أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة السادسة بعد المائة في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة السادسة بعد المائة في موضوع(البديع ) والتي هي بعنوان:*تربية العقل الإبداعي عن مغيرة قال: قيل لابن عباس رضي الله عنهما: كيف أصبت هذا العلم؟ قال: «لساناً سؤولاً، وقلباً عقولاً»[ فضائل الصحابة للإمام أحمد بن حنبل 2/502.] . وعن الحسن، قال: كان عمر رضي الله عنه إذا ذكر ابن عباس قال:"ذلك فتى الكهول، له لسان سؤول، وقلب عقول»[ سير أعلام النبلاء 3/344.] لم أستغرب هذا التطابق بين كلام عمر بن الخطاب عن عبد الله بن عباس وكلام ابن عباس عن نفسه، ذلك أن ابن عباس حسنة من حسنات الخليفة المحدَّث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث اعتنى الخليفة الفاروق بابن عباس لعشر سنوات؛ هي مدة خلافته، أيما اعتناء، وكان ابن عباس حين تولى عمر الخلافة في الخامسة عشرة من عمره تقريباً. فلا غرابة بعد ذلك أنْ يتطابق القولان في الوصف، مما يدلُّ أيضاً على صدق هذا الوصف عليه، إذ لا يمكن الخطأ في مثل هذه الحال. لم يكن ابن عباس رضي الله عنه عالماً فحسب، ولا مفسراً للقرآن فحسب، لقد كان ظاهرة علمية فريدة، تعتني بتوليد الأسئلة وإيراد الاعتراضات وتشييد الحجج والأدلة والغوص في المعاني والعلل. قال سعيد بن جبير: «كان ناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم. وكان يسأله، فقال عمر: أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله. فسألهم عن هذه السورة: {إذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: ١]، فقال بعضهم: أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجاً أن يحمده ويستغفره. فقال عمر: يا ابن عباس! تكلم. فقال: أعلمه متى يموت، أي: فهي آيتك من الموت، فسبح بحمد ربك واستغفره»[سير أعلام النبلاء 3/343.] وعن ابن عباس قال: «دعاني عمر مع الأكابر، ويقول لي: لا تتكلم حتى يتكلموا، ثم يسألني، ثم يقبل عليهم، فيقول: ما منعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه!»[ سير أعلام النبلاء 3/345.] وقال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «ما رأيت أحداً أحضرَ فهماً، ولا ألبَّ لباً، ولا أكثرَ علماً، ولا أوسعَ حلماً من ابن عباس، لقد رأيتُ عمر يدعوه للمعضلات فيقول: قد جاءت معضلة، ثم لا يجاوز قوله؛ وإن حوله لأهل بدر»[ سير أعلام النبلاء 3/347.] وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ولنعم ترجمان القرآن ابن عباس. ولو أن هذا الغلام أدرك ما أدركنا، ما تعلقنا معه بشيء»[سير أعلام النبلاء 3/347.] هكذا كان ابن عباس بين أكابر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يملأ أسماعهم فصاحة وذكاء وأبصارهم توقداً وتوهجاً. لا شكَّ أن توقد الذهن الذي تحلى به ابن عباس موهبة ربانية منحه الله تعالى إياها، فتوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء له، عن ابن عباس قال: «ضمني النبي إلى صدره، وقال: (اللهم علمه الحكمة)»[ أخرجه البخاري 3/33، كتاب فضائل الصحابة، باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما، ح3756. ] غير أن ثمة سبباً آخر تلمسه من تقصي أخباره، تلكم التربية العُمَرية التي كانت تحفّز فيه ملكة الإبداع والاستنباط، كما كانت تحفه بالأمان وتفرش له بساطاً من الحرية لتساعده على ذلك دون خوف أو قلق. لقد كان عمر بن الخطاب يلام ويعاتب على ذلك، فقال رداً على تلك الملامة والعتاب: «لا يلومني أحدٌ على حب ابن عباس»[ سير أعلام النبلاء 3/346. ] وتقصي أخبار التربية العمرية لابن عباس لا تسعفه هذه المقالة إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم