أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الواحدة والخمسون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الواحدة والخمسون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي بعنوان : *نعمة الكلام وكيف شكرها على المسلم أن يسأل نفسه قبل التكلم: هل هناك مقتضى للكلام؟ فإن وجد تكلم وإلا فالصمت أولى، بل إنه يثاب على صمته. الحمد لله المنعم على عباده بنعم لا تعد ولا تحصى {وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّـهِ لَا تُحْصُوهَا} [النحل من الآية:18]، وشكر النعمة يكون بحسن استعمالها {لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم من الآية:7]، ونعمة الكلام من أجلِّ النعم التي أنعم الله بها على الإنسان وفضله بها عن سائر المخلوقات قال تعالى: {الرَّحْمَـٰنُ . عَلَّمَ الْقُرْآنَ . خَلَقَ الْإِنسَانَ . عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن:1-4]. وعلى قدر جلال النعمة يعظم حقها، ويستوجب شكرها، ويستنكر كنودها، وقد أرشدنا الإسلام إلى كيفية الاستفادة من هذه النعمة المسداة، فإنك لو ذهبت لتحصى كلام الناس لوجدت جله لغوًا ضائعًا، أو هذرًا مضيعًا، وما لهذا ركب الله تعالى الألسن في الأفواه. قال تعالى: {لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّـهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:114]، وقد بينت الآية الكريمة أن جُلّ الكلام لا خير فيه إلا من ثلاث: أمر بصدقة، أو معروف، أو إصلاح بين الناس، وهذه الثلاث لها أجر عظيم شريطة الإخلاص لله تعالى، ومن هنا فقد وضع الإسلام ضوابط للكلام منها: - مقتضيات للكلام: على المسلم أن يسأل نفسه قبل التكلم: هل هناك مقتضى للكلام؟ فإن وجد تكلم وإلا فالصمت أولى، بل إنه يثاب على صمته. عن ابنِ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما قال: سمِعتُه يقولُ: «خمسٌ لهنَّ أحسنُ من الدُّهْمِ المُوقَفةِ: لا تَكلَّمْ فيما لا يعنيك، فإنَّه فضلٌ ولا آمَنُ عليك الوِزرَ، ولا تَكلَّمْ فيما لا يعنيك حتَّى تجِدَ له مَوضعًا، فإنَّه رُبَّ مُتكلِّمٍ في أمرٍ يعنيه قد وضعه في غيرِ موضعِه فعُيِّب، ولا تُمارِ حليمًا ولا سفيهًا، فإنَّ الحليمَ يُقليك، وإنَّ السَّفيهَ يُؤذيك، واذكُرْ أخاك إذا تغيَّب عنك بما تحِبُّ أن يذكُرَك به، وأعْفِه ممَّا تُحِبُّ أن يُعفيَك منه، واعمَلْ عملَ رجلٍ يرَى أنَّه مجازًى بالإحسانِ مأخوذٌ بالإجرامِ». (الترغيب والترهيب) [4/26]. ولا يتأتى ذلك إلا إذا ملك الإنسان لسانه، فيلجمه حيث يريد الصمت، ويضبطه حيث المقال، أما الذين تقودهم ألسنتهم إنما تقودهم إلى مصارعهم، قال ابن مسعود: "والذي لا إله غيره لا أجد على ظهر الأرض من شيء أحوج إلى طول سجن من لسان". يقول الماوردي: "اعلم أن الكلام ترجمان يُعبّر عن مستودعات الضمائر، ويخبر بمكنونات السرائر، لا يمكن استرجاع بوادره، ولا يقدر على رد شوارده، فحق على العاقل أن يحترز من زللـه، بالإمساك عنه، أو بالإقلال منه". (نضرة النعيم- فضل الكلام والصمت). "فإن للثرثرة ضجيج يَذْهَبُ معه الرشد، فإن أكثر الذين ينحدرُ منهم الكلامُ يكاد يجزمُ مستمِعُهُم بأنهم لا يستمدون كلامَهُم من وعى يقظٍ" (الأخلاق) للغزالي. قال صالح بن عبد القدوس: وزن الكلام إذا نطقت ولا تكن *** ثرثارة في كل ناد تخطب قال الحسن بن هانئ: إنّما العاقل من *** ألجم فاه بلجام لذ بداء الصّمت خيـ *** ر لك من داء الكلام (الآداب الشرعية) [38]. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم