أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والأربعون بعد المائة في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والأربعون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي بعنوان: *الأدب الإسلامي والإبداع الفني يدعي بعضُهم أن الأدبَ الإسلاميَّ يحول بين الأديب وبين الإبداع الفني الذي يحقق المتعةَ للقارئ؛ فهو أدبُ وعظٍ وإرشادٍ فقط، وأقول: إن الذين يطلقون هذه المقولة لا يبحثون عن الحقيقة بحثًا علميًا جادًا، وإنما يتأثرون -غالبًا- بما يشاع ويقال. ولكي نناقش هذه القضية لا بد أن نعرف أولا ماذا يقصدون بكلمة الإبداع؟ وهل يفهمون من هذه الكلمة ما نفهمه نحن؟ وإذا كان لهم فهم آخر فمن أين جاءوا به؟ وبعد ذلك يحق لنا أن نُعرِّجَ على الأدب الإسلامي وموقفه من الإبداع الحقيقي الذي حاولوا طمسَه وتحريفَ معناه لحاجة في نفوسهم. * الإبداع الذي يريدون: من القضايا التي يكثر الإلحاح على طرحها في هذا الوقت تلك المسماة بـ (مسألة الإبداع)، ويجري طرحها عادة من زاوية الزعم بالحرص على حرية وطلاقة التأليف والتعبير الأدبي والفني؛ لأنه -فيما يقال- يؤدي إلى تقدم وخير الأمة، وعادة ما يأتي طرحُ هذه القضية والدفاع عنها من جهاتٍ ومنابرَ لم يُعهد عنها اهتمامٌ يذكر بالإسلام وبقضاياه. والإبداع عند أصحاب هذا الطرح له قدسية وحصانة مطلقة لا تعلو عليها أي اعتبارات أخرى، وهم يروجون هذا القول بأنه لا يحق لأحد أن يحجر على هذا الإبداع (الذي يختصون وحدهم بتعريفه وتحديده) ولو بالدفع باعتبارات مجافية للدين والقيم والتقاليد والأعراف. والواقع أن هذه القضية تحيط بها منذ البداية التباسات عديدة؛ فالمثيرون لها يستخدمون لفظة لها وقع خاص وإيحاءات جذابة هي مصطلح «الإبداع» ولا يستخدمون المصطلحات الأدق وصفًا؛ مثل: التأليف، أو التعبير، أو الكتابة، أو حتى التشكيل الفني أو الأدبي، ومصطلح «الإبداع» يُوجِد هالةً من القداسة حول الأعمال الأدبية والفنية؛ كما أنه -وبذكاء- يحصنها من النقد الذي يميز بين الجيد والسيئ؛ ذلك لأنه إذا كان كل ما يقدم في هذه الأعمال يوصف بأنه «إبداع»؛ أي تأليف متفرد متميز وعبقري، فإن يد النقد تغل عنه؛ لأن الناقد -سواء كان ناقدًا للمضمون أو للشكل- لن يرقى إلى مكانة المبدع الذي يفترض (حسب التعريف) أنه في مرتبة أعلى وأسمى. وهذا الطرح لمصطلح «الإبداع» يرتكز على أصول معينة معروفة في التراث الإنساني منها تصور الشاعر على أنه شخص يتلقى الوحي والإلهام من بعض معبوداتهم أو شياطينهم، أو رؤية الحركة الرومانسية الأوربية للأديب والفنان (كنبي) أو ملهم له رؤية ثاقبة في الكون، والحياة لا يصل إليها سواه من الأفراد العاديين الذين هم لذلك في مرتبة أدنى منه. كذلك فإن حركة الحداثة الأدبية والفكرية في الغرب شاركت سابقتها الرومانسية (ولو لاعتبارات جد مختلفة) في النظر للأديب والكاتب والفنان باعتباره من طينة بشرية أسمى وأرقى؛ ليس لأنه يتلقى الإلهام؛ بل لأنه صاحب إحساس وذوق وقدرات تخيلية أرقى ممن حوله من الناس العاديين المنغمسين في المادة وسياقات الحياة التي أولع دعاة الحداثة بالحط من شأنها.. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم