أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والخمسون بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والخمسون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي بعنوان : *شكر السَّمع وقال تعالى مبينًا أن القرآن حجج وبراهين وهدى، آمراً بالاستماع له والإنصات لحروفه المشرقة: ﴿ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [الأعراف: 203] ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204]. وكم لاستماع القرآن من أثر على النفوس والقلوب، عن عبد الله بن مسعود قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ( اقرأ عليّ ). قلت: يا رسول الله، آقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: ( نعم ). فقرأت سورة النساء حتى أتيت إلى هذه الآية: ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء:41]. قال: (حسبك الآن). فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان[ متفق عليه.] عن الفضل بن موسى قال: "كان الفضيل بن عياض شاطراً [ يعني: قاطعًا للطريق.] يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس، وكان سبب توبته : أنه عشق جارية فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع تاليًا يتلو: ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ﴾ [الحديد: 16].قال: فلما سمعها قال: بلى -يا رب- قد آن، فرجع، فآواه الليل إلى خربة وإذا فيها سابلة فقال بعضهم: نرتحل، وقال بعضهم: حتى نصبح؛ فإن فضيلاً على الطريق يقطع علينا، قال: ففكرت وقلت: أنا أسعى بالليل في المعاصي، وقوم من المسلمين ههنا يخافونني! وما أرى الله ساقني إليهم إلا لأرتدع، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي مجاورة البيت الحرام"[ شعب الإيمان، البيهقي (5/ 468).] أما من سمع القرآن ولم ينصت له ولم يفتح إلى قلبه قناة انتفاع به فلن يؤثر عليه كحال المشركين الذين قال الله تعالى عنهم: ﴿ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ ﴾ [البقرة: 18]، وقال: ﴿ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ﴾ [الأنبياء: 2]. ولكن زعماء المشركين لما علموا عظم تأثير القرآن على مستمعيه تواصوا بعد سماعه، قال تعالى: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ﴾ [فصلت: 26]. أيها الأحباب الكرام، ومن أصوات الحق التي ينبغي أن يصغى لها: صوت الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لما أنه مات عليه الصلاة والسلام فإن علينا أن نسمع سنته ونعيها ونتبعها ونبلغها، فرب مبلَّغ أوعى من سامع، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نضر الله امرأً سمع منا شيئًا فبلغه كما سمعه، فربَّ مبلَّغ أوعى من سامع)[ رواه أبو داود والترمذي وابن حبان، وهو صحيح.] فعلى المسلم أن يحرص على سماع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعمل به ويستجيب لما يدعو إليه، وليحذر أن يسمعه ويعرض عن العمل بما فيه متجهًا إلى العمل بخلاف ما يدعو إليه فيكون حاله كحال المشركين الذين قال الله عنهم: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 171]. ومما ينبغي الاستماع له والإصغاء إليه: صوت العلم النافع الذي ينير للإنسان طريق الهدى، ويعرفه صواب الأفكار والأعمال والأقوال. ومن العلم النافع: الاعتبار بأحوال الأمم، وهي عظات ترغِّب في الخير وتحذر من الشر، فالله تعالى ذكر في سورة ق عواقب بعض الأمم المكذبة ثم قال عقب ذلك: ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37]. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم