أسماء الله الحسنى وصفاته الحلقة الثالثة بعد المائة في موضوع الشكور
نبذة عن الفيديو
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة الثالثة بعد المئة في موضوع الشكور وهي إستكمالا للماضية والتي هي بعنوان : *نعمة الهداية والثبات عليها إنَّ الهداية هي سؤالُ الله معرفةَ الحق، ثم التوفيق للعملِ بالحق، ومِن هنا يُعلم اضطرارُ العبد إلى سؤال هذه الدعوة، وبطلان قوْل مَن يقول: إذا كنَّا مهتدين، فكيف نسأل الهداية؟ لأنَّ المجهول لنا من الحق أضعافُ المعلوم، وما لا نُريد فِعْله تهاونًا وكسلاً مثل ما نُريده أو أكثر منه أو دونه، وما لا نَقدِر عليه مما نريده لذلك، وما نعرف جملتَه ولا نهتدي لتفاصيله أمرٌ يفوت الحصر، ونحن محتاجون إلى الهداية التامَّة، فمَن كَمُلت له هذه الأمور كان سؤالُ الهداية له سؤالَ التثبيت والدوام. إنَّ قلوبكم بين أُصبعين من أصابعِ الرحمن، يُصرِّفها كيف يشاء؛ عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((إنَّ قلوب بني آدم كلَّها بين أُصبعين من أصابع الرحمن، كقَلْب واحد، يُصرِّفه كيف يشاء))، وفي حديث آخرَ يصوِّر - صلَّى الله عليه وسلَّم - شدَّة تقلُّب قلْب العبد تصويرًا دقيقًا، يورث المسلم الخوفَ والوجل، والشعور بالحاجة إلى تثبيت الله وعونه؛ عن المقداد بن الأسود - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لَقلبُ ابن آدم أشدُّ تقلبًا من القِدْر إذا استجمعتْ غليانًا))؛ رواه أحمد وغيرُه، ولقد كان المقداد - رضي الله عنه - يقول: ما آمَنُ على أحد بعدَ الذي سمعتُ من رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم. إذا كانتِ القلوب بهذه المنزلة، وكانت الهدايةُ يعتريها ما يعتري سائرَ النِّعم، وجَبَ على المسلم العنايةُ بها، والمحافظة عليها، والثبات على طريقها، ألاَ وإنَّ من أهم أسباب حصولِ الثبات على الحق والهدى: الشُّعورَ بالفقر إلى تثبيت الله – تعالى - وذلك أنَّه ليس بنا غِنًى عن تثبيته - سبحانه - لنا طَرْفة عين؛ قال الله - سبحانه - مخاطبًا خيرَ خَلْقه وأكرمهم عليه: ﴿ وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ﴾ [الإسراء: 74]، وقال سبحانه لأكرم خلقه: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آَمَنُوا.﴾[الأنفال: 12]. يقول ابن سعدي - رحمه الله -: "وفي هذه الآياتِ دليلٌ على شدَّة افتقار العبد إلى تثبيت الله إيَّاه، وأنَّه ينبغي له ألاَّ يزال متملقًا لربِّه أن يثبته على الإيمان، ساعيًا في كلِّ سبب موصل إلى ذلك؛ لأنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو أكملُ الخلق قال الله له: ﴿ وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً ﴾، فكيف بغيره - صلَّى الله عليه وسلَّم؟!" ا.هـ. من العوامل المعِينة على الثبات بعدَ الهداية: التقرُّب إلى الله بالأعمال الصالحة، فالنتائجُ لا تخالف مقدِّماتِها، والمسببات مربوطةٌ بأسبابها، وسُنن الله ثابتة لا تتغيَّر، ولن تجد لسُنة الله تبديلاً، ولقد تكرَّر في القرآن جَعْل الأعمال القائمة بالقلْب، والجوارح سببًا للهداية والإضلال، فيقوم بالقلب والجوارح أعمالٌ تقتضي الهُدَى اقتضاءَ السبب لمسببه، والمؤثِّر لأثره، وكذلك الضلال، فأعمال البِرِّ تثمر الهدى، وكلَّما ازداد منها ازداد هدًى، وأعمالُ الفجور بالضد، والله - سبحانه - يحبُّ أعمال البِرّ، فيجازي عليها بالهُدَى والفلاح، ويُبغض أعمالَ الفجور، ويجازي عليها بالضلال والشقاء. إنَّ الأعمال الصالحة لا تقتصر على الأعمالِ الظاهرة مِن كثرة التعبُّد، وطول الصلاة، والصيام فقط، ولكنَّها تشمل الظاهرةَ والباطنةَ؛ ولهذا جعل النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عواملَ ذَوْق لذَّة الإيمان وحلاوته أمورًا قلبيَّة، فقال: (ثلاثةٌ مَن كُنَّ فيه وجَدَ بهنَّ حلاوةَ الإيمان: أن يكون اللهُ ورسولُه أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرءَ لا يحبُّه الله، وأن يكره أن يعود في الكُفْر كما يكره أن يُقذَف في النار) أخرجه الشيخان. إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم