أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والخمسون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *نعمة الكلام وكيف شكرها وقالوا: "من كثر لغطه كثر غلطه". ثانيا: بالقول الحسن: فهو أدب عال أخذ به الله تعالى أهل الديانات جميعا، فهو من حقيقة الميثاق المأخوذ على بني إسرائيل في عهد موسى عليه السلام، قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّـهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ} [البقرة:83]. فالكلام العف الطيب يصلح مع العدو والصديق. فيكون من أثره مع الصديق: حفظ المودة، واستدامة الصداقة، ويضعف كيد الشيطان. قال تعالى: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا} [الإسراء:53]، فالشيطان يجعل من الخلاف التافه نزاعًا داميًا، والقول الجميل يسد عليه الطريق، {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ} [المائدة من الآية:91] عن جابر قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ». مسلم [4/166] (الموسوعة الشاملة). ومع الأعداء، فهو يطفئ نار خصومتهم ويكسر حدته ويدفع شرورهم. قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت:34]، وقد عايشنا قصصا لأناس ظاهروا العداء للإسلام وبعدما عاينوه من حسن خلق باتوا من أشد المدافعين والمناصرين للإسلام. فمن يتذكر صورة عمر رضي الله عنه وهو يسل سيفه يريد رسول الله، ثم يتحول ليكون الفاروق يعرف قدر مقابلة الإساءة بالحسنى، وفي هذا المقام الكثير من القصص. - ولطف التعبير يصلح مع الناس مع اختلاف أحوالهم. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «إنَّكَم لن تَسَعُوا الناسَ بأموالِكم، ولكن يَسَعُهم منكم بسطُ الوجهِ وحسنُ الخُلُقِ». ابن حجر العسقلاني (فتح الباري) [ص10/474]. بل يرى الإسلام الحرمان مع القول الحسن أفضل من العطاء مع البذاءة. قال تعالى: {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى ۗ وَاللَّـهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة:263]. - كما أنه من متطلبات الدعوة {ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل من الآية:125]، {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [العنكبوت من الآية:46]. ثالثا: التنزه عن مخاطبة السفهاء (مداراة السفهاء): انظر إلى تعويد اللسان القول الحسن، "روى مالك عن يحيى بن سعيد: أن عيسى عليه السلام مر بخنزير على الطريق، فقال له: أنفذ بسلام، فقيل له: أتقول ذلك لخنزير؟!، فقال: إني أخاف أن أعود لساني النطق السوء". (الأخلاق) للغزالي. "بل إن القول الحسن ولطيف الكلام من صفات الأنبياء والمرسلين وأصحاب المروءة فهم يترفعون عن البذيء من القول كما يترفعون عن مخاطبة السفهاء ؛ فمن الناس من يعيش صفيق الوجه شرس الطبع سليط اللسان لا يحجزه عن المباذل يقين، ولا تلزمه المكارم مروءة عديم الحياء، فإذا وجد مجالًا للحديث أطلق لسانه بالفحش والبذاءة لا يوقفه شيء، والرجل النبيل لا ينبغي أن يشترك مع أمثال هؤلاء في حديث؛ فإن استثارة نزقهم فساد كبير وسد ذريعته واجب شرعي". (الأخلاق) للغزالي. حدث أن وقف رجل من أولئك الجهال أمام بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ يريد الدخول، فرأى النبي أن يحاسنه حتى صرفه، ولم يكن من ذلك بد فالحلم فدام السفيه ولو تركه يسكب ما في طبيعته الفظة لسمع ما تنزهت عنه أذناه. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم