أسمــــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــــــــى وصفاتــــه الحلقـة الثامنة عشرة بعد المائتيـــــن في موضــــــــــــــــــوع المتيـــــــــــــــــــــــــــــــن

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه الحلقة

 الثامنة عشرة بعد المائتين في موضوع (المتين) والتي هي بعنوان : الخاتمة

التدبر والتفكر في أسماء الله :

ثم إن عباد الله الأنبياء كانوا يذكّرون أقوامهم بكلامه كما قال جل جلاله: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُواْ إِلَى بَارِئِكُمْ } وختم الآية بقوله: { فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } سورة البقرة54، وكذلك عيسى صلى الله عليه وسلم قال كما حكى الله على لسانه: { إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [سورة المائدة118]، فقد يقول قائل: ولماذا ختمها بالعزيز الحكيم مع أن عيسى يلتمس المغفرة والرحمة منه، {إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ }[سورة المائدة118]، ولم يقل: الغفور الرحيم؟ والجواب: أن المقام ليس مقام استعطاف واسترحام، وإنما هو مقام غضب وانتقام، ولذلك يغضب الله يوم القيامة غضباً لم يغضب مثله أبداً ولن يغضب مثله أبداً، فالمقام مقام غضب وانتقام ممن اتخذه وأمه إلهين، ممن اتخذ عيسى وأمه إلهين، ولذلك ناسب ذكر العزة والحكمة في آخر الآية لأجل هذا المعنى اللطيف، ثم إن ختم هذه الآيات بأسماء معينة يشير إلى أحكام فمن ذلك قوله تعالى: إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة المائدة34]، فهؤلاء الذين يسعون في الأرض فساداً إذا تابوا قبل أن يقدر عليهم المسلمون فجاءوا مستسلمين فما هو الحكم فيهم، ومن أين عرفناه؟ إن الحكم هو العفو عنهم ترغيباً لأي قاطع ومفسد بالمجيء والاستسلام، فمن أين أخذنا قضية العفو عنهم؟ من ختام الآية إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [سورة المائدة34 ]فلم يقل: اعفوا عنهم، ولكن يكفينا أنه ختمها بأنه غفور رحيم لنترك عقوبتهم، وهذا الذي قاله العلماء، ثم إنه جل جلاله قد يختم الآية بأسماء من أسمائه الحسنى تعليلاً لأمر ورد في الآية، كقوله تعالى: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }[سورة التوبة5]، هذا هو التعليل لتخلية السبيل، لماذا نتركهم؟ لأنه أمر وختم الآية بقوله: إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وكذلك قال جل جلاله: وَاسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ [سورة هود90 ]، فالاستغفار يؤدي إلى قبول التوبة، وهذه رحمة من الله، ويؤدي إلى محبة الرب للعبد، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّاسورة مريم96، وكان الأنبياء لا يزالون يستعملون في أدعيتهم الأسماء الحسنى المناسبة للدعاء، {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ۝ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [سورة البقرة127-128]، وقال جل جلاله عن دعاء المؤمنين: رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ [سورة آل عمران8 ]

وإلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.