أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والعشرون في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : الفرق بين الحمد والشكر • الحمد من أوله إلى آخره مستحق لربنا جل جلاله , كما قال الله عزوجل: (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) , فالألف واللام في الحمد تدل على الاستغراق , أي هو الذي له جميع المحامد بأسرها , ولا يكون ذلك لأحد إلا لله تبارك وتعالى , ولهذا فإننا لا نحصي ثناءا عليه كما أثنى على نفسه جل جلاله , فهو حميد في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته وفي أفعاله , وفي كل شأن من شؤونه , فله الحمد على كل حال , وفي كل زمان وفي كل مكان , وفي الشدة وفي الرخاء , في العسر واليسر , وفيما نحبه وفيما نكرهه , لأنه المستحق لذلك جميعا , وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل: ( اللهم أنت الحمد أنت نور السماوات والأرض , ولك الحمد أن قيام السماوات والأرض , ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن , وأنت الحق ووعدك الحق ) , وكان يصلي بأصحابه عليه الصلاة والسلام مرة فرفع رأسه من الركوع فقال: سمع الله لمن حمده , فقال رجل وراءه ( ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ) , فلما انصرف قال: من المتكلم؟ , قال رجل: أنا يا رسول الله , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها أيهم يكتبها أولا. وهذا يدل على عظمة الحمد , وقولنا بأن الحمد لله جميعا , يقول ابن القيم في بيان هذا المعنى: والحمد كله لله رب العالمين , فإنه المحمود على ما خلقه وأمر به ونهى عنه , فهو المحمود على طاعات العبد ومعاصيهم , وإيمانهم وكفرهم , وهو المحمود على خلق الأبرار والفجار والملائكة والشياطين , وعلى خلق الرسل وأعدائهم , وهو المحمود على عدله في أعدائه , كما هو المحمود على فضله وإنعامه على أوليائه , فكل ذرة من ذرات الكون شاهدة بحمده , ولهذا سبح بحمده السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده , وكان في قول النبي صلى الله عليه وسلم عند الاعتدال من الركوع ( ربنا ولك الحمد ملئ السماء وملئ الأرض وملئ ما بينهما وملئ ما شئت من شيء بعد ) فله سبحانه الحمد , حمدا يملأ المخلوقات والفضاء الذي بين السماوات والأرض , ويملأ ما يقدر بعد ذلك مما يشاء الله أن يملأ بحمده , وذلك يحتمل أمرين , الأول : أن يملأ ما يخلقه الله مبدع السماوات والأرض والمعنى أن الحمد ملئ ما خلقته وملئ ما تخلقه بعد ذلك , الثاني: أن يكون المعنى ملئ ما شئت من شيء بعده يملؤه حمدك , أي يقدر مملوءا بحمدك وإن لم يكن موجودا , والمعنى الأول أقوى وأرجح. ويقول ابن القيم في بيان قولنا " الحمد كله لله " : هذا له معنيان , أحدهما أنه محمود على كل شيء , وهو ما يحمد به رسله أنبياؤه وأتباعهم , فذلك من حمده تبارك وتعالى ( يعني ما يحمدون به من الأوصاف الكاملة الله أولى به , بل هو المحمود في القصد الأول ) وهذا كما أنه بكل شيء عليم , وقد علم غيره من علمه ما لم يكن يعلمه بدون تعليمه , وهو سبحانه له الملك وقد آتى من الملك بعض خلقه وله الحمد , وقد آتى من الحمد ما شاء , وكما أن ملك المخلوق داخل في ملكه , فحمده أيضا داخل في حمده , فما من محمود يحمد على شيء دق أو جل إلا والله المحمود عليه بالذات والأولوية أيضا , وإذا قال ( اللهم لك الحمد ) فالمراد به أنت المستحق لكل حمد , ليس المراد به الحمد الخارجي فقط. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم