أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائة في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والعشرون بعد المائة في موضوع (البديع) والتي هي إستكمالا للماضية وهي بعنوان: *الإبداع والتربية - مصطلحات جديدة للأدب الإسلامي والقارئ لفلسفة الشاعر الفيلسوف (محمد إقبال ) ـ فلسفة الذات ـ يدرك بعض النقاط التي يلتقي فيها مع (برجسون ) إذ أن إقبال يشير دائماً إلى نمو (الذات ) وجهادها ونموها الدائب نحو الكمال، وانفعالها بما يسميه العشق الذي يتسم بالنقاء والطهر والتفاني والتضحية وخاصة حب الله والمصطفى، وله في ذلك قصائد طوال تنبض بالقوة والحرارة، فالذات المؤمنة العاشقة المجاهدة تتحدى الفناء، وتقهر الصعاب، وتتأبى على الهزيمة. والأديب المسلم يعايش عقيدة وفكراً وسلوكاً من نوع، وهي تؤثر في مكوناته النفسية والعقلية، وفي قدراته الإبداعية، ومن الطبيعي أن تكون علاقاته الخارجية، وانفعالاته الداخلية، متسمة بلون من الصراعات أو التساؤلات التي تنبعث أساساً من موقفه من الحياة وحركتها وما تموج به من تناقضات وصراعات، وليس من المنطقي أن تكون نفس المؤمن خالية من هذه الحركة الموارة، فهو يرفض ويقبل، ويحب ويكره، ويحلم ويأمل، وينفعل ويعبر، إنه ليس بحيرة ساكنة هادئة نائمة، ومن يتصور غير ذلك فهو واهم، ثم إن هذا الوضع لا يتناقض مع قوة اليقين، واطمئنان النفس، وعمق الإيمان، وعظمة التسليم لله. إن صورة الحياة الهائجة المائجة المضطربة تنعكس على فكر المؤمن ونفسه فتحرك عواطفه ووجدانه، وتثير فكرة، فيبعث صوراً أدبية جميلة تتسم بالحيوية والصدق، وبديهي أن استقراره العقائدي يعصمه من الزيف والزيغ والانحراف، فنحن نقبل من انطباعيين ما يوافق تصورنا، ونرفض ما يتناقض مع مفاهيمنا، ونحترم جهودنا التجريبيين، ونحتفظ بالنسبة لبعض تحليلاتهم استنتاجاتهم، فليس من المعقول أن نقبل وجهة نظر فرويد في الفن على عواهنها، أو تفسيرات (ادرلر )و(ويونج )، فلن يكون الكبت الجنسي دافعاً للإبداع، أو ترجمة لما يحدث في الفن من تسام، ولن يكون تعويضاً عن مركب نقص كامن في الإنسان، وإذا جاز ذلك في بعض الأحوال، فليس من السهل منطقياً قبوله كقاعدة عامة. ولقد كان الإسلام أصدق تعبيراً وتحليلاً للنفس الإنسانية، حين جلى صفات القوة والضعف فيها، وحين أوضح العوامل المختلفة التي تحركها سلباً وإيجاباً، وحين ضرب الأمثلة الحية على صدق التصور الإلهي وعظمتة والإنسان كشجرة تؤتي أكلها كل حين بأمر ربها، أو كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار.. وعطاء المؤمن الحق حينما يبدع ما هو إلى ثمر طيب لشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء، ومن ثم فإن الأدب الإسلامي وفق هذا التصور يمكن أن ينحو بالتربية المنحى الصحيح المؤثر.. لقد اجمع الدارسون في مجال الإبداع والتربية أن القهر والتسلط والكبت تعطل من القدرات الإبداعية، وتضع أثرها الهام، وتحرم الكبار والصغار من حب الاستطلاع والفضول والتعجب والدهشة والاستكشاف، والانطلاق في التفكير والتعبير، وإذا كانت هناك رغبة حقيقية في تنمية الإنسان فلا بد لنا قبل كل شيء أن نعطيه حرية التعبير، وحرية الاحتجاج، وحرية المشاركة في إبداء الرأي والقرار، وحرية أن يملك فضول الطفل وحركته، فلا إبداع بدون حرية، والقهر يدفع إلى الهروب وارتداء الأقنعة الزائفة، كما يدفع إلى الإغريق في الرموز والإبهام، ويدفع إلى اليأس والملل، وقد تتولد عنه قيم نفعية جديدة، تضر بالفن وبالتربية معاً، ولكي يؤدي الإبداع دوره البناء في التربية فلا بد له من التربية الصالحة، والهواء النقي، والتحرر من قيود الذل والهوان، والقضاء على بطش السلطة ونزواتها وأهوائها. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم