أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والسبعون في موضوع الشكور وهي بعنوان : *نعمة المال وكيفية شكرها وهكذا -أيضا- ذكر الله -تعالى- من أهل الدنيا قوم سبأ، قوم سبأ ذكروا في سورة سبأ في قول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ } ذكروا أن الأشجار يستظل بها الإنسان، ولو مسيرة يوم، أو يومين، لا يمسه شمس، إذا مشى تحت تلك الأشجار، وذكروا أن المرأة تجعل الزمبيل على رأسها، وتمشي تحت الشجر، فتحرك الشجر، فتحرك أغصانه بذلك الزمبيل؛ فيتساقط فيه الثمر؛ حتى يمتلئ الزمبيل من الثمر دون أن تقتطف منه شيئا؛ ذلك لكثرته {بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا } لما أنهم لم يشكروا نعم الله -تعالى- {فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } لما أنهم لم يشكروا نعم الله، مزقهم الله -تعالى- كل ممزق؛ أرسل عليهم السيل، فجرف بلادهم، وقلع أشجارهم، وقلع سدودهم، فتفرقوا أيادي سبأ. هذا من آثار كفر نعم الله -عز وجل-. لا شك أن ربنا -سبحانه وتعالى- فتح علينا في هذه الأزمنة، ما فتحه من الدنيا؛ وإن كان هناك كثير يشتكون القلة، والفقر، والفاقة؛ ولكن هناك -أيضا- جمع كثير عندهم أموال طائلة، وعندهم ما قد أنعم الله -تعالى- عليهم، وأعطاهم من المال ما هو زائد على حاجتهم، فعليهم أن يعترفوا بأن هذا فضل الله، وأن يشكروه على هذه النعمة، وأن يعتقدوا أن ذلك ليس لأجل كرامتهم ؛ ولكنه من باب الاختبار، اختبار لهم وامتحان لهم، هل يؤدون شكره أم لا؟ فإذا أدوا شكره؛ فإن ربنا -سبحانه- يزيدهم منه؛ قال الله تعالى: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } فأخبر بأنه أنعم عليهم، وأنه تأذن لمن شكر بالزيادة، إذا شكروا نعم الله تعالى؛ فإن الله -تعالى- يثبتها عليهم، ويزيدهم منها، ويسبغ عليهم نعمه؛ كما أخبر بذلك في قوله تعالى:{ أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً }فعليهم أن يعترفوا بها، وأن يشكروا ربهم على ذلك. ثم نقول: كيف يكون شكر هذه النعمة؟ وكيف يكون كفرها؟ وذلك لأن الكثير يعملون أعمالا فيها شيء من كفران النعم، ولا يعتقدون أن هذا سبب في إزالتها، وأنه من كفرها!. فنقول: المال الذي يعطيه الله -تعالى- الإنسان -قليلا أو كثيرا- يعلم أن لله عليه فيه حقوقا؛ فيبدأ بحقوق الله -تعالى- عليه، وكذلك أن لأهله عليه فيه حقوقا؛ فيؤدي حقوق أهله وغيرهم، ثم يعلم بعد ذلك أن لإخوانه الفقراء ونحوهم عليه حقوقا؛ فيؤدي تلك الحقوق، ثم يقتصد بعد ذلك في نفقته، ويجتنب إفساد ذلك المال؛ حتى إذا رأى وجها من وجوه البر صرفه فيه؛ فبذلك لعله يكون من الشاكرين. حقوق الله -تعالى- مثل: الزكوات، والكفارات، والنذور، وما أشبهها. هذه لا بد أن الإنسان يخرجها من ماله؛ حتى يبارك له فيما بقي، فيحاسب نفسه، يحسب على نفسه ماذا أوجب الله علي في هذا المال؟ علي فيه كذا.. وكذا من الزكوات، وكذا.. وكذا من النذور والكفارات؛ فيبدأ بها، ويؤديها كاملة غير منقوصة؛ وذلك من حقوق الله. كذلك -أيضا- حقوق أهله: ينفق عليهم؛ كما قال الله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }وقال تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسا إِلَّا مَا آتَاهَا } فينفق على أولاده؛ ولكن نفقة اقتصاد،فيعطيهم حاجاتهم في المآكل، والمشارب ، والملابس، والمساكن، وما أشبهها؛ فإذا أدى حقوقهم، عرف بذلك أنه أدى حقّا واجبا عليه. وكذلك -أيضا- سائر الحقوق التي تجب عليه، وبعد ذلك يعرف أن للمسلمين عليه حقا، أن للفقراء والمساكين، والضعفاء، والمستضعفين، أن عليه حقوقا لهم؛ فيعطيهم، وينفق عليهم؛ فيصل ذوي الأرحام، وينفق على ذوي القربى، وينفق على المساكين والمستضعفين. وكذلك -أيضا- يطعم من يراه أهلا للإطعام، من جار أو صديق أو رفيق أو ما أشبه ذلك. فذلك كله من شكر نعم الله -تعالى- وأداء الحقوق عليه؛ لعل ذلك يكون سببا في البركة، سببا في أنه يبارك الله -تعالى- له فيما أبقى، ويزيده خيرا، ويخلف عليه، يتذكر قول الله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ أي: ما أنفقتموه في وجوه البر، وفي وجوه الخير، في الطاعات، وفيما يحبه الله، وفيما يرضاه؛ فإن ذلك من الخير؛ فإن ذلك سبب للبركة، وسبب لنماء الأموال ووقوع البركة فيها؛ ولهذا وردت الأدلة في الترغيب في الصدقات، وما أشبهها، وأنها سبب لبقاء المال . إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم