أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والسبعون بعد المائة في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والسبعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: * فرق بين الإبداع والابتداع يقال: أبدع الشَّيء، بمعنى: اخترعه على غير مثالٍ سابق؛ وقد جاء في جمهرة اللغة "وتقول الْعَرَب: لست ببدع فِي كَذَا وَكَذَا، أَي: لست بِأوَّل مَن أَصَابَهُ"، وأبدع الشاعر، بمعنى: جاء بالبديع (المحسنات البديعية)، قال ابن قطاع الصقلي في كتاب الأفعال: "أبدع الرَّجل؛ أتى ببديعٍ مِن قول أو فِعل، وأبدَع اللهُ تعالى الأشياءَ؛ ابتدأ خَلْقها بلا مِثال، وأبدع البعيرُ: كَلَّ وحَسِر"؛ انتهى. • وابتدع الشَّيء، بمعنى: ابتدأه، وتأتي بمعنى: بَدَّل وغَيَّر، ومنها قيل: ابتدَع فلانٌ في الدِّين، بمعنى: بَدَّل في الدِّين وغيَّر وابتدع في شَرع الله ما لم يُسبق إليه، أو فِعْل لم يكن مِن فعل النَّبي صلى الله عليه وسلم أو على أصلٍ مِن سنَّته. والفعل "ابتدع" يَشترك مع "أبدَع" في الأصل المجرَّد الذي هو "بَدَعَ"، وغلب استعماله على الابتداع في الشَّرع والإحداثِ في الدِّين؛ كما طغى في زماننا استعمالُ الفِعل "أبدع" على الابتكار والاختراعِ في الأمور الدنيويَّة دون ابتدَع؛ رغم أنَّ الفعل ابتدع يشارِكه في هذا المعنى مِن حيث دلالتُه العامَّة؛ لذا فإنَّه إذا قيل: إنَّ فلانًا ابتدع بِدعةً، فسيتبادر إلى ذِهن السَّامع أنَّها بدعة في الدِّين، وإذا قيل: إنَّ فلانًا أبدع شيئًا، فسيتبادر إلى ذِهن السَّامعِ أنَّه اخترع اختراعًا أو تفنَّن في ابتكار، ولو قيل: ابتدع فلانٌ وتفنَّن في الاختراع مما يُخترع مِن أمور الدنيا لصحَّ ذلك أيضًا. • هذا وإنَّ مما يحزُّ في النَّفس ويطعن سُوَيداء القلب أن يَخلط بعضُ أبناء الإسلام بين الابتداع في الدِّين والإبداع الدنيوي؛ ليَفتحوا بذلك ثغرةً يَدخل منها أعداءُ الرحمن وشياطينُ بني الإنسان للطَّعن في دين الواحد الديَّان؛ فبعضُ متعصِّبي وجهلة المسلمين يَفهمون معنى البِدعة فَهمًا خاطئًا، فتجده ينكر على الناس استعمالَ المكيِّف أو الغسَّالة في المنزل، بدعوى أنَّها لم تكن على عهد نبيِّنا عليه أفضل الصلاة والتسليم! ورغم أنَّهم قلَّة وندرة بين المتديِّنين، فإنَّ أعداء الدِّين يستغلُّون سطحيَّتَهم وسفاهتهم لِلَمْزِ الدِّين والتعميم على المؤمنين. وذلك الفَهم هو مِن الخَلْط البيِّن والقياس الذي ليس له أصلٌ ولا مقاس؛ فالبدعة تكون في أمور الدِّين لا في أمور الدنيا؛ لذا فمَن زاد شيئًا في دين الله أو سَوَّلتْ له نفسُه أن يضيف قليلًا أو كثيرًا إليه، فقد ابتدع، وأساء وما نفَع، وضلَّ وما اهتدى، وأضاع جهده سدى، فيذم فعله ويستهجن صنيعه وجهله. وأمَّا مَن أبدع للنَّاس شيئًا من أمور الدنيا؛ ليَستعينوا به في حوائجهم وينقصوا به مِن أعباء الحياة عليهم، ويغتنموا به أوقاتهم، ويَحفظوا به صحَّتهم وأموالهم - فيُشكر صنيعُه، ويُمدح فعلُه، ويثاب عليه عند ربِّه إن أخلص النيَّةَ وصفَّى الطويَّة. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم