أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والخمسون بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والخمسون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *نعمة الكلام وكيف شكرها واعلم أن للكلام شروطًا لا يسلم المتكلم من الزّلل إلا بها، ولا يعرى من النقص إلا بعد أن يستوفيها، وهي أربعة- كما بينها الماوردي (نضرة النعيم)-: الشرط الأول: أن يكون الكلام لداع يدعو إليه، إمّا في اجتلاب نفع، أو دفع ضرر. الشرط الثاني: أن يأتي به في موضعه. الشرط الثالث: أن يقتصر منه على قدر حاجته. الشرط الرابع: اختيار اللفظ الذي يتكلم به، لأن اللسان عنوان الإنسان. - الصمت: "وعندما يريد الإنسان أن يصفى ذهْنَهُ، ويرتب أفكاره يرْكُنُ إلى الهدوء، والعزلة أحيانًا، ولا جرم أن الإسلام يوصى بالصمت ويعده وسيلة مهذبة للتربية". (الأخلاق) للغزالي. وللصمت فوائد منها: أنها مطردة للشيطان، وعون على أمر الدين، واستقامة للإيمان، ونجاة من النيران. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصحًا أبا ذر: «عليك بطُولِ الصَّمتِ، فإنَّه مطرَدةٌ للشَّيطانِ، وعونٌ لك على أمرِ دِينِك». المنذري (الترغيب والترهيب) ص:[4/23]. فاللسان حبل مرخى بيد الشيطان إن لم يملك الإنسان أمره كان مُدْخِلاً للنفايات التي تلوث القلب وتضاعف فوقه الحجب. وقال رسول الله: «لا يَسْتَقِيمُ إِيمانُ عبدٍ حتى يَسْتَقِيمَ قلبُهُ، ولا يَسْتَقِيمُ قلبُهُ حتى يَسْتَقِيمَ لسانُهُ». [الألباني (صحيح الترغيب) ص[2865]، وأول مراحل الاستقامة أن يرح الإنسان نفسه مما لا يعنيه «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ». الترمذي [4/558]. وقال معاذ بن جبل: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فكان مما قاله رسول الله ناصحًا معاذ: «ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟». قُلْت: بلى يا رسولَ اللهِ. قال: فأخذ بلسانه وقال: «كُفَّ عليك هذا». فقُلْت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال:«ثكلتك أمك يا مُعاذٍ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم». الترمذي [5/12] (الموسوعة الشاملة). وروى الترمذي أن رسول الله قال: «من صمت نجا». الترمذي [2503]، انظر موسوعة أطراف الحديث النبوي [8/387]، إحياء علوم الدين [3/108]). والإسلام يوجهنا إلى أدب الحديث: أولا: بالبعد عن اللغو: فهو من أركان الفلاح، ودلائل الاكتمال، وقد ذكره الله تعالى بين فريضتين محكمتين (الصلاة والزكاة)، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ . وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون:1-4]. ولو أحصى العالمُ ما يُشْغِلُ أفرادهُ من اللَّغو في القول، والعمل لراعه أن أكثر القصص المشهورة، والصحف المنشورة، والخطب، والإذاعات، والفضائيات لغو مطرد تتعلق به الأعين، وتميل إليه الآذان، ولا ترجع بشيء، والإسلام يكره اللغو لأنه يكره سفاسف الأمور؛ فهو مضيعة للعمر في غير ما خُلِق الإنسان من أجله وهو الجد والعمل، فبقدر بعد الإنسان عن اللغو تكون مكانته في الجنة. عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: تُوفِّي رجلٌ فقال رجلٌ آخرُ ورسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يسمَعُ: أبشِرْ بالجنَّةِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «أولا تدري؟ فلعلَّه تكلَّم فيما لا يعنيه أو بخِل بما لا ينقُصُه». المنذري (الترغيب والترهيب) ص[4/29]. فالبعد عن اللغو صفة من صفات عباد الله قال تعالى: {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا} [القصص من الآية:55]، {وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان:72]، وكذلك صفة من صفات الجنة قال تعالى:{لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا} [الواقعة:25]. واللاغي لضعف الصلة بين فكره ونطقه قد يلقى كلمة تكون سببا في هلاكه فالفرق بين الإيمان والكفر كلمة، وبناء البيت وهدمه كلمة، والسلم والحرب كلمة قال الشاعر: يموت الفتى من عثرة بلسانه *** وليس يموت المرء من عثرة الرجل (الأخلاق) للغزالي. وقال الشاعر: أحفظ لسانك أيّها الإنسان *** لا يلدغنّك إنّه ثعبان كم في المقابر من قتيل لسانه *** كانت تهاب لقاءه الشّجعان. (الأذكار) للنووي [ص298]. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم