أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التاسعة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان المقدمة تَأَمَّلِ الْآنَ عَبْدَيْنِ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا. وَهُمَا عَلَى مَوْقِفٍ وَاحِدٍ بَيْنَ يَدَيْهِ. أَحَدُهُمَا مَشْغُولٌ بِمُشَاهَدَتِهِ. فَإِنَّ اسْتِغْرَاقَهُ فِي مُلَاحَظَةِ الْمَلِكِ، لَيْسَ فِيهِ مُتَّسَعٌ إِلَى مُلَاحَظَةِ شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمَلِكِ أَلْبَتَّةَ. وَآخَرُ مَشْغُولٌ بِمُلَاحَظَةِ حَرَكَاتِ الْمَلِكِ وَكَلِمَاتِهِ، وَإِيشِ أَمْرِهِ وَلَحَظَاتِهِ وَخَوَاطِرِهِ، لِيُرَتِّبَ عَلَى كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ مَا هُوَ مُرَادٌ لِلْمَلِكِ. وَتَأَمَّلْ قِصَّةَ بَعْضِ الْمُلُوكِ: الَّذِي كَانَ لَهُ غُلَامٌ يَخُصُّهُ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ وَإِكْرَامِهِ، وَالْحُظْوَةِ عِنْدَهُ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ غِلْمَانِهِ- وَلَمْ يَكُنِ الْغُلَامُ أَكْثَرَهُمْ قِيمَةً، وَلَا أَحْسَنَهُمْ صُورَةً- فَقَالُوا لَهُ فِي ذَلِكَ. فَأَرَادَ السُّلْطَانُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُمْ فَضْلَ الْغُلَامِ فِي الْخِدْمَةِ عَلَى غَيْرِهِ. فَيَوْمًا مِنَ الْأَيَّامِ كَانَ رَاكِبًا فِي بَعْضِ شُئُونِهِ. وَمَعَهُ الْحَشَمُ، وَبِالْبُعْدِ مِنْهُ جَبَلٌ عَلَيْهِ ثَلْجٌ. فَنَظَرَ السُّلْطَانُ إِلَى ذَلِكَ الثَّلْجِ وَأَطْرَقَ. فَرَكَضَ الْغُلَامُ فَرَسَهُ. وَلَمْ يَعْلَمِ الْقَوْمُ لِمَاذَا رَكَضَ. فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ وَمَعَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّلْجِ. فَقَالَ السُّلْطَانُ: مَا أَدْرَاكَ أَنِّي أُرِيدُ الثَّلْجَ؟ فَقَالَ الْغُلَامُ: لِأَنَّكَ نَظَرْتَ إِلَيْهِ. وَنَظَرُ الْمُلُوكِ إِلَى شَيْءٍ لَا يَكُونُ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ. فَقَالَ السُّلْطَانُ: إِنَّمَا أَخُصُّهُ بِإِكْرَامِي وَإِقْبَالِي لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ شُغْلًا، وَشُغْلُهُ مُرَاعَاةُ لَحَظَاتِي، وَمُرَاقِبَةُ أَحْوَالِي. يَعْنِي فِي -تَحْصِيلِ مُرَادِي. وَسَمِعْتُ بَعْضَ الشُّيُوخِ يَقُولُ: لَوْ قَالَ مَلِكٌ لِغُلَامَيْنِ لَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، مُسْتَغْرِقَيْنِ فِي مُشَاهَدَتِهِ، وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهِ: اذْهَبَا إِلَى بِلَادِ عَدُوِّي. فَأَوْصِلَا إِلَيْهِمْ هَذِهِ الْكُتُبَ. وَطَالِعَانِي بِأَحْوَالِهِمْ. وَافْعَلَا كَيْتَ وَكَيْتَ. فَأَحَدُهُمَا: مَضَى مِنْ سَاعَتِهِ لِوَجْهِهِ. وَبَادَرَ مَا أَمَرَهُ بِهِ، وَالْآخَرُ قَالَ:أَنَا لَا أَدَعُ مُشَاهَدَتِكَ، وَالِاسْتِغْرَاقَ فِيكَ. وَدَوَامَ النَّظَرِ إِلَيْكَ. وَلَا أَشْتَغِلُ بِغَيْرِكَ: لَكَانَ هَذَا جَدِيرًا بِمَقْتِ الْمَلِكِ لَهُ، وَبُغْضِهِ إِيَّاهُ، وَسُقُوطِهِ مِنْ عَيْنِهِ. إِذْ هُوَ وَاقِفٌ مَعَ مُجَرَّدِ حَظِّهِ مِنَ الْمَلِكِ. لَا مَعَ مُرَادِ الْمَلِكِ مِنْهُ، بِخِلَافِ صَاحِبِهِ الْأَوَّلِ. وَسَمِعَتْهُ أَيْضًا يَقُولُ: لَوْ أَنَّ شَخْصَيْنِ ادَّعَيَا مَحَبَّةَ مَحْبُوبٍ. فَحَضَرَا بَيْنَ يَدَيْهِ. فَأَقْبَلَ أَحَدُهُمَا عَلَى مُشَاهَدَتِهِ وَالنَّظَرِ إِلَيْهِ فَقَطْ. وَأَقْبَلَ الْآخَرُ عَلَى اسْتِقْرَاءِ مُرَادَاتِهِ وَمَرَاضِيهِ وَأَوَامِرِهِ لِيَمْتَثِلَهَا. فَقَالَ لَهُمَا: مَا تُرِيدَانِ؟ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أُرِيدُ دَوَامَ مُشَاهَدَتِكَ، وَالِاسْتِغْرَاقَ فِي جَمَالِكَ، وَقَالَ الْآخَرُ: أُرِيدُ تَنْفِيذَ أَوَامِرِكَ، وَتَحْصِيلَ مَرَاضِيكَ. فَمُرَادِي مِنْكَ مَا تُرِيدُهُ أَنْتَ مِنِّي. لَا مَا أُرِيدُهُ أَنَا مِنْكَ. وَالْآخَرُ قَالَ: مُرَادِي مِنْكَ تَمَتُّعِي بِمُشَاهَدَتِكَ. أَكَانَا عِنْدَهُ سَوَاءً؟ فَمَنْ هُوَ الْآنَ صَاحِبُ الْمَحَبَّةِ الْمَعْلُولَةِ الْمَدْخُولَةِ، النَّاقِصَةِ النَّفْسَانِيَّةِ، وَصَاحِبُ الْمَحَبَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّادِقَةِ الْكَامِلَةِ؟ أَهَذَا أَمْ هَذَا؟ وَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَةَ- قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ- يَحْكِي عَنْ بَعْضِ الْعَارِفِينَ أَنَّهُ قَالَ: النَّاسُ يَعْبُدُونَ اللَّهَ. وَالصُّوفِيَّةُ يَعْبُدُونَ أَنْفُسَهُمْ. أَرَادَ هَذَا الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمَ، وَأَنَّهُمْ وَاقِفُونَ مَعَ مُرَادِهِمْ مِنَ اللَّهِ. لَا مَعَ مُرَادِ اللَّهِ مِنْهُمْ. وَهَذَا عَيْنُ عِبَادَةِ النَّفْسِ. فَلْيَتَأَمَّلِ اللَّبِيبُ هَذَا الْمَوْضِعَ حَقَّ التَّأَمُّلِ. فَإِنَّهُ مِحَكٌّ وَمِيزَانٌ. وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. [ الأنترنت – موقع نداء الإيمان ] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم