أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية والعشرون بعد المائة في الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية والعشرون بعد المئة في موضوع الشكور وهي بعنوان : مكانة الأمن ، وأسباب غياب نعمة الأمن إنَّ مكانة الأمن كبيرة، وكان نبيُّكم صلَّى الله عليه وسلَّم إذا دخل شهرٌ جديد ورأى هلاله سأل الله أنْ يجعَلَه شهر أمن وأمان، فيقول: ((اللهمَّ أهلَّه علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لما تحبُّ وترضى))؛ أخرجه الترمذي. وفي الحديث الآخر يُذكِّر صلَّى الله عليه وسلَّم الناس بهذه النعمة فيقول: ((مَن أصبح منكم آمنًا في سِربِه، مُعافًى في جسده، عنده قوتُ يومه - فكأنما حِيزَتْ له الدنيا))؛ أخرجه الترمذي. 3- أسباب غياب نعمة الأمن: إنَّ الله عزَّ وجلَّ سَنَّ سننًا في كونه، وحدَّ حُدودًا في شرعه، مَن خالَفَها أو تجاوزها فلا يلومنَّ بعد ذلك إلاَّ نفسه، ومِن ذلك أنَّه - سبحانه وتعالى - جعَلَ هناك حُدودًا، وأمر عِباده بحِفظ أشياء لو ضيَّعوها ولم يحفَظُوها كان عِقابهم سَلب الأمن منهم، فلننبِّه على بعض منها، فإذا كنَّا واقعين فيها نتدارَك ذلك بتوبةٍ نصوح، قبل أنْ يحلَّ بنا ما حلَّ بغيرنا،وإنْ لم نكنْ واقعين بها فالحمد لله،ولنحذَرْها ونتوقَّاها. أيها المسلمون، لقد أنعَمَ الله على كثيرٍ من الأمم بنعمة الأمن، لكنهم لَمَّا كفروا بنعمة الله وأعرَضُوا عن شرع الله، عاقبهم الله فبدَّل أمنهم خوفًا، فلا تسلْ عمَّا يحلُّ بهم بعد ذلك. يقول سبحانه: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]. إنَّ دَوام النِّعَمِ وشُكرها مُقتَرنان، فكُفر النعمة يُعرِّضها للزَّوال، فالذنوب مُزيلةٌ للنِّعَم، وبها تحلُّ النِّقم؛ قال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأنفال: 53]. وقال سبحانه عن سبأ: ﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ * فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ﴾ [سبأ: 18 - 19]. إنَّ من الخطَأ قصرَ مفهوم الأمن على نِطاقٍ ضيِّق متمثِّل في مجرَّد حماية المجتمع من السرقة أو النَّهب أو القتل وأمثال ذلك، فمفهوم الأمن أعمُّ من ذلكم وأجلُّ، إنَّه يشمل التمسُّك بعقيدة التوحيد والبُعد عن الشرك وموالاة الأعداء، وتنحية شرع الباري - جلَّ شأنه - عن واقع الحياة، أو مزاحمة شرع الله بشرع غيره؛ ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾ [آل عمران: 83]. الأمن بمفهومه الشامل يتمثَّل في حماية المجتمعات وحِفظها من الوُقُوع في الشبُهات والشهوات عبر دُعاة التغريب وما يبثُّ عبر الصحف والقنوات. أيها المسلمون، إنَّ الأمن على العقول لا يقلُّ أهميَّة عن أمن الأرواح والأموال، فكما أنَّ للأرواح والأموال لصوصًا، فإنَّ للعقول لصوصًا كذلك، ولصوص العقول أشدُّ خطرًا وأنكى جرحًا من سائر اللصوص. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم