أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والخمسون في موضوع الشكور وهي بعنوان : الصبر والشكر هما الإيمان والله عزَّ وجلَّ جمع بينهما في كتابه، فقال: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } [إبراهيم:5] .فالصبر والشكر هما الإيمان، تأمل قوله صلى الله عليه وسلم:" عَجِبْتُ لِلْمُسْلِمِ، إِذَا أَصَابَتْهُ مُصِيبَةٌ احْتَسَبَ وَصَبَرَ، وَإِذَا أَصَابَهُ خَيْرٌ حَمِدَ اللَّهَ وَشَكَرَ، إِنَّ الْمُسْلِمَ يُؤْجَرُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، حَتَّى فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى فِيهِ "صححه الإمام الألباني وهذا هو مقتضى الحديث الصحيح الآخر: " عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" صححه الإمام الألباني ، فالإيمان إذاً نصفه صبر ونصفه شكر، فكيف يكون ذلك؟ الصبر عن المعاصي، وعما يغضب الله، وكف النفس عن ذلك؛ هذا نصف الدين، الشكر، وهـو القيـام بفعـل المـأمـورات وهـو نصفـه الآخر،وَهـَـلِ الـدِّيـِـنُ إلَّا أَمْــرٌ وَنَـهْــيٌّ! بلغ من منزلة الشكر، ومن عظمة هذه العبادة الجليلة أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل المراد من خلق الخلق أن يشكروه، فقال الله عز وجل: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} البقرة:152، فجعل ذكره وشكره هما الوسيلة والعون على الوصول إلى رضاه سبحانه وتعالى، وقسَّم الناس إلى شكور وكفور، وأبغض الأشياء إليه سبحانه أهل الكفر، وأحب الأشياء إليه سبحانه الشكروأهله،قال الله تعالى عن الإنسان:{ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } [الإنسان:3]، وقال نبي الله سليمان: { هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } [النمل:40]، وقد تعهَّد الله ووعد بالسيادة لمن شكر، فقال الله عز وجل: { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [إبراهيم:7]، والله سبحانه وتعالى يقابل بين الشكر والكفر في أكثر من موضع، فيقول:{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران:144]، والله عز وجل علق كثيراً من الجزاء على مشيئته، فقال مثلاً: { فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ } [التوبة:28]، وقال:{فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ} [الأنعام:41]، وفي الرزق قال:{يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ } [البقرة:212]، وفي المغفرة قال: { يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} [آل عمران:129]، وقال في التوبة:{ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ } [التوبة:27] أما جزاء الشكر فقد أطلقه إطلاقاً ولم يعلقه بمشيئته، فقال سبحانه وتعالى: { وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ } [آل عمران:145]، وقال: { وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ } [آل عمران:144]، لذلك لما عرَف عدوَّ الله إبليس قيمة وعظم الشكر تعهَّد أن يعمل ليُحرِّف البشرية فيجعلهم غيرشاكرين،فقال الله عن إبليس: { ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ } [الأعراف:17] ولذلك وصف الله سبحانه عباده الصالحين الشاكرين بأنهم الأقلّون، فقال: { وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } [سبأ:13] ذُ كِرَ أنَّ عُمَرَ سمع رجلاً يقول: اللهم اجعلني من الأقَلِّيِن، فقال: ما هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين! قال الله عز وجل: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} هود:40، وقال الله عز وجل: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} سبأ:13، وقال الله عز وجل: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} فقال عمر: صدقت. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم