أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة العاشرة بعد المئتين في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة العاشرة بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:*الإبداع في السماوات والأرض تفسير آية البحث: قوله تعالى: (بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون) البقرة 117. الإبداع إنشاء صنعة على غير مثال سابق، وقوله سبحانه في آية البحث: (بديع السماوات والأرض) أي هو جلت قدرته قد أبدع في خلق سماواته وأرضه، والمبدع هو المحدث للشيء على صورته التي لم يسبقه إلى إيجادها أحد، ولذا سمي المبتدع في الدين بهذا الاسم لإحداثه فيه ما لم يكن قد اشتهر في الأصل، ومن هنا فقد ذم تعالى الذين شرعوا لأنفسهم الرهبانية ولم يحافظوا عليها، علماً أنها كانت مرضية عنده جل شأنه إلا أن الذم وقع عليهم بسبب عدم تشريعه سبحانه لها، وهذا الفعل أقرب إلى من يشرع لنفسه ما يشاء من الأعمال التي يظن أنها تقربه إلى الله زلفى إلا أن حقيقة تلك الأعمال لا تنسجم مع الشرع الإلهي وإن كان ظاهرها يوحي بالملازمة النسبية للدين، وقياساً إلى هذا الوجه تظهر النكتة في قوله تعالى: (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها) الحديد 27. قوله تعالى: (وإذا قضى أمراً) من آية البحث. أي أتم الأمر وأتقنه على صورته التي ينتهي إليها، والأصل في قضى يرجع إلى انقطاع الشيء، وهو من المشتركات التي يجمعها معنى الفراغ من العمل، وقد ورد هذا المفهوم في كثير من الآيات إلا أن المصاديق اختلفت نظراً للقرينة المصاحبة للسياق، كما في قوله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً) الإسراء 4. أي أخبرناهم بذلك، ومنه قوله سبحانه: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً) الإسراء 23. أي أمر وشرع ألا تعبدوا… إلخ. وقد يأتي قضى بمعنى الوفاء بالدين، كما في قوله: (فلما قضى موسى الأجل) القصص 29. ويأتي بمعنى الخلق كما في آية البحث، وكما في قوله تعالى: (فقضاهن سبع سماوات) فصلت 12. وهنالك آيات أخرى. أما الأمر فهو كلمة الإيجاد التي يتم بواسطتها الخلق دفعة واحدة وإن كان الجامع يشتمل على مصاديق متعددة ولهذا اختلف المعنى بين الخلق والأمر من الناحية الابتدائية دون النتيجة، وبذلك يظهر السر في قوله تعالى: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) الأعراف 54. والآية تشير إلى المدة التي تم فيها الخلق واستقر على صورته النهائية دون الإضافات المرادة من قوله تعالى: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون… والأرض فرشناها فنعم الماهدون) الذاريات 47- 48. وهذا هو المعنى المراد من الخلق أي ضم الأجزاء بعضها إلى بعض حتى تصل إلى مرحلة الإيجاد التي أطلق عليها سبحانه مصطلح الأمر وبهذا يظهر سبب عطفه على الخلق، وقد يتجلى هذا المعنى بأبهى صورة في خلق الإنسان نظراً للمراحل المتعددة التي يمر بها حتى يصل إلى مرحلة نفخ الروح، وقد بين سبحانه هذه المراحل بقوله: (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين… ثم جعلناه نطفة في قرار مكين… ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) المؤمنون 12- 14. ومجموع الآيات يبين أن الخلق المادي انتقل إلى مرحلة الإنشاء التي تدل على وصول الإنسان من الخلق إلى الأمر المتمثل بنفخ الروح، وكما ترى فإن الخلق لا يتطابق مع الأمر في المراحل الأولى دون النتيجة التي أظهرت القدرة على الإيجاد المصاحب للشعور، وهذا نظير قوله تعالى: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) آل عمران 59. من هنا يظهر أن الخلق هو ضم الأجزاء بعضها إلى بعض بلحاظ إرجاعها إلى توسط الأسباب الطبيعية وإن شئت فقل توسط الأسباب الكونية الخاضعة لقانون العلية، أما الأمر فهو وجود الشيء دون تدخل تلك الأسباب، وهذا هو المعنى المراد من آية سورة آل عمران آنفة الذكر التي أشارت إلى خلق آدم من تراب ثم انتقلت إلى مرحلة نفخ الروح، التي عبر عنها تعالى بقوله: (ثم قال له كن فيكون) وهذا المفهوم يتطابق مع آيات سورة قد أفلح… فتأمل ذلك بلطف. من كتاب: السلطان في تفسير القرآن [الأنترنت – موقع - بديع السماوات والأرض - عبدالله بدر اسكندر كاتب أميركي من أصل عراقي] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك