففي الآية السابقة ذكر الله تعالى أن ماء الحياة هو أصلٌ لخلق كل ما يدب على هذه الأرض، وبعد ذلك بيّن تعالى وسيلة مشي هذه المخلوقات؛ فذكر أن منها ما يمشي على بطنه كالأفاعي، ومنها من يمشي على رجلين كالإنسان والطير، ومنها من يمشي على أربع كالأنعام. ومن نظر في آلة مشي الإنسان يرى أن الله تبارك وتعالى قد ميزه بتلك الآلة عن سائر المخلوقات، فخلق له رجلين اتصفتا بأحسن ما يمكن أن تكون عليه من الصفات؛ فقد خلقهما الله تعالى اثنتين ولم يكونا واحدة، وجعلهما متساويتين غير متباينتين، وجعلهما في أسفل البدن لا في أعلاه، وكونهما أحسن تكوين، فأنشأهما من لحم وعظم وعصب ودم، وجعل فيهما القوة التي بها يستطيع الإنسان حمل جسمه، والمشي بهما إلى مسافات بعيدة، ودفع ما يريد دفعه، وغير ذلك مما يحتاج فيه إلى قوة الرجلين. كما برأهما الله تعالى ليِّنتين ليستطيع بهما المرء سهولة الحركة وتنوع التصرف؛ فعليهما يمشي، وبهما يتسلق المرتفعات ويصعد العوالي، وعليهما يقعد أنواع القعدات، وغير ذلك من منافع لين الرجلين. وكوّن سبحانه وتعالى كل رِجل من قدم وساق وركبة وفخذ، وفي كل واحد من هذه الأجزاء أشياء دقيقة من الخَلق ليكمل انتفاع الإنسان بها، فسبحان الخالق القدير! أيها المسلمون، هذه منزلة الرجلين في الخلق والنفع، وأما منزلتهما في الشرع فإنهما فيه عضو ذو مكانة مهمة في بدن الإنسان؛ فلذلك رتب على الاعتداء عليهما القصاص في حال العمد: الرجل بالرجل واليمنى باليمنى واليسرى باليسرى، وفي حال الخطأ وشبه العمد رتب على ذلك عوضًا ماليًا، ففي الرجلين كلتيهما الدية كاملة، وفي كل رجل نصف الدية، وفي كل أصبع عشر من الإبل، قال الله تعالى: ﴿ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ ﴾ [المائدة: 45]. وفي حديث عمرو بن حزم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وفي كل أصبع من أصابع اليد والرجل عشر من الإبل)[ رواه النسائي، وهو صحيح بشواهده.] عباد الله، ليتأمل الإنسان في نعمة الله عليه بالرجلين حتى يدرك عظم منة الله عليه بهما، فبرجليه يعيش حياة طبيعية مستقرة؛ يمشي بهما إلى حيث يشاء، ويتحرك كيف يشاء، ويلبس ما يشاء، ويمدهما ويثنيهما، ويرفعهما ويخفضهما، ويستعين بهما في صلاح عيشه الدنيوي كما يريد، ويتجمل بهما بين الناس بلا تعيير ولا نعت انتقاص يكدر خاطره، ويؤذي شعوره. ولينظر نظرة أخرى إلى من أصيب في رجليه ببتر أو عرج أو عاهة أو ألمٍ كم يجد من العناء والنصب، ويفقد من المصالح والمنافع، ويلاقي من الضرر، ويخسر من المال والعافية، وكم يشتاق أن يكون ذا رجلين صحيحتين حتى يصل بذلك إلى ما يتمناه. ألا فليستيقظ الإنسان الغافل الصحيح الرجلين بعد هذا ليشكر الله على هذه النعمة، قبل أن لا يذكر قدرها إلا بعد إصابته بها، نسأل الله السلامة للجميع. وإن من شكر الله تعالى على نعمة الرجلين السليمتين: استعمالهما فيما يحب الله تعالى، وإبعادهما عما يكره ويسخط. سئل أبو حازم رحمه الله فقيل له: " فما شكر الرجلين؟ قال: إن رأيتَ ميتًا غبطتَه استعملت بهما عمله، وإن رأيت ميتًا مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله عز وجل"[ حلية الأولياء (3/ 243).] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم