أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والخمسون بعد المائة في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والخمسون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: * الخصائص العقلية للإبداع إذا تفحَّصنا تراث الدراسات النفسية في النصف الأول من هذا القرن، سنجد أن ما وجه من هذه الدراسات نحو دراسة الإبداع، وتحديد خصائصه العقيلة - قليلٌ بشكل ملحوظ، ولا يتناسب مع أهمية هذا الموضوع، ومما يدل على إهمال دراسة هذا الموضوع - حتى ذلك الوقت - أن مجلة الملخَّصَات السيكولوجية، التي تلخص كل ما يجري من دراسات علم نفس في العالم كله، لم يرد بفهرسها منذ إنشائها في سنة 1927، وحتى سنة 1950 (23سنة) إلا حوالي 186 عنوانًا، من بين 121 ألف عنوان، مما يخص من قريب أو بعيد دراسات الإبداع، أي: بنسبة 2% فقط، وكانت هذه العناوين تدور حول موضوعات مثل الإبداع، التخيُّل، الأصالة، التفكير، كما أنه من بين العديد من الكتب التي ظهرت في علم النفس العام، لم يوجد إلا كتابان اثنان أفرَدا فصولاً مخصصة لهذا الموضوع. وقد كان أحد أسباب هذا الإهمال هو الاتجاهَ الخاطئ، الذي سلكته دراسات العبقرية المبدعة، حينما ظنت أن الإبداع يتمثل في التفوُّق في الذكاء، الذي كانت عملية إعداد مقاييس واختبارات له ذاتَ نصيب أوفر، من جهد علماء النفس منذ بداية هذا القرن. ولعل النمط الذي ساد في بناء هذه الاختبارات كان مسؤولاً - إلى حد كبير - عن أبعاد نظر العلماء، عن محاولة قياس القدرات الإبداعية، فمعظم هذه الاختبارات يقوم على أساس اختيار الإجابة الصحيحة من بين عدد من الإجابات، أو ما يُسمَّي اصطلاحًابـ (الاختيار من متعدد)، وهو ما يعتمد على التفكير التقديري، بينما يتطلب الإبداع نوعًا من التفكير المنطلق المتشعِّب، الذي يبحث عن إجابات وحلول جديدة ومبتكرة، تكون غير موجودة عادة، فيما نقدمه من إجابات على أسئلة اختبارات الذكاء المألوفة، ونحن حين نضع الشخص المبدع أمام الإنتاج المنتهي بالفعل - نمنعه من أن يُظهِر - بشكل واضح - إبداعه الخاص، الذي يمكن أن يظهر في اختبارات الإبداع. وربما كان من الصعوبات التي واجهت علماء النفس، عند محاولة دراسة الإبداع أو قياسه: أن أداء المبدعين يختلف بشكل ملحوظ من وقت إلى آخر، وهذا يظهر في بعض الكتابات تحت اسم: (إيقاعات الإبداع)، وهو ما يمثل مشكلة منهجيَّة خطيرة، عند إعداد اختبارات لقياس أعدادٍ؛ فمثل هذه الاختبارات لن تعطي نفس النتائج، حين يعاد تطبيقها في أوقات مختلفة، وبالتالي تصبح غير ثابتة في تقديرها، وهذا عيب أساسي يشين أيَّ أداة للقياس، ولكنه لن يكون هنا راجعًا لخطأ في إعداد الأداة، بقدر ما يكون ناتجًا عن تذبذب مستوى الأداء في الوظيفة التي نقيسها. وقد يكون من هذه الصعوبات أيضًا التمسكُ بالمفهوم القديم للإبداع، الذي يرى أن قدرة أعداد تتمثل في الأعمال المبتكرة، التي لا جدال في امتيازها وتفرُّدها؛ فمثل هذه الأعمال نادرة الإنتاج إلى حد كبير، كما أنها حين تظهر في شكل اختراعات واكتشافات تظهر بشكل عرَضيٍّ، لدى عدد محدود من الأفراد، وهو أمر تُعتَبَر البيئة هي المسؤولةَ عنه وليس الأفراد، ورغم هذا؛ فإذا تساوت الظروف البيئية أمام كل الأفراد، فستظل هناك فروق كبيرة في الأداء الإبداعي بينهم، ويمكننا أن نلاحظ هذه الفروق الفردية في الأداء الإبداعي بشكل أوضح، إذا تنازلنا في معايير أعداد، وقبلنا حالات على درجات أقل من الأعداد أو الامتيازات، وهذا هو جوهر النظرة الحديثة للإبداع، التي تعتبره متصلاً، أو مقياسًا متدرجًا يتدرج عليه الأفراد زيادة ونقصًا فيما يمتلكون من هذه القدرة، وليس قدرة متفردة توجد كلها، أو لا توجد بالمرَّة عند كل فرد من البشر، وقد ساعد هذا المفهوم الجديد، الذي نما ابتداء من النصف الثاني من هذا القرن، على إمكانية بناء مقاييس للإبداع، تستخدم في دراسته بطريقة كمية على مجموعات متباينة في قدراتها الإبداعية، سواءٌ بين العاديين أم المتفوقين من الناس. [الأنترنت – موقع الألوكة - الخصائص العقلية للإبداع - د. حسن أحمد عيسى المصدر: مجلة المعرفة ( الإبداع في الفن والعلم ) ] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم