أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التاسعة والستون في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة والستون في موضوع الشكور وهي بعنوان : *وقفات مع الآيات: المال والبنون زينة وتفاخر في الحياة الدنيا : الفتنة الفتنة: هي البلاء والمحنة؛ لأنهم يوقعون في الإثم والعقوبة، ولا بلاء أعظم منهما. وقد شاهدنا مَنْ ذكر أنه يشغله الكسب والتجارة في أمواله حتى يصلي كثيراً من الصلوات الخمس فائتة. وقد شاهدنا من كان موصوفاً عند الناس بالديانة والورع، فحين لاح له منصب وتولاَّه، استناب من يلوذ به من أولاده وأقاربه، وإن كان بعض من استنابه صغير السن قليل العلم سيئ الطريقة. ونعوذ بالله من الفتن. وقُدِّمت الأموال على الأولاد لأنها أعظم فتنة (البحر المحيط: [8/209]). والفتنة ليست مذمومة في ذاتها؛ لأن معناها اختبار وامتحان، وقد يمر الإنسان بالفتنة وينجح؛ كأن يكون عنده الأموال والأولاد، وهم فتنة بالفعل فلا يغرُّه المال؛ بل إنه استعمله في الخير، والأولاد لم يصيبوه بالغرور ؛ بل علمهم حمل منهج الله، وجعلهم ينشؤون على النماذج السلوكية في الدين؛ لذلك فساعةَ يسمع الإنسان أي أمر فيه فتنة فلا يظن أنها أمر سيئ؛ بل عليه أن يتذكر أن الفتنة هي اختبار وابتلاء وامتحان، وعلى الإنسان أن ينجح مع هذه الفتنة؛ فالفتنة إنما تضر من يخفق ويضعُف عند مواجهتها. والكافرون لا ينجحون في فتنة الأموال والأولاد، بل سوف يأتي يوم لا يملكون فيه هذا المال، ولا أولئك الأولاد؛ وحتى إن ملكوا المال فلن يشتروا به في الآخرة شيئاً، وسيكون كل واحد من أولادهم مشغولاً بنفسه. إن الكافر من هؤلاء يخدع نفسه ويغشُّها، ويغتر بالمال والأولاد وينسى أن الحياة تسير بأمر من يملك الملك كلَّه، إن الكافر يأخذ مسألة الحياة في غير موقعها؛ فالغرور بالمال والأولاد في الحياة أمر خادع؛ فالإنسان يستطيع أن يعيش الحياة بلا مال أو أولاد. ومن يغتر بالمال أو الأولاد في الحياة يأتي يوم القيامة ويجد أمواله وأولاده حسرة عليه، لماذا؟ لأنه كلما تذكَّر أن المال والأولاد أبعداه عما يؤهله لهذا الموقف فهو يعاني من الأسى ويقع في الحسرة. ويقول الحق سبحانه عن هذا المغتر بالمال والأولاد وهو كافر بالله: {وأولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة من الآية:39]، وهذا مصير يليق بمن يقع في خديعة نفسه بالمال أو الأولاد (الشعراوي: [1142]). إن فتنة الأموال والأولاد عظيمة لا تخفى على ذوي الألباب؛ إذ أموال الإنسان عليها مدار معيشته وتحصيل رغائبه وشهواته، ودفع كثير من المكاره عنه؛ من أجل ذلك يتكلَّف في كسبها المشاقَّ ويركب الصعابَ ويكلفه الشرع فيها التزامَ الحلال واجتنابَ الحرام ويرغِّبه في القصد والاعتدال، ويتكلَّف العناء في حفظها، وتتنازعه الأهواء في إنفاقها، ويفرض عليه الشارع فيها حقوقاً معيَّنة وغير معيَّنة: كالزكاة ونفقات الأولاد والأزواج وغيرهم. وأما الأولاد فحبُّهم مما أودع في الفطرة؛ فهم ثمرات الأفئدة وأفلاذ الأكباد لدى الآباء والأمهات، ومن ثَمَّ يحملهما ذلك على بذل كل ما يستطاع بذله في سبيلهم: من مال وصحة وراحة. فحب الولد قد يحمل الوالدين على اقتراف الذنوب والآثام في سبيل تربيتهم والإنفاق عليهم وتأثيل الثروة لهم، وكل ذلك قد يؤدي إلى الجبن عند الحاجة إلى الدفاع عن الحق أو الأمة أو الدين، وإلى البخل بالزكاة والنفقات المفروضة والحقوق الثابتة، كما يحملهم ذلك على الحزن على من يموت منهم بالسخط على المولى والاعتراض عليه إلى نحو ذلك من المعاصي: كنوح الأمهات وتمزيق ثيابهن ولطم وجوههن. وعلى الجملة ففتنة الأولاد أكثر من فتنة الأموال؛ فالرجل يكسب المال الحرام ويأكل أموال الناس بالباطل لأجل الأولاد. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم