أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع البديع

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع ( البديع ) والتي هي إستكمالا للماضية و هي بعنوان : *معنى أسماء الله الحسنى: المسلك الثالث عشر: معرفة أثر ذلك في تقوية جناب التوحيد: فيبحث العبد مع كل اسم عن جوانب تقويته للتوحيد والإيمان، وحراسته من الشرك والتنديد، وهذا ما أشار إليه ابن القيم بقوله: لكل صفة عبوديةٌ خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها، أعني: من موجبات العلم بها والتحقيق بمعرفتها، [ مفتاح دار السعادة 2/ 90. ] ويقول ابن القيم رحمه الله مبينًا مدى ارتباط التوحيد بالإيمان بأسماء الله وصفاته، وارتباط الشرك بضد ذلك: كل شرك في العالم فأصله التعطيل، فإنه لولا تعطيل كماله أو بعضه وظن السوء به، لما أشرك به، كما قال إمام الحنفاء وأهل التوحيد لقومه: ﴿ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 86، 87]؛ أي: فما ظنكم به أن يجازيكم وقد عبدتم معه غيره؟ وما الذي ظننتم به حتى جعلتم معه شركاء؟ أظننتم أنه محتاج إلى الشركاء والأعوان؟ أم ظننتم أنه يخفى عليه شيء من أحوال عباده حتى يحتاج إلى شركاء تعرفه بها كالملوك؟ أم ظننتم أنه لا يقدر وحده على استقلاله بتدبيرهم وقضاء حوائجهم؟ أم هو قاسٍ فيحتاج إلى شفعاء يستعطفونه على عباده؟ والمقصود: أن التعطيل مبدأ الشرك وأساسه، فلا تجد معطلاً إلا وشركه على حسب تعطيله، فمستقلّ ومستكثرٌ.[ انظر مدارج السالكين 3/ 347.] ويبين رحمه الله هذا المسلك ممثلاً لذلك ببيان اسمين عظيمين من أسماء الله فيقول: من عبد الله تعالى باسمه الأول والآخر حصلت له حقيقة هذا الفقر؛ فإن انضاف إلى ذلك عبوديته باسمه الظاهر والباطن فهذا هو العارف الجامع لمتفرقات التعبد ظاهرًا وباطنًا، فعبوديته باسمه الأول تقتضي التجرد من مطالعة الأسباب والوقوف أو الالتفات إليها، وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته، وأنه هو المبتدئ بالإحسان من غير وسيلة من العبد، وعبوديته باسمه الآخر تقتضي أيضاً عدم ركونه للأسباب، فإنها تنعدم لا محالة وتنقضي بالآخرية، ويبقى الدائم الباقي بعدها، فالتعلق بها تعلق بما يعدم وينقضي، والتعلق بالآخر سبحانه تعلق بالحي الذي لا يموت ولا يزول، فالمتعلّق به حقيق أن لا ينقطع، بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به.[ طريق الهجرتين 1/ 40.] وأخيرًا: فأكمل الناس عبودية هو المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر، فلا تحجبه عبودية اسم عن آخر؛ كمن يحجبه التعبد باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم أو الرحيم، أو يحجبه عبودية اسم الرحيم والعفو والغفور عن اسمه المنتقم. فإن سما العبد بهذه المسالك وتفقه بها حق الفقه بلغ رتبة عظيمة من مقامات العبودية لله تعالى، وتوحيده وتعظيمه، "وإذا بلغ العبد في مقام المعرفة إلى حدٍّ كأنه يكاد يطالع ما اتصف به الرب سبحانه من صفات الكمال ونعوت الإجلال، أحست روحه بالقرب الخاص، حتى يشاهد رفع الحجاب بين روحه وقلبه وبين ربه، فإن حجابه هو نفسه، وقد رفع الله عنه ذلك الحجاب بحوله وقوته، فأفضى القلب والروح حينئذ إلى الرب، فصار يعبده كأنه يراه".[ راجع تهذيب مدارج السالكين.][الأنترنت – موقع الألوكة - منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها - د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم