أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السابعة والأربعون بعد المائة في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة والأربعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: * موقف الأدب الإسلامي من الإبداع بمعناه الحقيقي: والحقيقة أن الأدب الإسلامي راعى في التعريف الموضوع له جانبَ الإبداع الفني؛ فنجد في تعريفه أنه (التعبير الفني الهادف) فكلمة الفني شرط في الأدب، إذ إن من أهم الفوارق بين النص الأدبي وغيره (الإبداع الفني الذي يحقق المتعة)، وهذا الإبداع لا يخضع لشروط مقننة محددة، وإنما هنالك إطار عام متعارف عليه في مجال الأدب؛ من سلامة اللغة، وحسن الأسلوب، وصدق التجربة الشعورية، وجمال التصوير، ثم إن للكاتب أو الشاعر بعد ذلك أن يتفنن في أدبه بما يحقق المتعة الفنية، طولا وقصرًا، رمزًا وإيحاء، أو وضوحًا ومباشرة، وهذا الجانب الفني ليس وقفًا على أحد، بل هو مشاع بين الأدباء على اختلاف مشاربهم ولغاتهم، يبدع فيه من يبدع ويخفق فيه من يخفق، وإذا تحقق في النص الأدبي ذلك الإطار العام للإبداع الفني، فليس من حق أحد من النقاد أن يلغي هذا الجانب في نص ما بسبب اختلاف وجهات النظر. وعندما يُعنَى الأدب الإسلامي بجانب الإبداع الفني فإنه لا ينطلق في ذلك من التقليد للآخرين، وإنما يعتمد على رؤية إسلامية أصيلة، عُني بها القرآن الكريم في أسلوبه المعجز. كما عني بها أشد العناية الرسول -عليه الصلاة والسلام- أما عناية القرآن الكريم فهي واضحة لكل مسلم يقرؤه بتدبرٍ. وأما عناية الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالجانب الفني فتؤكدها الروايات الصحيحة في هذا المجال. ومن ذلك ما ورد في صحيح مسلم من أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعا الشعراء إلى المنافحة عن الإسلام، فأنشده عبد الله بن رواحة فلم يُرْضِ، وأنشد كعب بن مالك فلم يُرْضِ، ثم بعث إلى حسان ودعا له وقال: «إن روح القدس -يعني جبريل عليه السلام- يؤيدك»، ونتساءل هنا: ما الذي جعل الرسول عليه الصلاة والسلام يختار حسان ويفضله على صاحبيه، مع ما نعلم من حبه -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك؟ إن الإجابة الشافية عن هذا السؤال موجودة في كتب الأدب التي جعلت حسان بن ثابت فحلا من فحول الشعراء، فهو من الشعراء البارزين في سوق عكاظ، وقصصه في التنافس مع فحول الشعراء معروفة، وقد ذكر ابن سلام الجمحي في طبقات فحول الشعراء أن حسان يعد أشعر أهل القرى؛ يعني بذلك مكة والمدينة والطائف، وشعر حسان دليل على قدرته الفنية. إذن فاختيار الرسول -صلى الله عليه وسلم- لحسان بن ثابت لم يكن اختيارًا عشوائيًا، وإنما كان مبنيًا على رؤية نقدية واضحة، كيف لا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو الخبير بمواطن القوة والضعف في اللغة العربية، أليس هو الذي قدّم حسان عندما جاء إليه وفد تميم، وكان حسان حينها غائبًا، فانتظره حتى جاء فألقى قصيدته المعروفة: إن الـذوائـب مـن فـهـر وإخـوتـهــم قـد بـيّـنـوا سـنَّـةً لـلـنـاس تـتَّـبـع حتى قال وفد تميم: إن هذا الرجل لمؤتى له، لخطيبه أبلغ من خطيبنا وشاعره أشعر من شاعرنا، ومما يؤكد عناية الإسلام بالجانب الفني في الأدب ما نقله السيوطي في (الدر المنثور) أن ثلاثة من كفار قريش هجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قائل لعلي: اهجُ عنا هؤلاء القوم، فقال: إن أذن لي رسول الله فعلت، فقال -عليه الصلاة والسلام- : ليس هناك، ثم دعا الأنصار لذلك فقال حسان: أنا لها. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم