أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والخمسون بعد المائة في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السابعة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: * الإسلام والقدرة الإبداعية جاء الإسلام ليُطْلق الطَّاقاتِ الفاعلةَ والمؤثِّرة، ويدفع الإنسان لاكتشاف قوى الكون وأسراره، ويحفز النشاطات العقليَّة والعمليَّة، ويوظِّف مواهب الإنسان توظيفًا حضاريًّا لائقًا بالكرامة الإنسانيَّة، ويقدر التخصُّصات ويشجِّعها ويرعاها؛ ليقوم كل فرد في المجتمع بسد الثغرات في المكان الذي يعمل ويبدع فيه. إنَّ الانطلاق الصَّحيح لبناء القُدْرة الإبداعيَّة ، الَّتي تنهض بالمجتمع كما يَراها الإسلام - هيَ التَّربية الإيمانيَّة التي تربط المُبْدِع بأصول دينِه، فالإنسان يتحوَّل إلى طاقة هائلة من الإبداع والعطاء عندما يقوم إبداعه على أساس من الإيمان، والصدق، والوضوح، والوعي الصحيح. فالإسلام هو الدين الوحيد الَّذي رفع شأْن العقل الإنساني، وحثَّ الإنسان على استِخْدامه والنَّظر في الكون وعمارة الأرْض؛ قال الله تعالى: {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61]. *علاقة مصير: إنَّ القدرة الإبداعية هي عصب الحياة، وبها تتحقَّق رفاهية الإنسان، ومجْدُه واستِقْراره ونَهضتُه، فالحياة على الأرْض تَستحيل بدون وجود مُبْدِعين يَكتشِفون ويخترعون، ويُجدِّدون ويطوِّرون، وينوعون الأنشطة البشريَّة والعمرانيَّة. ولو أدْرك البشَر أهمِّية المبدِعين، لأصبح بناء المُبْدِع على رأْس الأولويَّات العالميَّة، ولحوَّلوا اللَّيل والنَّهار إلى إبداع؛ فصناعة المبدع هي صناعة للحياة والحضارة. فالإسلام يوجِّه المبدع ليحرِص على ما ينفعُه، ويستعين بالله ولا يعجِز، ويعالج الندرة الإبداعية لديه، وينقِّي هدفَه الإبداعي من كلِّ ألوان التسلية والتفاخر، أو إشباع الرَّغبة الذاتيَّة. كما يهتمُّ الإسلام بالمناصحة الإبداعيَّة والحوار الإبداعي؛ لتتكامل وجهات النظر الإبداعية، فالتَّنسيق بين المُبْدِعين والتَّلاحم بينهم من عوامل النُّضوج الإبداعي وازدهارِه وتفوُّقه. كما ربط القُرآن الفِعْل الإنساني بالخيريَّة لتحقيق الفلاح؛ قال الله تعالى: {وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77]. يهتمُّ الإسلام بالبيئة المشجِّعة على الإبداع، ويرغِّب في تَحصيل ثوابِ الدُّنيا والآخِرة لِمَن عمِل صالحًا؛ وذلك ليتحمَّس المبدع للرِّسالة التي يَحملها، ويدخُل عالم النَّجاح الواسِع، فتمتلِئ الحياة بالإيجابيَّة والخير، ولا يتوقَّف قطار الإبداع. كما أنَّ الإسلام يَبني القُدْرَة الإبداعيَّة برؤيةٍ شُموليَّة متكاملة، لا تُهمل ذرَّة من شؤون النَّفس والمجتمع، ويُحرِّك أبناءَه في إطارٍ من التَّوازن والاعتِدال، الَّذي لا ينحرف بالفِطْرة الإنسانيَّة عن جوهرها الصَّحيح؛ قال تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [فصلت: 40]. كما أنَّ الإسلام يحْرس الكيان الإبداعيَّ للمجتمع بالنَّهي عن كل إبداعٍ يؤدِّي إلى إسراف وتبذير، وإهْلاك للنّعم والثَّروات التي يمتلكها الإنسان؛ قال تعالى: {وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141]. فكلُّ إبداع ينفَعُ النَّاس ويَمكُث في الأرض يشجِّع الإسلام عليه، وكلُّ تقْنية تؤدِّي لازْدِهار الحياة يرغِّب فيها، مع التمسك التَّام بالخصوصيَّة الحضاريَّة التي تحمي مجتمعاتِنا من الانفِلات، وضياع شخصيَّتنا الحضاريَّة. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم