أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الخامسة والأربعون بعد المائة في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: *الأدب الإسلامي والإبداع الفني ويتبين من ذلك أن مصطلح «الإبداع» أو ما يسمونه (الخلق الفني) تحيط به في الاستخدامات الغربية المتنوعة وعلى مدى تاريخ الثقافة الغربية هالة من القداسة من ناحية، وإيحاءات من الناحية الأخرى تضع ذلك «الإبداع» والمنتجين له في مواجهة صدامية عنصرية مع مجتمع ينفرون منه، ويتعالون عليه، ويسعون إلى إيجاد نظام خاص بهم من القيم والرؤى والسلوكيات في مواجهته. والحق أن مستخدمي وناقلي مصطلح «الإبداع» في الأوساط العربية والإسلامية ينحون بشدة إلى هذا المعنى الأخير، حتى وإن بدا من كلامهم أنهم يقصدون فحسب ذلك التقديس الساذج وغير المسوَّغ للأعمال الأدبية الذي يتجلى في كتاباتهم؛ ففي نهاية المطاف نجد أن المنظور الذي ينطلق منه الحديثُ المكرر والملحّ عن الإبداع والمبدعين في كتابات ناقلي مصطلح «الإبداع» عندنا هو المنظور الحداثي الغربي الذي لا يركز على إلهام ميتافيزيقي للمبدع ولا على رؤية سامية في ذهنه، بل على كونه مبتدعًا لقيم اجتماعية جديدة تقف في مواجهة القيم السائدة الموصوفة بالجمود والتخلف والتقليدية. وتتضح الصورة أكثر عند طرح هذا الموقف في المجتمعات الإسلامية؛ فإذا كان حداثيو الغرب يطرحون قيمًا جديدة خاصة بنخبتهم في مواجهة ما يسمونه بالقيم البرجوازية السائدة، فربما يكون في هذا الرأي بعض الوجاهة لطبيعة هذه القيم المادية والمتولدة عن مجتمع رأسمالية القرن التاسع عشر. أما عندما يطرح دعاة «الإبداع» المحليون قضية الإبداع فإن القيم المرفوضة والمطلوب إقصاؤها تصبح هي القيم الإسلامية؛ في حين تصبح القيم الجديدة التي يروج لها «المبدعون» من خلال الأعمال الأدبية والفنية هي قيم النخبة الغربية المعنية (النخبة الحداثية) التي تتلخص في معاداة المجتمع القائم ومصادمة قيمه؛ من خلال التركيز مثلا على نبذ العقيدة الدينية وطرح الأخلاق جانبًا، بحجة أنها زائفة أو غير صالحة. وينقل «المبدعون» المحليون هذه المواقف والتصورات بلا تدبر ولا نقد، باعتبارها هي المضمون الوحيد لفكرة «الإبداع» الفني دون الالتفات إلى كونها نبتَ بيئةٍ معينة وسياق تاريخي وثقافي واجتماعي خاص لا يجوز نقله كنقل النسخة. إن الإبداع في التراث العربي كان يُنظر إليه دائمًا وعلى مر العصور على أنه مرتبط بالدين، ولا نستطيع أن نتحدث عن إبداع عربي دون أن ندخل في الاعتبار العامل الأساسي وهو الرؤية الإسلامية، إضافة إلى ما تمتاز به الحضارة العربية من مقومات كثيرة. إن الإبداع أدبًا ونقدًا إذا أسس على الاقتباس من النص الإسلامي، علاوة على ما يمنحه للأدباء من قراءة واعية للقرآن الكريم والحديث الشريف، فإن هذا التأسيس يمثل حصنًا منيعًا أمام محاولات وغارات الاجتياح الثقافي والروحي للأمة، ولكم دفع المسلمون ثمنًا باهظًا للتضاد القائم بين خطابهم الأدبي ورسالتهم العقدية. ثم لمصلحة مَن يَغيب أو يُغيّب إسلامُنا عن أدبنا؟ حتى بلغ الأمر أحيانًا إذا ذُكر الدينُ في معرض الحديث عن الأدب، اشمأزت قلوبٌ كثيرة، وإذا ذكر ما دونه أو من دونه إذا هم يستبشرون. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم