أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة والسبعون بعد المائة في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والسبعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * فرق بين الإبداع والابتداع • وبهذا يتَّضح أنَّ الابتكار والإبداع الدنيوي يُثاب صاحبُه، ما لم يكن مضرًّا للنَّاس مهلكًا لهم، أو مناقضًا لأصلٍ من أصول دين الله القويم وصراطِه المستقيم. • استغلَّ بعضُ أعداء الإسلام من المستشرقين واللَّادينيين والملحِدين وغيرهم فَهْمَ بعض المسلمين الخاطئ لمعنى البِدعة؛ للطَّعن في الإسلام، والسُّخريةِ من المسلمين، وزرع البلابل والشُّبَه في صدور عامَّة المؤمنين، فتجدهم يقولون: إنَّ كلَّ شيء ممنوع في الإسلام، وكل شيء عندهم بدعة؛ لذا لم يتطوَّروا ولم يفلِحوا في دنياهم، وينسبون تخلُّفَ المسلمين إلى الدِّين، فيخدعون بتلك التَّفاهات والسَّخافات ضعافَ النفوس والعقول، ممَّن لا يفرِّقون بين المزابل والحقول، ويوهمونهم بأنَّ التمسُّكَ بالإسلام هو سرُّ تخلُّفهم وذلَّتهم بين الأُمم! ولا يَخفى على العاقل اللَّبيب والمدقِّقِ الأريب أنَّ هذا مِن أعظم الكذب والافتراء، وعين السَّفاهة والغباء، وعكسٌ شائن للحقائق؛ إذ لم يُذلَّ المسلمون إلَّا بعد هوان دينهم عليهم، والإسلام لم يحرِّم الإبداعَ في أمور الدنيا والتفوُّق فيها؛ بل رغَّب في كلِّ نافع، وشجَّع كلَّ عمل فيه خيرٌ ومصلحة للناس؛ فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((خيرُ النَّاس أنفعُهم للنَّاس))، وقال للصَّحابة عن أمور الدنيا: ((أنتم أعلَم بأمور دُنياكم))؛ [رواه مسلم]؛ وذلك لأنَّ الله أرسله برسالة الحقِّ والإسلام لتبيِّن للناس أمورَ دينهم وكيف يَعيشون به وعليه، ويبيِّن لهم ويبلِّغهم عن خالقهم ما سيكونُ مِن أمورٍ غيبيَّة بعد الموتِ ويوم القيامة، ممَّا يستحيل معرفتُه إلَّا عن طريق النبوَّة والرسالة. أمَّا أمور الدُّنيا في العموم فالنَّاس أعلم بها وأقدَر على البحث فيما يَنفعهم ليأتوه وما يضرُّهم فيجتنبوه، ويُستثنى من هذا العموم ما أمَر به المصطفى مِن الأمور المتعلِّقة بالدنيا ممَّا جاء به الكتاب والسنَّةُ المطهَّرة من أمورٍ تنفع الناسَ في دنياهم؛ كالتداوي بالحِجامة والعسَل والإثمد، وغيرها مِن الأمور؛ لأنَّها وإن كانت داخلة في أمور الدنيا، فإنَّ نُصح النبيِّ صلى الله عليه وسلم باستعمالها يدلُّ على نفعها الدنيوي يقينًا؛ ممَّا يَقتضي الاستجابة والتصديق والاستفادة مِن ذلك في التطبيق؛ لأنَّ الوصيَّةَ بها نبعَتْ مِن مِشكاة النبوَّة. • أمَّا قول الأفَّاكين مِن ملاحدةٍ ولادينيِّين بأنَّ الإسلام حرَّم الإبداعَ والتطوير، فهو عكسٌ للحقيقة، ومغالطةٌ عَقيمة، ومحاولة فاشلة لتغطية شمس الحقِّ بغِشاء الباطل؛ فكلُّ مسلمٍ يرى ما حَلَّ بدِين الله من تغييرٍ وتَمييع، أو تشويه وتبديل وابتداع، نتج عنه تفرُّقُ الحال دون التوحُّد والاجتماع، مع عجزٍ في التفكير الدنيوي والإبداع. والعجيب في الأمر هو أنَّ أهل الأهواء والبدع كلَّفوا أنفسَهم وعقولَهم الابتداعَ والتغيير فيما هو كامِلٌ لا يحتاج إلى تبديلٍ مِن يوم أَنزل الله سبحانه في قرآنه ومحكَمِ بيانه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ﴾ [المائدة: 3]، وعجزوا عن الإبداع والابتكار في أمور الدُّنيا، حتى صار المسلمون مِن أضعف أُمَم الأرض! ولو أنَّهم صرَفوا مجهوداتهم السَّقيمة العَقيمة التي ابتدعوا بها في دين الله، وشغلوا فِكرَهم ووقتَهم ذاك في الابتداع والتفكير والتطوير الدُّنيوي، لكان خيرًا وأحسن تأويلًا، ولاجتمَعتْ كلمةُ المسلمين على الدِّين الصَّافي، كما اكتمل وتمَّ على عهد خير القرون، بعيدًا عن البِدع والخلافات والخرافات، ولرَفعوا رايةَ الحضارة، وكانوا لأُمَم الأرض مشعلًا ومنارة، ولنالوا عزَّة الدنيا والآخرة. [الأنترنت – موقع اللوكة - فرق بين الإبداع والابتداع - عبدالقادر بن محمد بنعمان] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم