أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الرابعة والثمانون بعد المائة في موضوع الشكور

نبذة عن الفيديو

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الرابعة والثمانون بعد المئة في موضوع الشكور والتي هي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : * نعمة الماء والحفاظ عليها وشكرها في الإسلام كذلك نهى صلَّى الله عليه وسلَّم عن الإسراف في الوضوء؛ فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: “جاء أعرابِيٌّ إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم يسأله عن الوضوء؟ فأراه الوضوء ثلاثًا، ثم قال: هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا، فقد أساء، وتعدَّى، وظلم”( قال الألباني: حسن صحيح) وإذا كان هذا في شأن عبادة، فما ظنك بما دون العبادة. وعن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد، وهو يتوضأ، فقال: “ما هذا السرف؟! فقال: أفي الوضوء إسراف؟، قال: نعم، وإن كنت على نهر جارٍ”( ابن ماجه وحسنه الألباني في الصحيحة) كما نهى النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – المؤمنَ أن يزيد على وضوئه ثلاث مرات؛ فعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدِّه، قال: “جاء أعرابيٌّ إلى النبيِّ – صلى الله عليه وسلم – يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثًا ثلاثًا”، ثم قال: (هكذا الوضوء؛ فمَن زاد على هذا، فقد أساء، وتعدَّى، وظَلَم”( النسائي) قال البخاري: “بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّ فرض الوضوء مرة مرة، وتوضَّأ أيضًا مرتين وثلاثًا، ولم يزد على ثلاث، وكره أهل العلم الإسراف فيه، وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم” (صحيح البخاري)، فالماء نعمةٌ عُظمى، وهبةٌ ومنحةٌ كبرى، ورسولنا – صلَّى الله عليه وسلَّم – ضرب للأمة أروعَ الأمثلة في المحافظة على هذه النعمة، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه – قال: “كان النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – يتوضأ بالمُد، ويغتسل بالصَّاع، إلى خمسة أمداد”؛ ( رواه مسلم) ، وعن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يجزئ من الوضوء مدٌّ، ومن الغسل صاع، فقال رجل: لا يجزئنا، فقال: قد كان يجزئ من هو خير منك، وأكثر شعرًا، يعني النبي صلى الله عليه وسلم” (صححه الألباني في صحيح ابن ماجه) أيها المسلمون: إن الإنسان المعاصر قد وصل استهلاكه للماء إلى أرقام من الإسراف مخيفة، وبخاصة ما يصرف في الاستحمام والمراحيض والسباحة، وسقي الحدائق وأمثالها، فأما المستعمل في الشرب والطهي فلا يتجاوز نسبة (2%). إن عقيدتنا بربنا سبحانه وتعالى، واعتمادنا عليه كبير، فهو سبحانه يصرف الماء بين الناس ليذكّروا، ولكن الأخذ بالأسباب، والسلوك على نهج محمد صلى الله عليه وسلم في التوسط والقصد والبعد عن الإسراف هو المنهج الحق، لا فضل للأمة في أن تبدد خيراتها بيديها، ولكن الفضل كل الفضل أن تكون قوية مسيطرة على أمورها، متحكمة في نظمها، حازمة في تدبير شئونها. إن الأمة تملك عزها، وتحفظ مجدها، بالحفاظ على ثرواتها ومواردها، والتحكم بما في يديها؛ وإن الأمة إذا وقعت في عسر بعد يسر، تجرعت مرارة الهوان المصحوبة بحسرات الندم، فالإسراف يفضي إلى الفاقة، وبالإسراف تهدر الثروات، وتقوض البيوتات، وفي عواقبه البؤس والإملاق، يقول الله: { وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} [الشعراء:151-152]. العنصر الثالث: شكر نعمة الماء لقد أنعم الله علينا بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، قال تعالى: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ } (إبراهيم: 34)، وقال سبحانه: { وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } (النحل: 18). وهنا وقفة لطيفة، فتجد أن الله ختم الآيتين بخاتمتين مختلفتين؛ ففي سورة إبراهيم ختمت بقوله تعالى: {إن الإنسان لظلوم كفار}، وأما في سورة النحل فختمت بقوله تعالى: {إن الله لغفور رحيم} فما تعليل ذلك؟ ولتلمس العلة في ذلك- والله أعلم- أنقل ما ذكره الطاهر بن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير حيث يقول: «وقد خولف بين ختام هذه الآية (آية النحل)، وختام آية سورة إبراهيم؛ إذ وقع هنالك {وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار} لأن تلك جاءت في سياق وعيد وتهديد عقب قوله تعالى: { ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرًا} فكان المناسب لها تسجيل ظلمهم وكفرهم بنعمة الله. وأما هذه الآية فقد جاءت خطابًا للفريقين، كما كانت النعم المعدودة عليهم منتفعًا بها كلاهما. ثم كان من اللطائف أن قوبل الوصفان اللذان في آية سورة إبراهيم {لظلوم كفار} بوصفين هنا {لغفور رحيم} إشارة إلى أن تلك النعم كانت سبب لظلم الإنسان وكفره، وهي سبب لغفران الله ورحمته. والأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان». وأقف وقفة عند قول الإمام ابن عاشور : ” والأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان” فأقول: الماء نعمة فإذا استخدمته في طاعة وحافظت عليه فقد شكرت النعمة وأديت حقها؛ فبذلك تنال الرحمة والمغفرة {إن الله لغفور رحيم}!! أما إذا استخدمته في معصية وأسرفت فيه؛ فقد ظلمت نفسك وكفرت بالنعمة ولم تؤد حقها فبذلك دخلت في دائرة الظلم والكفران { إن الإنسان لظلوم كفار}!! فالأمر في ذلك منوط بعمل الإنسان!! وقس على ذلك بقية النعم من المال والتكنولوجيات الحديثة من النت والدش والفيس بوك والمحمول والبلوتوث وغير ذلك. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم