أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة التاسعة بعد المئتين في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة التاسعة بعد المئتين في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان:*الإبداع في السماوات والأرض أراد المشككون من الفلاسفة أن يباعدوا بين مسمى المراتب الوجودية للكائنات وبين إخراجها من العدم ولذا أقدم هؤلاء على إعطاء الموجودات بعض الأوصاف التي لا تتناسب مع المبادئ الأولية التي تساعد في إيجادها ونقلها من القوة إلى الفعل، ومن هنا فقد عمد أولئك إلى التفريق بين المخلوقات التي يصدق عليها الوجود الفعلي وبين المخلوقات التي لم تدخل حيز الوجود، ولهذه الأسباب ظهر لديهم مصطلح العدم المطلق دون إضافة التعريف المائز بين ما ذهبوا إليه وبين ماهية الأشياء، وعند مجانبة هذا الواقع نرى أن الأبعاد المثالية لمسمى الكائنات التي شاء بعض الفلاسفة أن يسيرها بين الناس قد اتخذت الاتجاه المعاكس الذي يثبت لها المعنى المعبر عن صحة إيجادها دون المجازفة المؤدية إلى حتمية عدمها، وهذا ما ذكره تعالى في أصل الأشياء الذي جعله ثابتاً ثم بين القدرة على التصرف في فروعه، أو من خلال الطرق المختلفة التي تشارك في انتفاء العدم المطلق بعد أن علمت أسباب وجوده في علم الله تعالى دون التفريق بين واقع الأشياء اللاحق وبين أصلها الثابت كما بينا. وتأسيساً لهذا النهج نرى أن القرآن الكريم قد أشار إلى هذا المعنى في كثير من متفرقاته، كما في قوله تعالى: (نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين… على أن نبدل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون) الواقعة 60- 61. وكذا قوله: (إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراً) النساء 133. وقوله: (ألم تر أن الله خلق السماوات والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد) إبراهيم 19. وكذلك قوله: (في أي صورة ما شاء ركبك) الانفطار 8. وقوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) الإنسان 1. والنكتة ظاهرة في إضافة قوله: (مذكوراً) إلى قوله: (لم يكن شيئاً) حيث إن النفي وقع على الذكر دون الأصل الثابت لأن القرآن منزه عن الزيادة فتأمل ذلك بلطف ثم انظر إلى الآيات آنفة الذكر وستجد أن بينها مشتركات فعلية تدلل على ما ذهبنا إليه. من هنا يظهر أن الصور الملازمة للمواد الأولية للخلق لا يمكن أن تكون مسبوقة بمثال يمهد لمقدماتها الهيئة التي تبدأ منها أو تنتهي إليها، وذلك كون الله تعالى هو المبدع وهو المصور والخالق الذي لا حدود لقدرته، واعتماداً على هذا السرد نلاحظ أن الإيجاد الأول المستطرد في إخراج الأشياء من العدم لا يخضع للزمان أو المكان وإنما يخضع للوجود بمحض الإرادة التكوينية، علماً أن الفلسفة التصويرية تطابق هذا النهج مع التسليم بأن أصل الأشياء يرجع إلى الابتكار المسبق الذي لا يعتمد على مثال سابق كما ذكرنا، وسيمرعليك تفصيل هذا المعنى في تفسير آية البحث وسترى أن كل الأشياء تحدث بمحض إرادته سبحانه دون تدخل العوامل التي تساعد على الإيجاد كالروية أو البديهة، فالأمر ليس أمراً لفظياً بل هو خاضع للإرادة التكوينية، ولأجل التقريب فإن الإنسان لا يأمر عينه لترى أو أذنه لتسمع وإنما القصد يحدد المراد، وإن كان في المثال قياس مع الفارق وإن شئت فاحكم بانتفاء القياس نظراً للتباين بين الخالق والمخلوق. وبناء على ما تقدم نعلم أن جميع الموجودات خاضعة لأمر الله تعالى سواء كانت حاضرة في عالم التكوين أو عالم المشيئة، وفي كلتا الحالتين هي واقعة تحت قيمومة الحق سبحانه دون أن يخفى عليه أصلها أو الوجهة التي ستصير إليها، وبهذا تظهر النكتة في قوله تعالى: (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء… هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم) آل عمران 5- 6. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك