أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة ٣_في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان المقدمة وَشُكْرُ الْخَاصَّةِ: عَلَى التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ وَقُوتِ الْقُلُوبِ. وَقَالَ دَاوُدُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا رَبِّ، كَيْفَ أَشْكُرُكَ؟ وَشُكْرِي لَكَ نِعْمَةٌ عَلَيَّ مِنْ عِنْدِكَ تَسْتَوْجِبُ بِهَا شُكْرًا. فَقَالَ: الْآنَ شَكَرْتَنِي يَا دَاوُدُ. وَفِي أَثَرٍ آخَرَ إِسْرَائِيلِيٍّ: أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا رَبِّ، خَلَقْتَ آدَمَ بِيَدِكَ. وَنَفَخْتَ فِيهِ مِنْ رُوحِكَ. وَأَسْجَدْتَ لَهُ مَلَائِكَتَكَ. وَعَلَّمْتَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شَيْءٍ. وَفَعَلْتَ وَفَعَلْتَ. فَكَيْفَ شَكَرَكَ؟ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنِّي. فَكَانَتْ مَعْرِفَتُهُ بِذَلِكَ شُكْرًا لِي. وَقِيلَ: الشُّكْرُ التَّلَذُّذُ بِثَنَائِهِ، عَلَى مَا لَمْ تَسْتَوْجِبْ مِنْ عَطَائِهِ. وَقَالَ الْجُنَيْدُ- وَقَدْ سَأَلَهُ سَرِيٌّ عَنِ الشُّكْرِ، وَهُوَ صَبِيٌّ- الشُّكْرُ: أَنْ لَا يُسْتَعَانَ بِشَيْءٍ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَى مَعَاصِيهِ. فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ: مِنْ مُجَالَسَتِكَ. وَقِيلَ: مَنْ قَصُرَتْ يَدَاهُ عَنِ الْمُكَافَآتِ فَلْيَطُلْ لِسَانُهُ بِالشُّكْرِ. وَالشُّكْرُ مَعَهُ الْمَزِيدُ أَبَدًا. لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} فَمَتَى لَمْ تَرَ حَالَكَ فِي مَزِيدٍ. فَاسْتَقْبِلِ الشُّكْرَ. وَفِي أَثَرٍ إِلَهِيٍّ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَهْلُ ذِكْرِي أَهْلُ مُجَالَسَتِي، وَأَهْلُ شُكْرِي أَهْلُ زِيَادَتِي، وَأَهْلُ طَاعَتِي أَهْلُ كَرَامَتِي، وَأَهْلُ مَعْصِيَتِي لَا أُقَنِّطُهُمْ مِنْ رَحْمَتِي. إِنْ تَابُوا فَأَنَا حَبِيبُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا فَأَنَا طَبِيبُهُمْ. أَبْتَلِيهِمْ بِالْمَصَائِبِ، لِأُطَهِّرَهُمْ مِنَ الْمَعَايِبِ. وَقِيلَ: مَنْ كَتَمَ النِّعْمَةَ فَقَدْ كَفَرَهَا. وَمَنْ أَظْهَرَهَا وَنَشَرَهَا فَقَدْ شَكَرَهَا. وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ بِنِعْمَةٍ أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ». وَفِي هَذَا قِيلَ: وَمِنَ الرَّزِيَّةِ أَنَّ شُكْرِيَ صَامِتٌ ** عَمَّا فَعَلْتَ وَأَنَّ بِرَّكَ نَاطِقُ وَأَرَى الصَّنِيعَةَ مِنْكَ ثُمَّ أُسِرُّهَا ** إِنِّي إِذًا لِنَدَى الْكَرِيمِ لَسَارِقُ *الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ : وَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ أَيُّهُمَا أَعْلَى وَأَفْضَلُ؟ وَفِي الْحَدِيثِ «الْحَمْدُ رَأَسُ الشُّكْرِ، فَمَنْ لَمْ يَحْمَدِ اللَّهَ لَمْ يَشْكُرْهُ». وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الشُّكْرَ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ أَنْوَاعِهِ وَأَسْبَابِهِ، وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ مُتَعَلَّقَاتِهِ. وَالْحَمْدُ أَعَمُّ مِنْ جِهَةِ الْمُتَعَلَّقَاتِ، وَأَخَصُّ مِنْ جِهَةِ الْأَسْبَابِ. وَمَعْنَى هَذَا: أَنَّ الشُّكْرَ يَكُونُ بِالْقَلْبِ خُضُوعًا وَاسْتِكَانَةً، وَبِاللِّسَانِ ثَنَاءً وَاعْتِرَافًا، وَبِالْجَوَارِحِ طَاعَةً وَانْقِيَادًا. وَمُتَعَلَّقُهُ: النِّعَمُ، دُونَ الْأَوْصَافِ الذَّاتِيَّةِ، فَلَا يُقَالُ: شَكَرْنَا اللَّهَ عَلَى حَيَاتِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَعَلِمْهِ. وَهُوَ الْمَحْمُودُ عَلَيْهَا. كَمَا هُوَ مَحْمُودٌ عَلَى إِحْسَانِهِ وَعَدْلِهِ، وَالشُّكْرُ يَكُونُ عَلَى الْإِحْسَانِ وَالنِّعَمِ. فَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الشُّكْرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَمْدُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ وَكُلُّ مَا يَقَعُ بِهِ الْحَمْدُ يَقَعُ بِهِ الشُّكْرُ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ. فَإِنَّ الشُّكْرَ يَقَعُ بِالْجَوَارِحِ. وَالْحَمْدَ يَقَعُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم