أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والثمانون بعد المائة في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والثمانون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: الترك تدينا وأمَّا إن كان الترك تديناً فهو الابتداع في الدين على كلتا الطريقتين، إذ قد فرضنا الفعل جائزاً شرعاً فصار الترك المقصود معارضة للشارع. لأنَّ بعض الصحابة همَّ أن يُحرِّم على نفسه النوم بالليل، وآخر الأكل بالنهار، وآخر إتيان النساء، وبعضهم هَمَّ بالاختصاء، مبالغةً في ترك شأْن النساء. وفي أمثال ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رغب عن سنتي فليس مني)) . فإذاً كلُّ من منع نفسه من تناول ما أحل الله من غير عذر شرعي فهو خارجٌ عن سُنَّةِ النبي صلى الله عليه وسلم، والعامل بغير السُّنَّةِ تديناً، هو المبتدع بعينه. (فإن قيل) فتارك المطلوبات الشرعية نَدْباً أو وجوباً، هل يسمى مبتدعاً أم لا؟ (فالجواب) أنَّ التارك للمطلوبات على ضربين: (أحدهما) أن يتركها لغير التدين إما كسلاً أو تضييعاً أو ما أشبه ذلك من الدواعي النفسية. فهذا الضرب راجع إلى المخالفة للأمر، فإن كان في واجب فمعصية وإن كان في ندب فليس بمعصية، إذا كان الترك جزئياً، وإن كان كلياً فمعصية حسبما تبين في الأُصول. (الثاني) أن يتركها تديناً. فهذا الضرب من قبيل البدع حيث تدين بضد ما شرع الله. فإذاً قوله في الحد: طريقة مخترعة تضاهي الشرعية يشمل البدعة التركية، كما يشمل غيرها، لأنَّ الطريقة الشرعية أيضاً تنقسم إلى ترك وغيره. وسواءٌ علينا قلنا: إنَّ الترك فعل أم قلنا: إنَّه نفي الفعل. وكما يشمل الحدُّ الترك يشمل أيضاً ضد ذلك. وهو ثلاثة أقسام: قسم الاعتقاد، وقسم القول، وقسم الفعل، فالجميع أربعة أقسام. وبالجملة، فكل ما يتعلق به الخطاب الشرعي، يتعلق به الابتداع فالبدعة تنقسم باعتبار فعلها إلى فعلية, وتركية، فقد يقع الابتداع بنفس الترك تحريماً للمتروك أو غير تحريم. فإن الفعل مثلاً قد يكون حلالاً بالشرع, فيحرمه الإنسان على نفسه بالحلف أو يتركه قصداً بغير حلف، فهذا الترك إما أن يكون لأمر يعتبر مثله شرعاً أو لا، فإن كان لأمر يعتبر فلا حجر فيه, كالذي يمنع نفسه من الطعام الفلاني من أجل أنه يضره في جسمه, أو عقله, أو دينه وما أشبه ذلك. وكالذي يمنع نفسه من تناول اللحم لكونه مصاباً بمرض الكلى فإنه يهيجه عليه. فلا مانع من الترك. بل إن قلنا يطلب التداوي للمريض كان الترك هنا مطلوباً، فهذا راجع إلى العزم على الحمية من المضرات وأصله قوله عليه الصلاة والسلام: ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر, وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)) ذلك أن يكسر من شهوة الشباب حتى لا تطغى عليه الشهوة فيصير إلى العنت، وكذلك إذا ترك ما لا بأس به حذراً مما به البأس, كترك الاستمتاع بما فوق الإزار من الحائض خشية الإتيان. فذلك من أوصاف المتقين، وكترك المتشابه حذراً من الوقوع في الحرام, واستبراء للدين والعرض إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليك