أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التاسعة والعشرون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والعشرون بعد المئة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : * الملابس نعمة خص الله بها بني آدم من سائر المخلوقات من نعم الله العظيمة على بني البشر أن منَّ عليهم بالملابس، فهي نعمة عظمى ومنة كبرى، ولذا فإن الله عدها وذكرها في جملة نعمه العظيمة في سورة النحل المعروفة عند أهل العلم بسورة النعم لكثرة ما ذكر فيها من النعم على عباده، واللباس هو كل ما يلبس، ويعبر عنه العلماء بأنه كل ما يغطي الجسد، مما يلبسه الرجال والنساء، والهدف منه ستر العورات والتجمل عند الناس. الملابس خص الله بها بني آدم دون غيرهم من سائر المخلوقات، نعمة منه على عباده، بها يسترون عوراتهم، ويتقون الحر والبرد، حيث منّ على العباد بسرابيل، وهي القمصان من الكتان والقطن والصوف وغير ذلك يتقي بها العباد الحر والبرد، ويتجملون بلبسها ويوارون بها سوءاتهم، ولهذا قال الله تعالى ممتناً على عباده بهذه النعمة: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون)، «الأعراف: الآية 26». وتشير الآيات إلى أهمية الملابس التي تستر البدن، كما ترشد إلى أن خير ما يستر الإنسان به نفسه التقوى، لأنها تقي صاحبها من عذاب الله وغضبه، كما تقي الثياب الجسد من الحر والبرد. *مظاهر : هذه النعمة وصفها الله تعالى بأنها منزلة، قال العلامة ابن عاشور في التحرير والتنوير، سمى ربنا سبحانه تيسير اللباس لهم وإلهامهم إياه إنزالاً، لقصد تشريف هذا المظهر، وهو أول مظاهر الحضارة. قال ابن كثير، يمتن الله على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش، فاللباس ستر العورات وهي السوءات، والريش ما يتجمل به ظاهراً، فالأول من الضروريات والريش من التكملات. وجاء في تفسير القرطبي، هذه الآية دليل على وجوب ستر العورة، ومن جملة الإنعام، فبين أنه سبحانه جعل لذرية آدم ما يسترون به عوراتهم، ودل على الأمر بالستر، ولا خلاف بين العلماء في وجوب ستر العورة عن أعين الناس. *ستر العورة : ويُذكر الله بني آدم بنعمته عليهم في تشريع اللباس والستر، صيانة لإنسانيتهم من أن تتدهور إلى عرف البهائم، وفي تمكينهم منه بما يسر لهم من الوسائل، وقال عن نعمة الملابس: (وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم)، «النحل: الآية81»، وتلك ملابس الحر وملابس الحرب. وستر الجسد والعورة ليس مجرد عرف وعادة إنما فطرة خلقها الله في الإنسان، وشريعة أنزلها الله للبشر ويسر لهم تنفيذها بما سخر لهم في الأرض من مقدرات وأرزاق، فاللباس ستر للمرء وجمال وزينة ونعمة من الله عظيمة، به يتجمل ويستر السوءة ويواريها ويتقي الحر والبرد، والشيطان يكيد للإنسان كيداً عظيماً ليجرده من لباسه وليكشف عورته، وليجرده من حيائه وحشمته. *طواف : وكان العرب قبل الإسلام يطوفون حول الكعبة وهم عراة، يقصدون بذلك أن يتجردوا من كل الثياب التي عصوا الله فيها، فأتى الإسلام وأكد أن العبرة بطهارة الجوهر مع التحلي بالزينة المناسبة، قال تعالى: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)، «الأعراف: الآية 31»، فأمر الله بالتزين عند كل مسجد، وقال العلماء يعني عند كل صلاة، كلما ذهبنا إلى المسجد أو كلما صلى المسلم حتى في بيته ينبغي أن يقف بين يدي الرحمن بلباس حسن نظيف يكون زينة له. هناك تلازم في القرآن بين اللباس لستر العورات والزينة، وبين تقوى الله عز وجل، فكلاهما لباس، هذا يستر عورات القلب ويزينه ويحميه، وذاك يستر عورات الجسم ويزينه ويحميه، قال تعالى: (ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون)، فإذا تلبس القلب بتقوى الله والحياء منه انبثق شعور باستقباح العري والخلاعة، ومن لا يستحي من الله، لا يهمه أن يتعرى وأن يدعو إلى العري، فما أنزل الله لنا من أنواع الملبوسات نعمة عظيمة يجب شكرها والتأدب بآدابها. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم