أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثانية بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية بعد المئة في موضوع الشكور وهي بعنوان : *نعمة الهداية والثبات عليها أخبر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ بين يدي الساعة فِتنًا كقِطع الليل المظلِم، يُصبح الرجل فيها مؤمنًا، ويُمسي كافرًا، يبيع أقوامٌ دِينَهم بعَرَض من الدنيا قليل؛ رواه الحاكم، وإنَّنا - أيُّها المسلمون - نعيش في هذه الأيَّام في فتن تلاطمت، وشُبَه انتشرت، وأنواع من الرِّدة لم نعهدْها خرجت، حتى أصبح المرءُ يخشى على نفسه الضلالةَ بعد الهداية، والحَوْرَ بعدَ الكَوْر. لقد ازدادتِ الحاجة إلى معرفة نِعمة الهداية، وتوفيق الله للمرء بالثبات عليها؛ لأنَّنا جميعًا - إلاَّ مَن رحم الله - جمعْنا بين تقصيرٍ في طاعة الله، وأَمْن من عقابه، في زمن تعدَّدت فيه وتنوَّعت الشهواتُ والشبهات، ولقد كان سلفُنا الصالح يجمعون بين طاعة الله، والخوف على أنفسهم من الزَّيْغ في مجتمع يعينهم على ذِكْر الله - سبحانه - فما أحرانا أن نقتديَ بهم. إنَّ سلوك طريق الهداية نعمةٌ يُنعِم الله بها على مَن يشاء من عبادِه، ولذا نرى الكثيرَ من أتباع هذا الدِّين ومِن غيره يتمنَّوْن الهدايةَ الحقَّة إلى الطريق المستقيم، ولكن لا يُوفَّقون لها، وتَحُول بينهم وبين الهداية العوائقُ؛ يقول ابن الجوزي - رحمه الله -: "تفكَّرْتُ في سبب هداية مَن يهتدي، وانتباه مَن يتيقظ مِن رقاد غفلته، فوجدتُ السببَ الأكبر اختيار الحقِّ - عز وجل - لذلك الشَّخْص، كما قيل: إذا أرادك لأمر هيَّأك له". إنَّ الهِداية في بدايتها بيانٌ للحقِّ، ودلالةٌ إليه، ثم إذا سَلَكها المرءُ جاء دورُ الهداية التالية، وهي هدايةُ التوفيق، وقد أنعم الله علينا بسلوك طريقِ الهداية إلى الدِّين القويم بدعوة الرسل - عليهم الصلاة والسلام - وبَقِي على المرء أن يسأل ربَّه بعدَ أن أكْرمه بالهداية الأولى أن يَمُنَّ عليه بأنواع الهداية الأخرى، والتي أوصلَها ابنُ القيم - رحمه الله - في "مدارج السالكين" إلى عشر مراتب. يقول ابن سعدي - رحمه الله تعالى - تعليقًا على قوله - سبحانه -: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]: "أي: دُلَّنا وأَرشِدْنا إلى الصراط المستقيم، وهو معرفة الحقِّ والعمل به، فهي هدايةُ الصراط، وهداية في الصراط، الهداية إلى الصراط لزوم دِين الإسلام، وترْك ما سواه من الأديان، والهداية في الصراط تشمل الهدايةَ لجميع التفاصيل الدِّينيَّة علمًا وعملاً، فهذا الدُّعاء من أجمعِ الأدعية، وأنفعها للعبد، ولهذا وَجَب على الإنسان أن يدعوَ به في كلِّ ركعة من صلاته؛ لضرورتِه إلى ذلك". إنَّ حاجتَنا للهداية والثبات عليها لا تقتصر على الدنيا فقط، بل يمتدُّ أثرُها ونفعها لِمَن وفَّقه الله إليها إلى يوم القيامة؛ يقول ابن القيم - رحمه الله -: "وللهداية مرتبة أخرى - وهي آخِر مراتبها - وهي الهداية يومَ القيامة إلى طريق الجنة، فمَن هُدِي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم، هُدي هناك إلى الصراط المستقيم للوصول إلى جنَّتِه ودار ثوابه، وعلى قدْر ثبوت قدَمِ العبد على هذا الصراط الذي نصَبَه الله لعباده في هذه الدار، يكون ثبوتُ قدمه على الصراط المنصوب على مَتْن جهنم، وعلى قدْر سَيْرِه على هذا الصراط يكون سَيرُه على ذلك الصراط، فمنهم مَن يمرُّ كالبَرْق، ومنهم من يَمرُّ كالرِّيح، ومنهم من يَسعى سعيًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يحبو حبوًا، ومنهم المخدوش المسلَّم، ومنهم المكردس في النار، فلينظرِ العبدُ سيرَه على ذلك الصراط من سَيرِه على هذا، حذوَ القُذَّة، جزاءً وفاقًا؛ ﴿ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [النمل: 90]، ولينظرِ الشبهات والشهوات التي تعوقُه عن سَيْره على هذا الصراط، تخطفه وتعوقه عن المرورعليه،فإذا كثَرُت هنا وقويت ، فكذلك هي هناك؛ ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]". إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم