أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة والأربعون في موضوع (البديع ) والتي هي بعنوان : *معرفة حال الخالق من خلال اسمه ( البديع ) : إن النفوس السليمة تكون أكثر اشتياقا من غيرها لمعرفة حال خالقها، والحديث عن الله -سبحانه وتعالى- أجمل وأروع وأعطر ما تسمع به أذنك، وأعظم ما يسعد به قلبك, فما أشرف العلم بالله!، وما أشرف العلم بأسمائه وصفاته!، فهو بحق أشرف العلوم وأزكاها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: “والقرآن فيه من ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر مما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة، والآيات المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته أعظمُ قدراً من آيات المعاد، فأعظم آية في القرآن آية الكرسي المتضمنة لذلك، كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال لأبيّ بن كعب: “أتدري أي آية في كتاب الله أعظم؟” قال: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ), فضرب بيده في صدره وقال: ليهنك العلم أبا المنذر”. وروى البخاري عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدة، من أحصاها دخل الجنة“. والاسم الرباني الذي سنعيش معه سوياً في هذه الدقائق من هذا النوع, وهو اسم الله “البديع”. فالله -عز وجل- هو بديع السموات والأرض, كل ما في الأرض من بشر وشجر وحجر ودواب, وكل ما في السموات من نجم وكوكب, وشمس وقمر, وأجرام وأفلاك, وملك وجان, كل ذلك قد أوجده الله تعالى فأبدع في خلقه, على أفضل ما يكون من صورة, وأكمل ما يكون من هيئة, قال تعالى: (الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى) [طه: 50], وقال -سبحانه-: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين: 4]. والبديع في اللغة: على وزن فعيل بمعنى مُفعِل؛ أي مُبدع السماوات والأرض, وفي لسان العرب: بدع الشيء يبدعه بدعاً وابتدعه: أنشأه وبدأ هو. ومنها جاء معنى البدعة: وهي الحدث وما ابتدع من الدين بعد الإكمال, ومنها قوله تعالى: (قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ) [الأحقاف: 9] أي لست أول رسول, بل كان هناك رسل قبلي. والإبداع: أن تصنع شيئاً على غير مثالٍ سابق, فالله -عز وجل- قد أبدع هذا الكون بكل ما فيه على غاية الحسن والإحكام من غير مثال سابق, فالبديع: من أسماء الله تعالى لإبداعه الأشياء وإحداثه إياها, ويجوز أن يكون بمعنى مبدع أو يكون من بدع الخلق أي بدأه، كما قال سبحانه-: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) [البقرة: 117] أي خالقها ومبدعها, فهو -سبحانه- الخالق المخترع لا عن مثال سابق. وقد يعتقد البعض أن اسم الله “البديع” يعطي نفس الدلالات والمعاني لأسماء أخرى لله -عز وجل-, مثل اسم الله “الخالق”, “البارئ”, “المصور”, وهذا ليس صحيح, فلكل اسم منهم معنى ودلالة خاصة به تفرقه عن غيره, وإن اشتركت أحياناً في معنى عام. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم