الحلقة الحادية عشر في لفظ الجلالة ( الله)

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الحاديةعشرة في موضوع ( الله ) والتي ستكون بعنوان : العقل وحده لا يكفيك: يظن الإنسان أنه يستطيع أن يصل إلى كل شيء وحده، وأن يدرك الحقيقة كاملة بنفسه، برغم أنه لا يعلم نفسه ولا ما يستقر فيها من مشاعر ولا يدرك حقيقة نفسه ولا حقيقة مشاعره. العقل لا يدرك حتى هذه اللحظة ما هو العقل نفسه؟ وأين يوجد هذا العقل؟ هل هو في الرأس أم في القلب أم في سائر الجهاز العصبي؟ وما هي العلاقة بين الدماغ والعقل والجهاز العصبي بشكل عام؟ هل العقل أمر مادي محسوس أم أنه لا يمتلك مكانًا محسوسًا في جسم الإنسان، وهو في ذلك مثيل للروح؟ وحتى هذه اللحظة فإن العقل لم يُدرَك بالعقل!! وإذا كان العقل لا يستطيع أن يدرك كنه ذاته بذاته فكيف بهذا العقل المُبهم المجهول أن يدرك كنه خالقه سبحانه وتعالى؟!! فالعقل نفسه لا يعرف كيف يعمل، لأنه لا يملك مراقبة نفسه في أثناء عمله، وحين يرقب نفسه يكف عن عمله الطبيعي، فلا يبقى هناك ما يراقب، وحين يعمل عمله الطبيعي لا يملك أن ينشغل في الوقت ذاته بالمراقبة، ومن ثم فهو عاجز عن معرفة خاصة ذاته، وعن معرفة طريقة عمله، وهو الأداة التي يتطاول بهاالإنسان [ سيد قطب، إثبات وجود الله، ص87.] بل إن الإنسان لم يكن يومًا من الأيام قادرًا على حماية نفسه من المطامع والحروب والصراع، حتى بعد أن أحرز مفاتيح العلوم، وعرف سنن الطبيعة، بل لعله لم يكن في يوم من الأيام أشد منه في هذه الأيام صراعًا واندفاعًا واستعدادًا لمثل هذه الأمور. إن الإنسان هو الإنسان مهما تقدّم في مضمار السبق العلمي، وما لم تتقدّم مفاهيمه النفسية والروحية، فتعلو به عن الهوى والمادة والمطامع ، فسيستعمل كل ما أحرزه من تقدّم في سبيل الشر، ولن يكون الإنسان آمنًا على نفسه ومجتمعه، إلا إذا كان مؤمنًا بالله، ملتزمًا منهاجه، متحركًا داخل إطاره.[ أحاديث إلى الشباب عن العقيدة والنفس والحياة في ضوء الإسلام، للأستاذ أنور وجدي، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، العدد 165، 15 ذي الحجة، 1394، 26 ديسمبر1974] *طريق الرسل : من هنا كان لا بد من طريق آخر يدعم صحيح العقل ويؤيده، وهذا الطريق هو طريق الرسل الذين قامت الأدلّة على صدقهم، والذين جاؤوا بالدين الصحيح؟ ولكن أي دين؟! هناك العديد من الأديان التي لا نستطيع عدّها، فهناك من يعبد حجرًا وهناك من يعبد صنمًا وهناك من يعبد فأرًا، وهناك من يعبد القمر، وهناك من يعبد الشمس، وهناك من يعبد بشرًا، وهناك من يعبد الخلاء، وهناك من يعبد إلهًا يزعم أنه ليس من حق الغير أن يعرفه. وهناك من يعبد إلهًا فوق كل هذا، خلق الشمس والقمر وأوجد البشر والحجر، يتصف بكل صفات الكمال ويتنزه عن كل صفات النقص، ومن حق كل البشر أن يعرفوه، وأن يعبدوه، وأن يشكروه؛ لأنه خالقهم وإلههم، وأنزل لهم دينًا يدعو إلى كل خير، وينهى عن كل شر، دين وسط لا يكلف أتباعه فوق ما يطيقون، ولا يتركهم يلعبون، وهذا الدين يسمى الإسلام. كما أن هناك العديد من المذاهب الفلسفية التي دعت إلى عبادة الإله، ووصفت هذا الإله بأوصاف متعدّدة وفق ما ارتأته هذه المذاهب وواضعوها. فأي هذه المذاهب والأديان دين الله الذي أرسل به الرسل؟! وما مكانته بين هذه الأديان التي يكتظ بها العالم؟! وللتوضيح نستعرض العقيدة الإلهية في عدد من المذاهب والأديان، ومقارنتها بالعقيدة الإسلامية تلك التي نقول عنها إنها أكمل الأديان وأتمها، وإنها دين الله الذي كلّف البشر جميعهم أن يتبعوه. ونكتفي بالعقيدة الإلهية؛ لأن العقيدة في الإله رأس العقائد الدينية بجملتها وتفصيلها، فمن عرف عقيدة قوم عرف نصيب دينهم من رفعة الفهم والوجدان، ومن صحة المقاييس التي يقاس بها الخير والشر، وتقدّر بها الحسنات والسيئات، فلا يهبط دين وعقيدته في الإله عالية،ولايعلو دين وعقيدته في الإله هابطة لا تناسب صفات الموجود الأوّل الذي تتبعه جميع الموجودات. إلى هنا ونكمل في اللقاء التالي والسلام عليكم