أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والأربعون بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والأربعون بعد المئة في موضوع الشكور وهي بعنوان : *نعمة الطعام و إكرامه و إطعامه من حكمة الله تعالى في خلق البشر أنه جعلهم يحتاجون إلى سدِّ أفواههم ، و ملء بطونهم ، و تسكين جوعهم بالطعام , و حَاجَةُ الإِنْسَانِ إِلَى الطَّعَامِ دَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَ أَسْرِهِ وَ حَاجَتِهِ إِلَى غَيْرِهِ ، وَ نِعْمَةُ الطَّعَامِ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ الَّتِي تَحْفَظُ الجِنْسَ البَشَرِيَّ مِنَ الانْقِرَاضِ ، فَلاَ حَيَاةَ لِلْإِنْسَانِ بِلاَ طَعَامٍ . و الله تعالى لما خلق البشر و جعل الطعام قوامًا لهم وسببا لاستمرار حياتهم رزقهم بأنواع المآكل ، قال تعالى :( فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ , أَنَّا صَبَبْنَا المَاءَ صَبًّا , ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا , فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا ) عبس , ثم عدد جل و علا أنواعًا من الطعام . و قال تعالى : ( وَ الأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَ مَنَافِعُ وَ مِنْهَا تَأْكُلُونَ ) النحل . و جعل سبحانه خلق الطعام لعباده دليلًا على ربوبيته و ألوهيته ، قال تعالى : ( قُلْ أَغَيْرَ الله أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ وَ هُوَ يُطْعِمُ وَ لَا يُطْعَمُ ... ) الأنعام . و قال تعالى على لسان نبينا ابراهيم عليه الصلاة و السلام معددًا دلائل ربوبية الله تعالى : ( الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ , وَ الَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَ يَسْقِينِ ) الشعراء . و لقد أباح ربنا سبحانه لعباده الطيب و الحلال من الطعام و نهاهم عن الخبيث و الحرام منه , قال تعالى :( يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) المائدة ، و قال تعالى : ( اليَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ) المائدة ،و قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) البقرة ، و جاء النص بحل طعام البحر حتى للمحرمين الذين يحرم عليهم الصيد (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَ طَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَ لِلسَّيَّارَةِ ) المائدة ،وجاء النهي الصريح في أن يحرم الإنسان على نفسه شيئًا من الطعام , قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَاتُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ و لا تعتدوا ) المائدة .. أيها المؤمنون , إن الطعام و الشراب من نعم الله سبحانه و تعالى الكثيرة على عباده , و لا بد من شكر هذه النعمة العظيمة شكرا يوازيها , قال تعالى : ( وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَ لَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ) إبراهيم , هذا الطعام الذي نأكله امتن الله سبحانه به علينا فقال : ( أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ , أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ , لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ) الواقعة , و قال تعالى : ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ,الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَ آمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ ) قريش , و جاء عن عبيدالله بن محصن رضي الله عنه , عن الحبيب عليه الصلاة و السلام في طعام يوم واحد : ( من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) أخرجه الترمذي . و انظروا إلى الذين عاقبهم الله سبحانه بالجوع لما كفروا نعمة الله تعالى : ( و ضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع و الخوف بما كانوا يصنعون ) النحل . بل إنه سبحانه و تعالى قد نهانا عن الإسراف في الطعام و الشراب فقال تعالى : ( و كلوا و اشربوا و لا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) الأعراف . و نهى سبحانه عن الطغيان فيه فقال : ( كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَ لَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى , وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى ) طه . فزَوَالُ النِّعَمِ مُرْتَهَنٌ بِالكُفْرِ ، و حِفْظَ النِّعَمِ مِنَ الزَّوَالِ مُرْتَهَنٌ بِطَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فِيهَا كَسْبًا وَ إِنْفَاقًا ، وَ شُكْرِهِ سُبْحَانَهُ عَلَيْهَا . و إِنَّ بَقَاءَ النِّعَمِ مُرْتَهَنٌ بِإِكْرَامِهَا ، وَ عَدَمِ الاسْتِهَانَةِ بِقَلِيلِهَا وَ لَوْ كَانَ حَبَّاتِ أَرُزٍّ ، أَوْ كِسْرَةَ خُبْزٍ ، أَوْ قَلِيلَ حِسَاءٍ ، أَوْ حَبَّةَ تَمْرٍ , فَمَنِ اسْتَهَانَ بِقَلِيلِ النِّعْمَةِ اسْتَهَانَ بِكَثِيرِهَا , و إِنَّ مَنْ نَظَرَ فِي أَطْعِمَتِنَا اليَوْمِيَّةِ وَ وَلاَئِمِنَا المَوْسِمِيَّةِ ، وَ احْتِفَالاَتِنَا الباذخة ، ثُمَّ قَارَنَ ذَلِكَ بِمَفْهُومِ السَّلَفِ لِلنِّعْمَةِ وَ إِكْرَامِهَا عَلِمَ أَنَّنَا نُهِينُ النِّعَمَ وَ لاَ نُكْرِمُهَا ، وَنَ كْفُرُهَا وَ لاَ نَشْكُرُهَا ، وَ نَتَسَبَّبُ فِي زَوَالِهَا لاَ اسْتِدَامَتِهَا . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم