أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والسبعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : * من لطائف الآية: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} .من لطائف القشيري في الآية: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101)}. قال عليه الرحمة: البديع الذي لا مثل له، أو هو المنشئ لا على مثال، وكلاهما في وصفه مستحق. والواحد يستحيل له الوَلَدُ لاقتضائه البعضية، والتوحيد ينافيه. اهـ. .من لطائف الشعراوي في الآية: قال رحمه الله: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ}. والحق سبحانه وتعالى قال في آيات أخرى: {لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس} [غافر: 57]. فإن كنت ترى في نفسك عجائب كثيرة، وكل يوم يعطيك العلم التشريحي أو علم وظائف الأعضاء سرا جديدا فلا تتعجب من هذا الأمر؛ لأن السماء والأرض إيجاد من عدم، وسبحانه هنا يقول: {بديع} أي أنه سبحانه خلقهما على غير مثال سابق، فمن الناس من يصنع أشياء على ضوء خبرات أو نماذج سابقة، لكن الحق سبحانه بديع السموات والأرض، وقد عرفنا بالعلم أن الأرض التي نعيش عليها وهي كوكب تابع من توابع الشمس، وقديما كانوا يقولون عن توابع الشمس إنها سبعة، ولذلك خدع كثير من العلماء والمفكرين وقالوا: إن السبعة التوابع هي السموات، فأراد الحق أن يبطل هذه المسألة بعد أن قالوا سبعة. فقد اكتشف العلماء تابعا ثامنا للشمس، ثم اكتشفوا التاسع، ثم صارت التوابع عشرة، ثم زاد الأمر إلى توابع لا نعرفها. وأين هذه المجموعة الشمسية من السموات؟ وكلها مجرد زينة للسماء الدنيا، وعندما اكتشفت المجاهر والآلات التي تقرب البعيد رأينا الطريق اللبني أو سكة التبانة ووجدناها مجرة وفيها مجموعات شمسية لا حصر لها، وجدنا مليون مجموعة مثل مجموعتنا الشمسية. هذه مجرة واحدة، وعندنا ملايين المجرات، ونجد عالمًا في الفلك يقول: لو امتلكنا آلات جديدة فسنكتشف مجرات جديدة. ولنسمع قول الله: {والسماء بَنَيْنَاهَا بِأَييْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [الذاريات: 47]. إذن يجب أن نأخذ خلْق السموات والأرض في مرتبة أهم من مسألة خلق الناس. {بَدِيعُ السماوات والأرض أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [الأنعام: 101]. وما دام سبحانه بديع السموات والأرض، وهو بقدرته الذاتية الفائقة خلق السموات والأرض الأكبر من خلق الناس، إذن فإن أراد ولدًا لطرأ عليه هذا الابن بالميلاد، ولا يمكن أن يسمى ولدًا إلا إذا وُلد، وسبحانه منزه عن ذلك، ثم لماذا يريد ولدًا، وصفات الكمال لن تزيد بالولد، ولم يكن الكون ناقصًا قبل ادّعاء البعض ان للحق سبحانه ولدًا، إن الكون مخلوق بذات الحق سبحانه وتعالى، والناس تحتاج إلى الولد لامتداد الذكرى، وسبحانه لا يموت؛ مصداقًا لقوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ} [القصص: 88]. والبشر يحتاجون إلى الإنجاب ليعاونهم أولادهم، وسبحانه هو القوي الذي خلق وهو حي لا يموت؛ لذلك فلا معنى لأن يُدّعى عليه ذلك وما كان يصحّ أن تناقش هذه المسألة عقلا، ولكن الله- لطفا بخلقه- وضّح وبين مثل هذه القضايا. يقول جل وعلا: {وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صَاحِبَةٌ}. وماذا يريد الحق من الصاحبة؟ إنه لا يريد شيئًا، فلماذا هذه اللجاجة في أمر الألوهية؟. فلا الولد ولا الصاحبة يزيدان له قدرة تخلق، ولا حكمة ترتب، ولا علما يدبر، ولا أي شيء، ومجرد هذا اللون من التصور عبث، فإذا كان الشركاء ممتنعين، والقصد من الشركاء أن يعاونوه في الملك؛ إله يأخذ ملك السماء، وإله آخر يأخذ ملك الأرض. وإله للظلمة، وإله للنور. مثلما قال الاغريق القدامى حين نصّبوا إلهًا للشر. وإلهًا للخير، وغير ذلك. والحق واحد أحد ليس له شركاء يعاونونه فما المقصود بالولد والصاحبة؟ أعوذ بالله! ألا يمتنع ويرتدع هؤلاء من مثل هذا القول: {وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} فسبحانه هو الخالق للكون والعليم بكل ما فيه ولا يحتاج إلى معاونة من أحد. اهـ. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم