أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثامنة عشرة في موضوع البديع
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع ( البديع ) والتي هي بعنوان : *منهج فهم معاني الأسماء الحسنى والتعبد بها : إن أعظم ما يدعى إليه من العلم: العلم الذي يعرف العبد بربه سبحانه وتعالى، فإن العبد إذا عرف ربه حق المعرفة فعرف عظيم أسمائه وجليل صفاته علم كيف يعبد الله ويدعو إليه على بصيرة، فمن كان أخبر بغيره كان أعرف بالسبل المقربة إليه وبالطريق الموصلة إليه، يقول ابن القيم رحمه الله في علم الدعوة إلى الله : والبصيرة على ثلاث درجات من استكملها فقد استكمل البصيرة: بصيرة في الأسماء والصفات، وبصيرة في الأمر والنهي، وبصيرة في الوعد والوعيد. [ مدارج السالكين 1/ 124.] وقد أمرنا الله تعالى أن نتعرف عليه سبحانه، وفي الحديث الصحيح: "تعرَّف إلى الله في الرخاء يعرفْك في الشدة"، وإنما يكون التعرف على الله بالتعرف على أسمائه وصفاته وأفعاله الحسنى، فربنا عز وجل لما عرف نفسه في القرآن الكريم عرفها بما له من الأسماء والصفات، يقول عز وجل: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى ﴾ [الحشر: 24]، ومرجع الضمير في قوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ ﴾ [الكهف: 38] إلى سؤال تقديره من هو الرب؟ فكان الجواب بتعريف العبد بربه وأسمائه وصفاته، وهو قوله تعالى من سورة الإخلاص:﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: 1]، وفي الآية الأخرى: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾[طه: 49، 50].[ منهج التعرف إلى الله والتعريف به ( 1 - 2 ) د. فريد الأنصاري، مجلة البيان - العدد [179 ] ص، رجب 1423 - أكتوبر 2002.] *أهمية معرفة معاني أسماء الله تعالى: تتضح أهمية معرفة أسماء الله إذا عرفنا أن شرف العلم من شرف المعلوم، وعلم الأسماء والصفات يبحث في معرفة الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله معرفة توجب تعظيمه وإجلاله، يقول قوام السنة الأصفهاني: قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله على خلقه: معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه، قال الله تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها؛ فيعظموا الله حق عظمته، ولو أراد رجل أن يعامل رجلاً: طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه وجده، وسأل عن صغير أمره وكبيره، فالله الذي خلقنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه أولى أن نعرف أسماءه ونعرف تفسيرها. [ الحجة في بيان المحجة 1 / 122.] أن معرفة أسماء الله وصفاته تدعو إلى محبة الله وهيبته التوكل عليه والإنابة له، وتحيي العبادات القلبية في قلب العبد، يقول العز بن عبد السلام: فهم معاني أسماء الله وسيلة إلى معاملته بثمراتها من: الخوف، والرجاء، والمهابة، والمحبة، والتوكل، وغير ذلك من ثمرات معرفة الصفات. [ شجرة المعارف والأحوال/ 1.] إن معرفة أسماء الله وصفاته يقتضي الإيمان بتوحيد الربوبية والالتزام بتوحيد الألوهية، فبوابة توحيد الأولوهية وعبادة الله حق عبادته هي الإيمان بأسماء الله وصفاته، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله: لا يستقر للعبد قدم في المعرفة بل ولا في الإيمان، حتى يؤمن بصفات الرّب ويعرفها معرفة تخرج عن حدّ الجهل بربه،فالإيمان بالصفات وتعرّفها هوأساس الإسلام،وقاعدة الإيمان،وثمرة شجرة الإحسان،فضلاً عن أن يكون من أهل العرفان.[ مدارج السالكين، ج 3، ص 347.] إنه داخل في معنى الإحصاء المشار إليه في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن لله تعالى تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة"، متفق عليه، يقول ابن القيم رحمه الله عند بيان مراتب إحصاء أسمائه الَّتي من أحصاها دخل الجنّة: المرتبة الأولى: إحصاء ألفاظها وعددها، المرتبة الثّانية: فهم معانيها ومدلولها، المرتبة الثالثة: دعاؤه بها، كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180] ؛ وهو مرتبتان: إحداهما: دعاء ثناء وعبادة، والثّاني: دعاء طلب ومسألة[ بدائع الفوائد لابن القيّم 1/ 164.]، وقال أبو نعيم الأصبهاني رحمه الله: الإحصاء المذكور في الحديث ليس هو التّعداد، وإنّما هو العمل والتعقّل بمعاني الأسماء، والإيمان بها.[ فتح الباري 11/ 226.] إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم