أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والخمسون بعد المائة في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: * التدين والإبداع : التقاء لا افتراق "التدين والإبداع لا يلتقيان"، عبارة لطالما ردَّدها الكثير من العاملين في المجالات الفنيَّة والإبداعيَّة كمصوغ فلسفي، يُطلِقون من خلاله لأنفسهم الحريةَ المطلَقة للتعبير عن هذا الإبداع بأشكاله المختلفة، وكأساس فكري نظري يستندون إليه في الدفاع عن الكثير من هذه الأعمال، التي ربما تتعارض مع ثوابت ومقدَّسات الدِّين، حتى انسحبتْ لتكون بمثابة موقف مبدئي للقول بالتعارُض ما بين التديُّن والإبداع، وهو الموقف الذي لا يعدو في حقيقة الأمر عن كونه ردةَ فعلٍ مِن قِبَل هؤلاء تجاه المعايير والضوابط الشرعية، وليس انعكاسًا حقيقيًّا للتعبير عن موقف الدِّين من الإبداع والمبدِعين ويَستند هؤلاء - في محاولة لتأكيد منطلقهم - إلى استحضار الكثير من النماذج الواقعيَّة للمبدعين، الذين لم يُعرَف في سلوكهم سلوكُ المتدينين؛ بل على العكس من ذلك، فقد عُرف عنهم التسيبُ، والإفراط السلوكي، وكأنَّ الإبداعَ مرتبطٌ بالانحلال، والحياة العبثيَّة، إلى الدرجة التي ترسَّخت فيها صورةٌ خاصةٌ في أذهان الناس والعوام عن المبدعين، وأضحتْ هناك الكثير من السمات تمثِّل الوجهَ الآخر للمبدِع؛ ومنها أن يكون مثلاً: فوضويًّا، ذا شعر طويل، غيرَ منظم، ومدمنًا لشرب السجائر وربما الخمور، ولا يؤمِن بمؤسَّسة الأسرة، أو غير مبالٍ بها، ولا يشعر بأية مسؤوليةاجتماعية، فهو - بحسب تصوراتهم – يعيش لفنِّه وإبداعه فحسب. *المنظور الإسلامي: وأما في المنظور الإسلامي، فقد كان للقرآن الكريم موقفٌ واضح وصريح من الشعراء، الذين كانوا نموذجًا للإبداع الفني والأدبي في ذاك الوقت؛ حيث قال الله - تعالى -: ﴿ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ ﴾ [الشعراء: 224 - 226]، وهو وصف - بكل تأكيد - فيه ذمٌّ لهؤلاء الشعراء الذين لا يستقرُّون على حال؛ بل إنهم ربما يكونون مادةَ إغواء لآخرين يُضلُّونهم الطريقَ، وإن كثيرًا مما يقولونه لا ينطبق على فعلهم، ولا يعدو عن كونه مجردَ كلامٍ كاذب. وهو ما دفع بعضَهم للاعتقاد بأن هذه الآيات تمثِّل طعنًا مبينًا، ومبيتًا، وصريحَ العبارةِ في فن الشعر، وأنها موقف عدائي بيِّنٌ - مع سبق الإصرار - وواضح من الشعراء، وحملة تنكيلية وتشويهية بالمبدعين وبإبداعهم وفنِّهم، فكان هؤلاء المتوهمون كمَن يقف عند قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ ﴾ [النساء: 43]، وقوله - تعالى -: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ﴾ [الماعون: 4]، فقد تجاهلوا أن الله - عز وجل - لم يَترك قولَه في الشعراء على عمومه، إذ أتبعه بقوله: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227]. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم