أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة والخمسون بعد المائة في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: * التدين والإبداع : التقاء لا افتراق الإبداع المتدين: وفي هذا الإطار نرفض القول بتحول الأستاذ سيد قطب عن الإبداع، لمجرد التزامه بالمنهج الإسلامي؛ إذ لا يعتبرون إنتاج سيد قطب فيما يخص تفسيره للقرآن الكريم "في ظلال القرآن" إبداعًا، وانحصار إبداعه فقط فيما أنتجه قبل ذلك، وهو قول مغلوط، أُريدَ به فقط تطبيقُ المفهوم الغربي للإبداع، متجاهلين المعنى الحقيقيَّ للإبداع، والذي اختطَّه قطب بمجرد إدراكه لما يجب أن يكون عليه الإبداع في مجتمع يعاني الكثير من الإشكاليات، بعيدًا عن الانسياق خلف هراءات لا تُجدِي ولا تنفع، حتى ولو كانت تعبيرًا عن النفس البشرية؛ فالكثير من الأنفس تعتريها العللُ والأدواء. ويؤكد ذلك هذه الروائعُ "الزهدية" التي قدَّمها الشاعر العباسي المعروف "أبو العتاهية"، الذي ما كان لِيَقدرَ على تقديمها، لولا انتهاجُه لمذهب الزهد. ومع ذلك، فالإبداع في الإسلام ليس مقصورًا على ما أنتجه المسلمون، أو ما تضمَّن خطابًا مباشرًا للمبادئ الإسلامية، فكلُّ ما قدَّمتْه الإنسانية من إبداع، لا يتعارض مع وحدانية الله - عز وجل - ولا يدعو أو يصوغ للرذيلة، أو يؤصِّل لأيديولوجيات متناقضةٍ مع الفكر الإسلامي - هو في ذاته إبداعٌ مقبولٌ في الإسلام، ما دام أنه يحقق الغاية منه، فيما يخص الارتقاء بمشاعر النفس البشرية، ويَحضُّها على فعل الخير، ويعكس ما بداخلها من آلام، ويَرُدُّ على ما يدور في داخلها من تساؤلات مشروعة، بأساليبَ ممتعةٍ وراقية.كذلك فإن ثمة اتِّساعًا في مفهوم الإبداع لدى المسلمين، شمل العديد من المجالات التي تميز فيها المسلمون تميُّزًا لفت أنظارَ العالم أجمع؛ ومنها ما أبدعه المسلمون من معمارٍ له خصوصيتُه، حيث راعى طبيعة البيئة العربية، والتقاليد الإسلامية، وابتكار ما عرف بفن المنمنمات، والكتابة بالخط العربي المتميز على الخشب، والجدران، والأرابيسك، والفسيفساء، التي عكستْ -وبصدق-نقاءَ الحس الإسلامي. ويأتي التفوقُ العلمي الذي حقَّقه المسلمون خلال عصور ازدهارهم، شاهدًا حيًّا، ونتيجة عملية على ما أولاه الإسلامُ للإبداع من أهمية، وحثَّ أتباعَه على الخوض في مجالاته المتعددة، فأمَرَهم بالنظر في الآفاق، وحثَّهم على استنباط القوانين الطبيعية، ودعاهم للتفكُّر والتدبُّر في خلق الله؛ بل إنه ربط بين إتقان العمل وحبِّ الله - عز وجل -: ((إن الله يُحبُّ إذا عمِل أحدُكم عملاً أن يتقنه))؛ ولهذا وجدنا أن المسلمين أول مَن اخترعوا الساعة، وأهدوها لشارلمان ملك فرنسا، وأول مَن حاولوا الطيران، وأول مَن اكتشفوا فكرة التصوير الفوتوغرافي، وأول مَن رسموا خريطة للكرة الأرضية. أما واقعيًّا، فقد قدمَتِ الحضارةُ الإسلامية الكثيرَ من المبدعين، الذين آثروا الحياة الفنية على مدار تاريخها، وما شعراءُ الإسلام الأوائل في زمن الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلا نموذجٌ لهؤلاء المبدعين الذين التزموا بالخط الإسلامي في الإبداع، ثم كان شعراء الدولة الأموية والعباسية، وغيرهم من شعراء الدول الإسلامية المتوالية، ومَن تأمَّل الواقعَ الحديث، فلا يصعب عليه أن يقف على أسماء لا تحصى كثرةً، لجمٍّ غفير من المبدعين، سواء في الأدب أم العلوم الحديثة، وهو ما يؤكد عدم التعارض بين التدين والإبداع. [الأنترنت – موقع الألوكة - التدين والإبداع: التقاء لا افتراق - أسامة الهتيمي ] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم