الحلقة الثانية في لفظ الجلالة ( الله)
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثانية في موضوع ( الله ) والتي ستكون بعنوان : الإجابة على الأسئلة التي تقدمت في الحلقة الأولى *مبدأ السببية: بنظرة بسيطة.. إذا نظرنا إلى السماء والأرض وجدنا أن المطر يأتي من السحاب، وأن الثمر يحصل من الشجر، وأن الشجر ينبت من الماء والتراب، وأن الماء ينشأ من الأوكسجين والهيدروجين، فلم يشاهد الإنسان منذ فتح عينيه على الوجود أن حادثًا حدث من غير سبب، أو أن شيئًا وُجد من غير موجد، حتى أصبح هذا المعنى -بحكم الواقع القاهر- لا يتصور العقل خلافه، ولا يطمئن إلى غيره. ولا يرفض هذا المبدأ إلا عقل مريض شأن المعتوهين، أو عقل قاصر شأن الطفل الذي يكسر الإناء، ثم يقول : إنه انكسر وحده، وجرت الحوادث أبدًا على هذا القانون، حتى أصبح مبدأً مسلّمًا به في كتب الفلسفة، وسمي (مبدأ السببية) وهو أوّل مبادئ العقل المديرة للمعرفة، لأنه أساس الأحكام العقلية والمحاكمات المنطقية. إذًا فقولنا لا بد لكل حادث من مُحدث أو لا بد لكل موجود من مُوجد أمر يقيني مسلّم به، ولا يقبل العقل غيره، وبالتالي محال على حادث أن يحدث بذاته أو على شيء أن يوجد بغير مُوجد. وبناء على هذه القاعدة نقول: إن عالمنا هذا من أرض وجبال وشجر وبشر ودواب وكواكب وشموس لا بد له من مُحدث، فلا بد لهذا العالم من خالق. ولهذا قال الرجل الأعرابي البسيط "البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، ليل داج ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، أفلا تدل على الصانع الخبير" [ سعيد حوى، الله جل جلاله، ص109 و110] *إبطال أزلية الكون: إلا أنه قد يقول لنا قائل: إن هذا العالم قديم أزلي (أي أنه لا بداية لوجوده) ولا نهاية له، وهذا الرأي أيضًا أبطله العلم والقوانين الثابتة، فقد أثبت العلم أنه كما أن للإنسان عمرًا فإن للكواكب والمجرات أعمارًا، وأنه سيأتي يوم تنعدم فيه الحياة على سطح الأرض، بل أبعد من ذلك، لقد قالوا إن لهذا العالم بداية زمانية، وهذه القضية قال بها الفلاسفة قديمًا وثبت اليوم عدم خطؤها. إن القانون الثاني من قوانين الديناميكا الحرارية يثبت أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليًّا، فهنالك انتقال حراري مستمر من الأجسام الحارة إلى الأجسام الباردة ، ولا يمكن أن يحدث العكس بقوة ذاتية، بحيث تعود الحرارة فترتد من الأجسام الباردة إلى الأجسام الحارة. ومعنى ذلك أن الكون يتجه إلى درجة تتساوى فيها حرارة جميع الأجسام، وينضب فيها معين الطاقة، ويومئذ لن تكون هناك عمليات كيماوية أو طبيعية، ولن يكون هناك أثر للحياة في هذا الكون. ولما كانت الحياة لاتزال قائمة،ولاتزال العمليات الكيماوية والطبيعية تسير في طريقها، فإننا نستطيع أن نستنتج أن هذا الكون لا يمكن أن يكون أزليًّا؛ وإلا لاستهلكت طاقته منذ زمن بعيد، وتوقف كل نشاط في الوجود. وهكذا توصلت العلوم دون قصد إلى أن لهذا العالم بداية، وهي بذلك تثبت وجود الله، لأن ما له بداية لا يمكن أن يكون قد بدأ بنفسه، ولا بد له من مبدئ أو خالق وهو الإله.[ إدوارد لوثركيسيل، مقالة فلننظر إلى الحقائق دون ملل وتحيز، ضمن كتاب الله يتجلى في عصر العلم، ص33]. إلى هنا ونكمل في اللقاء التالي والسلام عليكم