أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والتسعون بعد المائة في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والتسعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * قواعد في البدع والموقف من أهلها 2- إقامة الحجة شرط في التبديع. فمن أتى ببدعة سواء كانت مكفرة دونها , فإنه لا يحكم عليه بمقتضى هذه البدعة, حتى تقام عليه الحجّة، يقول ابن تيميّة :( إنّي من أعظم الناس نهيًا أن يُنسب معيّن إلى تكفير وتفسيق ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافرًا تارة , وفاسقًا أخرى , عاصيًا أُخرى , وإني أقرر أن الله غفر لهذه الأمة خطأها , وذلك يعم الخطأ في المسائل الخبريّة القوليّة , والمسائل العلميّة , وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر ولا بفسق ولامعصية) 3- لا يلزم أن يكون غير المبتدع أفضل منه. فالتفاوت في درجات العباد , والتفاضل بينهم يكون بحسب تفاضلهم في الأعمال الصالحة , وما يقوم بقلوبهم من إيمان وصدق وإخلاص. والمبتدع مع أنه قد لا يأثم ببدعته إذا كان متأوّلاً مجتهدًا، أو لم تقم عليه الحجّة، مثلاً. فإنه لو كان آثماً ببدعته فإن إثمه فيها كسائر المعاصي التي تقع من العباد. يقول ابن تيميّة: (ليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكاً، فإن المنازع قد يكون مجّهداً مخطئاً يغفر الله خطأه، وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته) فليس مجرد عدم الابتداع معياراً للتفضيل، وإن كان من أسباب الفضل؛ لأن الشخص الواحد قد يجتمع فيه ما يثاب عليه وما يعاقب عليه، والعبرة بالراجح منهما. يقول ابن تيميّة: (إذا اجتمع في شخص واحد خير وشر، وطاعة وفجور، وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بقدر ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة) وهذا باب من العدل والإنصاف عظيم يمتاز به أهل السنة. 4 – لا يلزم من وقوع الشخص في بدعة، ولا من انتسابه لطريقة مبتدعة أن يخرج عن أهل السنة. إذ ارتكابه للبدعة متى كان عن اجتهاد تأول لا يجعله مبتدعاً آثماً، مع أنه ينكر عليه ويبيّن خطؤه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر) وقد قرّر ابن تيمية أن كثيراً من مجتهدي السلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعة لسبب من الأسباب وهذا جعلهم معذورين، يشملهم قول الله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا". [البقرة:286]. والبدع غير المغلّظة لا يكون مرتكبها خارجا عن أهل السنة وعن الفرقة الناجية، ولو كان آثماً ببدعته قال ابن تيميّة: (وأمّا المرجئة فليسوا من هذه البدع المغلّظة، بل دخل في قولهم طوائف من أهل الفقه والعبادة, وما كانوا يُعَدّون إلا من أهل السنة، حتى تغلّظ أمرهم بما زادوه من الأقوال المغلّظة) ووقع بين برهان الدين ابن العلامة ابن القيّم، وبين ابن كثير رحمهم الله تعالى جميعاً منازعة، فقال له ابن كثير: أنت تكرهني لأنني أشعري. فقال له: لو كان من رأسك إلى قدميك شَعْر ما صَدّقك الناس في قولك أنك أشعري وشيخك ابن تيميّة ! فمن كان قوله واعتقاده موافقاَ لمنهج أهل السنة فإنه لا يخرج عنه بمجرّد انتسابه لطائفة معينة تخالف أهل السنة. إذ العبرة بالحقائق والمعاني لا بمجرد الانتسابات والألقاب. 5 – مراعاة المصالح والمفاسد. الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، وهي ترجح خير الخيرين وتدفع شر الشرين. ولا يسوغ في هذه الشريعة دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع الضرر الخفيف بتحصيل ضرر عظيم. وهذا الضابط يراعى – مع ما سبق – في طريقة الإنكار والاحتساب، وفي الاجتماع أو الاتفاق على شيء مخصوص، ولهذا كان الصحابة يصلون خلف الحجاج بن يوسف، والمختار بن أبي عبيد الثقفي وغيرهما، لأن تفويت الجمعة والجماعة أعظم فساداً من الاقتداء بإمام فاجر أو مبتدع وعلى كل حال فالنظر للمصالح والمفاسد من أصول التعامل مع المبتدع، فينظر في العمل هل مصلحته راجحة بحيث يفضي إلى ضعف الشر، فيكون مشروعاً، أو أنّه يزيد الشر فلا يكون مشروعاً، وهذا بلا شك يتفاوت بتفاوت الأحوال والمصالح. وبعد، فهنا وقف القلم، وفي كل مسألة مما تقدّم مجال للقائلين، وموضع بسط للمتناولين، ويكفي من القلادة ما أحاط بالعُنق!. [ الأنترنت - صيد الفوائد - حقيقة البدعة والموقف من أهلها - د.هاني بن عبد الله بن جبير] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك