أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والتسعون بعد المائة في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والتسعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * قواعد في البدع والموقف من أهلها * قواعد في معرفة البدع. التعرف على البدع أصلٌ للحذر منها، فإن تمييز البدعة وضبطها بضوابط عامة يعين على التعرف على أفراد البدع، ليتأتى الحكم عليها، ويمنع من أن يدخل فيها ما ليس منها، وقد حاول عدد من الباحثين تقصي ضوابط التعرف على البدع، فمقل ومكثر، وقد انتقيت مما ذكره أهل العلم جملة قواعد حسبت أنها أحق ما يحتاج لمعرفته. 1ـ العادة المحضة لا يدخلها الابتداع. من مقررات اعتقاد أهل السنة اعتقادهم الحكمة في أفعال الله تعالى، فربنا سبحانه حكيم عليم بمصالح خلقه، لا يأمر بشيء إلا لحكمة قد يعرفها العباد وقد يجهلونها. فالأحكام الشرعية الواضحة العلة والحكمة كالبيع والنكاح ونحوها، تسمى: عادات، أو أمور عادية، وأما المجهولة العلة التي شرعت من أجلها. وإن علمنا شيئاً من مصالحها ـ فهذه هي التعبديات أو الأمور التعبدية. فالعبادات لا إشكال أن الإحداث فيها ابتداع مذموم كما تقدم. وأما العادات فإنها إن تمحضت عادة، ولم يكن فيها شائبة تعبد لم يدخلها الابتداع، وإن كان فيها شائبة تعبد فقد يدخلها الابتداع في هذه الشائبة. ومثال ذلك النكاح، فإنه من العاديات، فإن أحدث في الذي ليس فيه شائبة تعبد منه، لم يكن بدعة مذمومة، مثل إقامة الزواجات في أماكن معينة، وكالتوسع في التكاليف، أو اتخاذ عادة في الاجتماع له ونحو ذلك. وأما إن حصل الإحداث في الذي فيه شائبة التعبد منه، فهو بدعة، كما لو ألغى المهر عن الزوج، وألزمته به المرأة؛ لأن الشرع قيد النكاح بمثل هذا القيد، فلم يكن للمكلف اختيار فيه، بخلاف الأول، فالعادة من حيث هي عادة لا بدعة فيها. ومن حيث التعبد بها أو وضعها وضع التعبد تدخلها البدعة 2ـ كل عبادة وردت مطلقة فتقييدها بدعة. فالشرع قد حث على عبادات وأطلق وقت أدائها، فصلاة الليل عبادة مشروعة في كل ليلة، وصيام النفل المطلق مندوب إليه كل يوم، فمتى قيدت هذه العبادة، كأن خص القيام بليلة الجمعة مثلاً، أو الصيام بيوم كالجمعة من كل أسبوع، دون معنى يخصه، فإن تخصيصه بذلك بدعة إضافية. قال أبو شامة: (لا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع، بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان، ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضّله الشرع، وخصّه بنوع من العبادة، فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء وقال ابن تيمية: (من أحدث عملاً في يومٍ كإحداث صوم أول خميس من رجب، والصلاة في ليلة تلك الجمعة.. فلا بد أن يتبع هذا العمل اعتقاد القلب؛ وذلك لأنه لابد أن يعتقد أن هذا اليوم أفضل من أمثاله، وأن الصوم فيه مستحب استحبابًا زائدًا.. إذ لو لا قيام هذا الاعتقاد في قلبه لما انبعث القلب لتخصيص هذا اليوم والليلة) إلى أن قال: (ومن قال إن الصلاة أو الصوم في هذه الليلة كغيرها، هذا اعتقادي، ومع ذلك فأنا أخصّها، فلابد أن يكون باعثه إما موافقة غيره، وإمّا اتباع العادة، وإما خوف اللوم له، ونحو ذلك، وإلا فهو كاذب... فعلمت أن فعل هذه البدع يناقض الاعتقادات الواجبة، وينازع الرسل ما جاؤوا به عن الله) أما لو استند التقييد إلى سبب معقول، كجعل قراءة القرآن في وقت معين لكونه أفرغ من الأعمال، أو أهدأ من الأوقات؛ بحيث لو زال هذا السّبب لزال التقييد، فإنه لا بأس به، ولا يكون من تقييد العبادة الذي يجعلها بدعة. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك