الكلام
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله الا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ﭧ ﭨ ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﭼوبعــــد :فهذه الحلقة الأولى في موضوع الكلام وستكون بعنوان : تعريف الكلام
الكلام على ثلاثة أوجه: اسم، وفعل، وحرف
فالاسم: مأخوذ من السمة، وهي العلامة؛ وحقيقته: ما أفاد معنى غير مقترن بزمان مخصوص،
والفعل : عبارة عما دل على زمان محدود.
والحرف: هو عبارة عن شيئين: أحدهما معنى، والآخر عبارة.
و الكلام في الأصل، اسم اللفظ الدال على المعنى، وقيل المعنى المدلول عليه باللفظ
والحروف التي تكلم الله بها غير مخلوقة وإذا كتبت في المصحف قيل كلام الله المكتوب في المصحف غير مخلوق، وأما نفس أصوات العباد فمخلوقة والمداد مخلوق وشكل المداد مخلوق، فالمداد مخلوق بمادته وصورته، وكلام الله المكتوب بالمداد غير مخلوق، ومن كلام الله الحروف التي تكلم الله بها فإذا كتبت بالمداد لم تكن مخلوقة وكان المداد مخلوقا.
وكلام الله صفة ذات وفعل معاً ، ومذهب السلف في الكلام
أن القرآن كلام الله ، وأنه قديم حروفه ومعانيه ، وقد توعد الله من جعله قول البشر بقوله : ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭼ ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - بَشَر ، فمن قال إنه قول محمد فقد كفر ، ولا فرق بين أن يقول بشر أو جني أو ملك ، فمن جعله قولا لأحد من هؤلاء ، فقد كفر . وهو كلام الله ، وهو مثبت في المصاحف ، وهو كلام الله مبلغا عنه مسموعا من القراء ، ليس هو مسموعا منه - تعالى،فكلام الله قديم،وصوت العبد مخلوق. وهو هذا الكتاب العربي الذي هو مائة وأربع عشرة سورة ، أولها الفاتحة ، وآخرها قل أعوذ برب الناس ، مكتوب في المصاحف ، متلو في المحاريب ، مسموع بالآذان ، متلو بالألسن ، محفوظ في الصدور، له أول وآخر وأجزاء وأبعاض
و أسماء الله - تعالى - متعددة ، قال - تعالى : { ولله الأسماء الحسنى } ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم ( إن لله تسعة وتسعين اسما ، من أحصاها دخل الجنة ) ، وهي قديمة ، وقد نص الإمام الشافعي أن أسماء الله غير مخلوقة.
*أما كلام الله لخلقه ﭧ ﭨ ﭽ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄ ﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﰊ ﰋﰌ ﰍ ﰎ ﰏ ﭼ استوعب سبحانه أنواع جنس تكليمه لعباده ، فجعل ذلك ثلاثة أنواع :
1- الوحي الذي منه ما هو إلهام للأنبياء يقظة ومناما، فإن رؤيا الأنبياء وحي.
2- والتكليم من وراء حجاب، كما كلم موسى بن عمران حيث ناداه وقربه نجيا. 3_والتكليم بإرسال رسول يوحي بإذنه ما يشاء هو تكليمه بواسطة إرسال الملك، كما قال تعالى: { إن علينا جمعه وقرآنه ، فإذا قرأناه فاتبع قرآنه }
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة إستكمالا لما ورد في الحلقة الماضية وهي بعنوان : كلام الله لخلقه
وموسى سمع كلام الله بلا واسطة والمؤمنون يسْمَعه بعضهم من بعض، فسماع موسى سماع مطلق بلا واسطة، وسماع الناس سماع مقيد بواسطة، كما قال تعالى { وما كانَ لبشرٍ أن يكلمهُ اللهُ إلا وحياً }
، والناس يعلمون أن النبي صلى الله عليهوسلم إذا تكلم بكلام تكلم بحروفه ومعانيه بصوته صلى الله عليه وسلم ثم المبلغون عنه يبلغون كلامه بحركاتهم وأصواتهم كما قال صلى الله عليه وسلم: " نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه كما سمعه " فالمستمع منه مبلغ حديثه كما سمعه، لكن بصوت نفسه لا بصوت الرسول، فالكلام هو كلام الرسول تكلم به بصوته، والمبلغ بلغ كلام رسول الله بصوت نفسه.
وقال تعالى: { تلكَ الرسلُ فضلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كلمَ اللهُ ورفعَ بعضهم درجاتٍ }
قال القرطبي : وما ينبغي لبشر من بني آدم أن يكلمه ربه مشافهة ، ولكن وحيا يوحي إليه كيف يشاء ، إما إلهاما ، وإما مع ملك مقرب ، أو من وراء حجاب حيث يسمع كلامه ولا يراه كما فعل بموسى صلوات الله عليه . { أو يرسل رسولا } ، يعني : من الملائكة ، كجبريل وشبهه .{ فيوحي بإذنه ما يشآء } ، أي : فيبلغ الملك إلى البشر المرسل إليه بإذن الله ـ عز وجل ـ ما يشاء الله أن يبلغه إليه من أمره ونهيه وخبره وما أراد .
*الكلمة التي تلقاها آدم من ربه
ﭧ ﭨ ﭽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﰃ ﰄﰅ ﰆ ﰇ ﰈ ﰉ ﭼ
قال ابن كثير : قال ابن عباس فتلقى آدم من ربه كلمات قال آدم عليه السلام : يارب ألم تخلقني بيدك قيل له بلى ونفخت في من روحك قيل له بلى قال أرأيت إن تبت هل أنت راجعي إلى الجنة قال نعم وهكذا رواه العوفي وسعيد بن جبير وسعيد بن معبد عن ابن عباس بنحوه ورواه الحاكم في مستدركه
وقال القرطبي : فيه مسائل : الأولى قوله تعالى : ( فتلقى آدم من ربه كلمات ) تلقى قيل معناه : فهم وفطن وقيل : قبل وأخذ وكان عليه السلام يتلقى الوحي أي يستقبله ويأخذه ويتلقفه
الثانية وأختلف أهل التأويل في الكلمات فقال أبن عباس والحسن وسعيد أبن جبير والضحاك ومجاهد هي قوله : {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } وعن مجاهد أيضا : سبحانك اللهم لا إله إلا أنت ربي ظلمت نفسي فأغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم ، وقالت طائفة : المراد بالكلمات البكاء والحياء والدعاء وقيل : الندم والأستغفار والحزن ، قال أبن عطية : وهذا يقتضي أن آدم عليه السلام لم يقل شيئا إلا الأستغفار المعهود وسئل بعض السلف عما ينبغي أن يقوله المذنب فقال : يقول ما قاله أبواه : { ربنا ظلمنا أنفسنا ... } الآية وقال موسى : { رب إني ظلمت نفسي فأغفر لي } وقال يونس :{ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين }
وقال الشنقيطي : لم يبين هنا ما هذه الكلمات ولكنه بينها في سورة الأعراف بقوله : { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين } . الآية
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان :*كلمة التقوى (لا إله إلا الله )
ﭧ ﭨ ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ
قال ابن كثير : قال مجاهد: كلمة التقوى الإخلاص, وقال عطاء بن أبي رباح هي «لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد, وهو على كل شيء قدير» وقال علي رضي الله عنه {وألزمهم كلمة التقوى} قال: «لا إله إلا الله والله اكبر} وكذا قال ابن عمر رضي الله عنهما,
وأماتقوى الله وفضلها وثمراتها :
فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( التقوى هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والإستعداد ليوم الرحيل ).
قال ابن مسعود رضي الله عنه: أن يطاع فلا يعصي ويذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر.
وقال طلق بن حبيب رحمه الله : التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله.
وقال الحسن رحمه الله: المتقون اتقوا ما حرم الله عليهم وأدوا ما اقترض الله عليهم .
وقال عمر بن عبدالعزيز رحمه الله : ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير.
أهمية التقوى وميزاتها :
1ـ أن كلمة الإخلاص ( لا إله إلا الله ) تسمى كلمة التقوى :
(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)
2ـ أمر الله بها عباده عامة وأمر بها المؤمنين خاصة :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
3ـ وصية الأنبياء لقومهم : (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ) (إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ)
4ـ طلب الله من الخلق عبادته لتحقيقها :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
5ـ مكانها القلب أهم عضو في جسم الإنسان والذي به الصلاح والفساد:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: ( لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ [التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ] بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ )) . رواه البخاري
*ثمرات التقوى:
1ـ محبة الله تعالى :
(بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
2ـ رحمة الله تعالى في الدنيا والآخرة :
( وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)
3ـ سبب لعون الله ونصره وتأييده :
(إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)
4ـ حصن الخائف وأمانه من كل ما يخاف ويحذر :
(وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)
5ـ تبعث في القلب النور وتقوي بصيرته فيميز بين ما ينفعه وما يضره :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
6ـ تعطي العبد قوة لغلبة الشيطان :
( إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ)
7ـ وسيلة لنيل الأجر العظيم :
( ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً) ( وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ)
8ـ توسيع الرزق وفتح مزيد من الخيرات :
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ )
9ـ تفريج الكرب وتيسير الأمور :
(وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة من موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة إستكمالا للحلقة الماضية والتي ورد فيها *ثمرات التقوى:
10ـ النصر على الأعداء ورد كيدهم والنجاة من شرهم :
(إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)
11ـ أن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة :
(تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)
12ـ المتقون ينتفعون بالموعظة ويؤثر فيهم الذكر ويتفكرون في الآيات: ( وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ)
13ـ أنها صفة لأولياء الله وطريق لولاية الله (إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ)
14ـ أنها الميزان الذي يقرب العبد من ربه ويدنيه :
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
15ـ أنها أفضل ما يتزود به العبد في طريقه إلى الله :
(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ)
16ـ من أسباب قبول العمل:
(لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ
17ـ أن القرآن بشرى للمتقين :
(فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدّاً)
18ـ كل علاقات الأخلاء تنتهي يوم القيامة إلا علاقات المتقين :( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ)
19ـ المتقون هم الفائزون :
(وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)
20ـ المتقون تنالهم رحمة الله :
(وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ)
21ـ أنها صفة للأنبياء ومن صدقهم :
(وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ)
22ـ سبب لنجاة العبد يوم القيامة :
(ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً)
23ـ سبب لمغفرة الذنوب :
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
24ـ الكرم إنما يكون بالتقوى :
عَنْ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى قَالَ : ((الْحَسَبُ الْمَالُ وَالْكَرَمُ التَّقْوَى )) . رواه الترمذي وصححه الألباني .
25ـ المتقين يسهل الله لهم العلم :
( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)
26ـ التقوى ثوابها الجنة :
(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)
وشروطها جمعها الحكمى فى منظومة سلم الوصول إلى علم الأصول وإتباع الرسول :
=وقد حوته لفظة الشهادة فهى سبيل الفوز والسعادة
=من قالها معتقدا معناها وكان عاملا بمقتضاها
=فى القول والفعل ومات مؤمنا يبعث يوم الحشر ناج آمنا
=فان معناها الذى عليه دلت يقينا وهدت إليه
=أن ليس بالحق اله يعبد الا الإله الواحد المنفرد
=بالخلق والرزق والتدبير جل عن الشريك والنظير
=وبشروطها سبعة قد قيدت وفى نصوص الوحى حقا وردت
=العلم واليقين والقبول والانقياد فادر ما أقول
=والصدق والاخلاص والمحبة وفقك الله لما أحبه
=فانه لم ينفع قائلها بالنطق الا حيث يستكملها . ..
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان : مفتاح الجنة كلمة الإخلاص
في صحيح البخاري عن وهب بن منبه أنه قيل له : أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله ؟ قال : بلى ، ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان ، فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك ، وإلا لم يفتح . .هذا إسناد حسن موقوف وقد علقه البخاري لوهب
قال ابن القيم في حادي الأرواح : ولقد جعل الله لكل مطلوب مفتاحاً يفتح به، فجعل مفتاح الصلاة الطهارة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مفتاح الصلاة الطهور).... ، ومفتاح الجنة التوحيد.....الخ ، وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم لمعرفة مفاتيح الخير والشر
وإلى المفتاح أشار في النونية بقوله :
هذا وفتح الباب ليس بممكن
بمفتاح على أسنان
مفتاحه بشهادة الإخلاص والتوحيد
تلك شهادة الإيمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع الإسلام
والمفتاح بالأسنان
لا تلغين هذا المثال فكم به
من حل إشكال لذي العرفان
وإذا كان الايمان بوابة الطريق الى الجنة , فإن التوحيد وهو لب الايمان هو مفتاح الجنة , وكلمة التوحيد ( لا إله إلا الله ) مفتاح الجنة .
ثبت عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أنه قال :" من شهد أن لا إله إلا الله الا وجبت له الجنة ". وهذا حديث متواتر تواترا معنويا ، وقد أورده السيوطي في الأزهار المتناثرة " من رواية أربعة وثلاثين نفسا . لكن جاء في بعض رواياته ( وجبت له الجنة ) وفي بعضها ( دخل الجنة)، وفي بعضها ( حرّم الله عليه النار ) وكلها بمعنى.
*وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا
ﭧ ﭨ ﭽ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕﭖ ﭗ ﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ وفي قوله : { ومن أصدق من الله حديثا } ، { ومن أصدق من الله قيلا } إخبار بأن حديثه وأخباره ، وأقواله في أعلى مراتب الصدق ، بل أعلاها . فكل ما قيل في العقائد والعلوم والأعمال ، مما يناقض ما أخبر الله به ، فهو باطل ، لمناقضته للخبر الصادق اليقين ، فلا يمكن أن يكون حقا .
قال الرازي : قوله : { ومن أصدق من الله حديثا } استفهام على سبيل الانكار ، والمقصود منه بيان أنه يجب كونه تعالى صادقا وأن الكذب والخلف في قوله محال {ومن أصدق من الله حديثا } أي : لا أحد أصدق منه - عز وجل - فيرجح خبره على خبره ، فكلام غيره يحتمل الصدق والكذب عن عمد وعلم ، أو عن جهل أو سهو ، وأما كلامه تعالى فهو عن العلم المحيط بكل شيء { لا يضل ربي ولا ينسى } ، فلا يحتمل أن يكون خبره غير صادق لنقص في العلم ، كما لا يجوز أن يكون كذلك لغرض أو حاجة لأنه تعالى غني عن العالمين
قال ابن كثير : وَقَوْله تَعَالَى " وَمَنْ أَصْدَق مِنْ اللَّه حَدِيثًا " أَيْ لَا أَحَد أَصْدَق مِنْهُ فِي حَدِيثه وَخَبَره وَوَعْده وَوَعِيده فَلَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَلَا رَبّ سِوَاهُ
وثبت عنه في صحيح مسلم وغيره عن جابر أنه كان يقول في خطبته: "إن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة".
وروى الإمام مسلم في صحيحه: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في يوم الجمعة إذا خطب الناس: « أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أفضل الهدي هدي محمد »
وقال ابن تيمية : وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا} {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً} أي لا أحد أصدق من الله حديثاً، ولا أحد أصدق من الله قيلاً، فالحديث هو الكلام، والقيل: أيضاً هو القول، والقول هو الكلام، وإن كان القول أعم عند النحاة، القول أعم من الكلام عند النحاة، لكنه هنا المراد به الكلام، والحديث يراد به الكلام، والحديث المراد به هنا كلام الله -جل وعلا- في كتابه المنزل على نبيه وعلى من قبله من الأنبياء، فهو يعم كلام الله -جل وعلا- من القرآن وغيره مما أنزله الله -جل وعلا- على رسله، وكذلك القيل والقول فهو الكلام المنزل على أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان : أهمية الصدق في حياة المسلم:
الصدق خلق عظيم من أهم أخلاق المسلم وصفات الداعية إلى الله تعالى وهو الأساس الذي قام عليه هذا الدين العظيم وهو ما عرف به عليه الصلاة والسلام في مكة فما كان يُعرف حينئذ الا بالصادق الأمين وهو ايضاً ما يُعرف به الانبياء والمرسلون (عليهم السلام) وقد أثنى الله تعالى على أنبيائه ووصفهم بالصدق فقال: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا}، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا}
والصدق كما عرّفه الامام ابن القيم (رحمه الله) في مدارج السالكين (هو منزلة القوم الاعظم، الذي فيه تنشأ جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الايمان، وسكان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء الا قطعه، ولا واجه باطلاً الا أرداه وصرعه، من صال به لم تُرد صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الاعمال ومحك الاحوال والحامل على اقتحام الاهوال والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين ودرجة تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين).
وتظهر أهمية الصدق للمسلم في انه يدخل في كل أمر من الامور، فالعبادة لا تصح الا بالصدق، وكذلك المعاملة والخلق والادب وغير ذلك فاذا فقد الصدق في أمر ما فقد الركن الاعظم الذي لا يصح الشيء الا به، ولهذا جاءت النصوص في الكتاب والسنة تأمر بالصدق وتحث عليه وتأمر بلزوم أهله قال تعالى ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ))، ووصف تعالى نفسه بالصدق فقال ((ومَن اصدق من الله حديثا))، وقال ((ومن أصدق من الله قيلا)).
وامر الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام أن يسأله ان يجعل مدخله ومخرجه الصدق فقال عز من قائل: ((وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا))، وأخبر عن خليله ابراهيم عليه السلام انه سأله أن يهبه لسان صدق في الآخرين ((واجعل لي لسان صدق في الآخرين)).
وبشّر عباده بأن لهم عنده قدم صدق ومقعد صدق فقال تعالى: ((إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ))، قال الامام ابن القيم (رحمه الله) فهذه خمسة أشياء: مُدخل الصدق، ومخرج الصدق، ولسان الصدق، وقدم الصدق، ومقعد الصدق،
وحقيقة الصدق في هذه الاشياء هو الحق الثابت المتصل بالله الموصل إلى الله وهو ما كان به وله من الاقوال والاعمال وجزاء ذلك في الدنيا والآخرة.
ونظراً لأهمية الصدق في الإسلام فقد أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة ولذلك لما سأل هرقل ابا سفيان (رضي الله عنه): فماذا يأمركم؟ يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال ابو سفيان:(اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة) رواه البخاري.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ان الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة وان الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وان الكذب يهدي إلى الفجور وان الفجور يهدي إلى النار وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً) متفق عليه.
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال: (الا ان الصدق والبر في الجنة الا ان الكذب والفجور في النار).
وأقل الصدق هو استواء السر والعلانية والصادق من صدق في اقواله والصدّيق من صدق في جميع اقواله وأفعاله وأحواله، فالصدق في الاقوال استواء اللسان على الاقوال كاستواء السنبلة على ساقها والصدق في الاعمال استواء الافعال على الامر والمتابعة كاستواء الرأس على الجسد والصدق في الاحوال استواء اعمال القلب والجوارح على الاخلاص واستفراغ الوسع وبذل الطاقة فبذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق وبحسب كمال هذه الامور فيه وقيامه بها تكون بها تكون صدّيقيته
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان : ثمرات وفوائد الصدق
مما لا شك فيه ان للصدق فوائد جليلة وثمرات عديدة يجنيها الصادق بصدقه ويسعد بهذا الخلق العظيم في الدنيا والآخرة ومن أهمها :
1- الصدق دليل على الايمان والتقوى.
قال تعالى ((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ))، وكذلك يورث التقوى ((وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ)).
2- الصدق يؤدي إلى الخير وحسن العاقبة، قال تعالى ((فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ)).
3- الصدق دليل على البراءة من النفاق.
فقد قَسمَ الله تعالى الناس إلى صادق ومنافق فقال ((لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ)).
قال الامام ابن القيم: الايمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب فلا يجتمع كذب وايمان الا واحدهما محارب للآخر.
4- الصدق يؤدي إلى الجنة وينجي من النار كما مر في حديث عبد الله بن مسعود المتفق عليه.
5- نيل مرتبة الصديقية التي تلي مرتبة النبوة قال تعالى: ((وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا)).
6- الصدق ينجي العبد من اهوال القيامة، فقد أخبر الله تعالى انه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من العذاب الا صدقه ((هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)).
7- الصدق يورث الطمأنينة والراحة النفسية، فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة) رواه أحمد والترمذي وصححه الالباني.
8- الصدق يورث منازل الشهداء فعن سهل بن حنيف رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه) رواه مسلم.
9- الصدق يورث محبة ومعية الله تعالى فمن اراد ان يكون الله تعالى معه ويحبه فليلزم الصدق فإن الله تعالى مع الصادقين وان الله تعالى يحب الصادقين. 10- الصدق يورث البركة في كل شيء، فقد روى البخاري ومسلم انه عليه الصلاة والسلام قال (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا بورك لهما في بيعهما وان كتما وكذبا محقت بركة بيعهما) حتى قيل ما افتقر تاجر صدوق.
*هناك مظاهر كثيرة يتجلى فيها الصدق وأهمها: 1- صدق اللسان2- الصدق في المعاملة 3- الصدق في النية والارادة 4- الصدق في العزم 5-- صدق الحال 6- الصدق في جميع مقامات الدين
*خير الكلام كلام الله:
ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول في خطبته: ( إن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة )
ﭧ ﭨ ﭽ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ أي : فإذا أردت القراءة لكتاب الله ، الذي هو أشرف الكتب وأجلها ، وفيه صلاح القلوب ، والعلوم الكثيرة ، فإن الشيطان أحرص ما يكون على العبد ، عند شروعه في الأمور الفاضلة ، فيسعى في صرفه عن مقاصدها ومعانيها . فالطريق إلى السلامة من شره الالتجاء إلى الله ،والاستعاذة من شره ، فيقول القارىء : ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) متدبرا لمعناها ، معتمدا بقلبه على الله ، في صرفه عنه ، مجتهدا في دفع وسواسه وأفكاره الرديئة ، مجتهدا على السبب الأقوى في دفعه ، وهو : التحلي بحلية الإيمان والتوكل . فإن الشيطان ) ليس له سلطان ( أي : تسلط ) على الذين آمنوا وعلى ربهم ( وحده لا شريك له ) يتوكلون ( ، فيدفع الله عن المؤمنين المتوكلين عليه،شر الشيطان،ولا يبقى له عليهم سبيل.
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان : القرآن كلام الله
روى محمد حدثنا بسنده إلى ابن مسعود أنه قال : إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون ، فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاءهم فزع عن قلوبهم فإذا قاموا نادوا جبريل ماذا قال ربكم؟ فيقول : الحق ، فينادون الحق الحق وهو العلي الكبير
فالحروف التي تكلم الله بها غير مخلوقة وإذا كتبت في المصحف قيل كلام الله المكتوب في المصحف غير مخلوق، وأما نفس أصوات العباد فمخلوقة والمداد مخلوق وشكل المداد مخلوق، فالمداد مخلوق بمادته وصورته، وكلام الله المكتوب بالمداد غير مخلوق، ومن كلام الله الحروف التي تكلم الله بها فإذا كتبت بالمداد لم تكن مخلوقة وكان المداد مخلوقا.
ذهب المحققون إلى أن كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره ، ف{قل هو الله أحد } أفضل من { تبت يدا أبي لهب } ؛ لأن فيه فضيلة الذكر ، وهو كلام الله وفضيلة المذكور ، وهو اسم ذاته وتوحيده وصفاته الإيجابية والسلبية. وسورة ) تبت ( فيها فضيلة الذكر فقط ، وهو كلام الله تعالى.
والأخبار الواردة في فضائل القرآن وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل وكثرة الثواب في تلاوتها لا تحصى.
فـ : "يس قلب القرآن" ، وفاتحة الكتاب سور القرآن ، وآية الكرسي سيدة القرآن ، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن".
*مذهب السلف في الكلام
والأحاديث في إثبات الصوت ما روى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : خرجت إلى الشام إلى عبد الله بن أنيس الأنصاري - رضي الله عنه - فقال عبد الله بن أنيس : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : « يحشر الله العباد - أو قال الناس - وأومأ بيده إلى الشام ، حفاة عراة غرلا بهما " ، قال قلت : ما بهما ؟ قال : ليس معهم شيء " ، فيناديهم بصوت يسمعه من بعد ، كما يسمعه من قرب : " أنا الملك ، أنا الديان ، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة حتى اللطمة ، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار ووأحد من أهل الجنة يطلبه بمظلمة حتى اللطمة " ، قلنا : كيف وإنما نأتي الله حفاة عراة غرلا ؟ قال : " بالحسنات والسيئات » " ،
أخرج أصله البخاري في صحيحه تعليقا مستشهدا به إلى قوله : « أنا الملك أنا الديان » . وأخرجه الإمام أحمد وأبو يعلى الموصلي والطبراني ، وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي بسنده إلى جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال : بلغني أن للنبي - صلى الله عليه وسلم - حديثا في القصاص ، وكان صاحب الحديث بمصر ، فاشتريت بعيرا فشددت عليه رحلا ، وسرت حتى وردت مصر ، فمضيت إلى باب الرجل الذي بلغني عنه الحديث ، فقرعت بابه فخرج إلي مملوكه ، فنظر في وجهي ولم يكلمني ، فدخل إلى سيده فقال : أعرابي ، فقال : سله من أنت ؟ فقال : جابر بن عبد الله الأنصاري . فخرج إلي مولاه ، فلما تراءينا اعتنق أحدنا صاحبه ، فقال : يا جابر ، ما جئت تعرف ؟ فقلت : حديثا بلغني عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في القصاص ، ولا أظن أن أحدا ممن مضى وممن بقي أحفظ له منك . قال : نعم يا جابر ، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " « إن الله - تبارك وتعالى - يبعثكم يوم القيامة من قبوركم حفاة عراة غرلا بهما ، ثم ينادي بصوت رفيع غير قطيع ، يسمعه من بعد كمن قرب : أنا الديان ، لا تظالم اليوم ، أما وعزتي لا يجاورني اليوم ظالم ولو لطمة بكف أو يدا على يد . ألا وإن أشد ما أتخوف على أمتي من بعدي عمل قوم لوط ، فلترتقب أمتي العذاب إذا تكافأ النساء بالنساء ، والرجال بالرجال » " .
وقد روي في إثبات الحرف والصوت أحاديث تزيد على أربعين حديثا ، بعضها صحاح وبعضها حسان ويحتج بها ، أخرجها الإمام الحافظ ضياء الدين المقدسي وغيره .
وأخرج الإمام أحمد غالبها واحتج به ، وأخرج الحافظ ابن حجر غالبها أيضا في شرح البخاري ، واحتج بها البخاري وغيره من أئمة الحديث على أن الحق - جل شأنه - يتكلم بحرف وصوت ، وقد صححوا هذا الأصل واعتقدوه ، واعتمدوا على ذلك منزهين الله - تعالى - عما لا يليق بجلاله من شبهات الحدوث وسمات النقص ، كما قالوا في سائر الصفات ، ورأيت هؤلاء الأئمة قد دونوا هذه الأخبار وعملوا بها ، ودانوا الله - سبحانه وتعالى - بها ، وصرحوا بأن الله - تعالى - تكلم بحرف وصوت لا يشبهان صوت مخلوق ولا حرفه بوجه ألبتة ، معتمدين على ما صح عندهم عن صاحب الشريعة المعصوم في أقواله وأفعاله ، الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، مع اعتقادهم الجازم الذي لا يعتريه شك ولا وهم ولا خيال - نفي التشبيه والتمثيل ، والتحريف والتعطيل ، بل يقولون في صفة الكلام كما يقولون في سائر الصفات ، إثبات بلا تمثيل ، وتنزيه بلا تعطيل ، كما عليه سلف الأمة وفحول الأئمة ، فهو حق اليقين بلا محال ، وهل بعد الحق إلا الضلال .
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة إستكمالا للحلقة الماضية والتي هي بعنوان:القرآن كلام الله
قال الشيخ أبو حامد الإسفرايني ، يقول : مذهبي ، ومذهب الشافعي ، وفقهاء الأمصار أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، ومن قال مخلوق فهو كافر ، والقرآن حمله جبريل - عليه السلام - مسموعا من الله تعالى ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - سمعه من جبريل ، والصحابة - رضي الله عنهم - سمعوه من النبي - صلى الله عليه وسلم
قال وهو الذي نتلوه نحن بألسنتنا وفيما بين الدفتين ، وما في صدورنا مسموعا ومكتوبا ومحفوظا ومقروءا ، وكل حرف منه كالباء والتاء كلام الله غير مخلوق ، ومن قال مخلوق فهو كافر عليه لعائن الله والملائكة والناس أجمعين
وقد أخبر الله تعالى بتنزيله وشهد بإنزاله على رسوله ، فقال تعالى : {إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا } ، وقال : { وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا } وقال جل شأنه : { لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا } ، والمنزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو هذا الكتاب ، وقد أمر سبحانه بترتيله ، فقال : { ورتل القرآن ترتيلا } { ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه } وقال : { لا تحرك به لسانك لتعجل به } وأمر سبحانه بقراءته والاستماع له والإنصات إليه وأخبر أنه يسمع ويتلى ، فقال { حتى يسمع كلام الله } ، وقال { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } وكل هذا من صفات هذا الموجود عندنا لا من صفات ما في النفس الذي لا يظهرلحس ولا يدرى ما هو
وأخبر سبحانه أن منه سورا وآيات وكلمات ، قال الإمام الموفق في كتابه " البرهان في حقيقة القرآن " : القرآن كتاب الله العربي الذي أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو كتاب الله الذي هو هذا الذي هو سور وآيات وحروف وكلمات بغير خلاف ، قال تعالى :{ تلك آيات الكتاب المبين } { إنا جعلناه قرآنا عربيا } { حم والكتاب المبين ، إنا جعلناه قرآنا عربيا }.....
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في قاعدته التي في بيان أن القرآن كلام الله تعالى ، ليس شيء منه كلاما لغيره لا جبريل ولا محمد ولا غيرهما ، قال في قوله تعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } إلى قوله { قل نزله روح القدس من ربك بالحق } بيان لنزول جبريل به من الله...
وقال ابن تيمية : أن الرب لم يزل ولا يزال موصوفا بصفات الكمال، منعوتا بنعوت الجلال، ومن أجلها الكلام، فلم يزل متكلما إذا شاء ولا يزال كذلك، وهو يتكلم إذا شاء بالعربية كما تكلم بالقرآن العربي، وما تكلم الله به فهو قائم به ليس مخلوقا منفصلا عنه، فلا تكون الحروف التي هي مباني أسماء الله الحسنى وكتبه المنزلة مخلوقة لأن الله تكلم بها.
ثم تنازع بعض المتأخرين في الحروف الموجودة في كلام الآدميين، وسبب نزاعهم أمران:
أحدهما : أنهم لم يفرقوا بين الكلام الذي يتكلم الله به فيسمع منه، وبين ما إذا بلغه عنه مبلغ فسمع من ذلك المبلغ، فإن القرآن كلام الله تكلم به بلفظه ومعناه بصوت نفسه، فإذا قرأه القراء قرؤوه بأصوات أنفسهم. فإذا قال القارئ " الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم " كان هذا الكلام المسموع منه كلام الله لا كلام نفسه، وكان هو قرأه بصوت نفسه لا بصوت الله، فالكلام كلام البارئ، والصوت صوت القارئ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " زينوا القرآن بأصواتكم " وكان يقول: " ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي فإن قريشا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي " وكلا الحديثين ثابت، فبين أن الكلام الذي بلغه كلام ربه وبين أن القارئ يقرأه بصوت نفسه، وقال صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " قال أحمد والشافعي وغيرهما: هو تحسينه بالصوت، قال أحمد بن حنبل: يحسنه بصوته، فبين أن القارئ يحسن القرآن بصوته نفسه.
والسبب الثاني : أن السلف قالوا كلام الله منزل غير مخلوق، وقالوا لم يزل متكلما إذا شاء، فبينوا أن كلام الله قديم، أي جنسه قديم لم يزل، ولم يقل أحد منهم أن نفس الكلام المعين قديم، ولا قال أحد منهم القرآن قديم، بل قالوا إنه كلام الله منزل غير مخلوق، وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن بمشيئته كان القرآن كلامه، وكان منزلا منه غير مخلوق، ولم يكن مع ذلك أزليا قديما بقدم الله وإن كان الله لم يزل متكلما إذا شاء، فجنس كلامه قديم، فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض.
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة العاشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة إستكمالا للحلقة الماضية والتي هي بعنوان:
*القرآن كلام الله واعلم أن الله أنزل القرآن على وفق الحكمة الأزلية في رعاية مصالح الخلق ليهتدي به أهل السعادة إلى الحضرة وليضل به أهل الشقاوة عن الحضرة وينسبوه إلى الإفك كما قال تعالى : { وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هـذآ إفك قديم } والقرآن لا يدرك إلا بنور الإيمان والكفر ظلمة وبالظلمة لا يرى إلا الظلمة فبظلمة الكفر رأى الكفار القرآن النوراني القديم كلاما مخلوقا ظلمانيا من جنس كلام الإنس فكذلك أهل البدعة لما رأوا القرآن بظلمة البدعة رأوا كلاما مخلوقا ظلمانيا بظلمة الحدوث وظلموا أنفسهم بوضع القرآن في غير موضعه من كلام الإنس .
*أفضل الذكر بعد كلام الله- عز وجل- سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله، والله أكبر
فقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر". وقد ذكرنا ما يتعلق بمعانيها في مواضع ، والمقصود هنا أن نقول: التسبيح مقرون بالتحميد، والتهليل مقرون بالتكبير، فإن الله تعالى يذكر في غير موضع التسبيح بحمده، كقول الملائكة: (ونحن نسبح بحمدك) ، وقوله: (الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم) ، وقوله تعالى: (ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) ، وقوله: (وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) ، وقو له: (وسبح بحمد ربك حين تقوم) .
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات أفضل الكلام بعد القرآن فجعل درجتها دون درجة القرآن، وهذا يقتضي أنها ليست من القرآن. ثم قال: " هي من القرآن " وكلا قوليه حق وصواب، ولهذا منع أحمد أن يقال الإيمان مخلوق، وقال لا إله إلا الله من القرآن، وهذا الكلام لا يجوز أن يقال إنه مخلوق وإن لم يكن من القرآن، ولا يقال في التوراة والإنجيل إنهما مخلوقان، ولا يقال في الأحاديث الإلهية التي يرويها عن ربه أنها مخلوقة كقوله: " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا " فكلام الله قد يكون قرآنا وقد لا يكون قرآنا والصلاة إنما تجوز وتصح بالقرآن، وكلام الله كله غير مخلوق.
*فضائل الكلمات الأربع :
إن الله عز وجل قد خص أربع كلمات بفضائل عظيمة , وميزات جليله تدل على عظم شأنهن , ورفعة قدرهن , وعلو مكانتهن , وتميزهن على ما سواهن من الكلام , وهن : " سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله اكبر ", ورد في فضلهن نصوص كثيرة تدل دلالة قويه على عظم شأن هؤلاء الكلمات وما يترتب على القيام بها من أجور عظيمة وأفضال كريمه وخيرات متواليه في الدنيا والآخرة , وقد رأيت أن من المفيد جمع جملة منها في مكان واحد
1-فمن فضائل هؤلاء الكلمات : أنهن أحب الكلام إلى الله , فقد روى مسلم في صحيحه من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أحب الكلام إلى الله تعالى أربع , لا يضرك بأيهن بدأت : سبحان الله , والحمد لله , ولا اله إلا الله , والله اكبر )
2- ومن فضائلهن : أن النبي صلى الله عليه وسلم اخبر إنهن أحب إليه مما طلعت عله الشمس - أي : من الدنيا وما فيها – لما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لأن أقول : سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله اكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس )
3- ومن فضائلهن : ما ثبت في مسند الإمام احمد , وشعب الإيمان للبيهقي بإسناد جيد عن عاصم بن بهدله , عن أبي صالح , عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت : مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: إني قد كبرت وضعفت , أو كما قالت , فمرني بعمل اعمله وأنا جالسه . قال : ( سبحي الله مائة تسبيحه , فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل , واحمدي الله مائة تحميدة , تعدل لك مائة فرس مسرجه ملجمة تحملين عليها في سبيل الله , وكبري الله مائة تكبيرة , فإنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة , وهللي مائة تهليلة ). قال ابن خلف ( الراوي عن عاصم ) احسبه قال : ( تملأ ما بين السماء والأرض , ولا يرفع يومئذ لأحد عمل إلا أن يأتي بمثل ما أتيت به)
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الحادية عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة إستكمالا لما مضى في الحلقة الماضية والتي هي بعنوان: *فضائل الكلمات الأربع :
4-ومن فضائل هؤلاء الكلمات : أنهن مكفرات للذنوب , فقد ثبت في المسند , وسنن الترمذي , ومستدرك الحاكم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما على الأرض رجل يقول : لا إله إلا الله , والله اكبر , وسبحان الله , والحمد لله , ولا حول ولا قوة إلا بالله , إلا كفرت عنه ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر ) , حسنه الترمذي , وصححه الحاكم وأقره الذهبي , وحسنه الألباني
5- ومن فضائل هؤلاء الكلمات : أنهن غرس الجنة , روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : (( لقيت إبراهيم ليلة أسري بي , فقال : يا محمد أقرئ أمتك مني السلام , واخبرهم إن الجنة طيبه التربة , عذبة الماء , وأنها قيعان , غرسها سبحان الله , والحمد لله و ولا إله إلا الله , والله اكبر )
6- ومن فضائلهن : انه ليس احد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله و تحميده , روى الإمام احمد , والنسائي في عمل اليوم والليلة بإسناد حسن عن عبد الله بن شداد : أن نفرا من بني عذرة ثلاثة أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأسلموا , قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : {من يكفينيهم } قال طلحة : أنا , قال : فكانوا عند طلحه فبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا فخرج فيه احدهم فاستشهد , قال : ثم بعث آخر , فخرج فيهم آخر فاستشهد , قال : ثم مات الثالث على فراشه , قال طلحه : فرأيت هؤلاء الثلاثة الذين كانوا عندي في الجنة , فرأيت الميت على فراشه أمامهم , ورأيت الذي استشهد أخيرا يليه , ورأيت الذي استشهد أولهم آخرهم , قال : فدخلني من ذلك . قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له , قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنكرت من ذلك , ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام يكثر تكبيره وتسبيحه وتهليله وتحميده ) وحسنه الألباني في الصحيحة
7- ومن فضائلهن : أن الله اختار هؤلاء الكلمات واصطفاهن لعباده , ورتب على ذكر الله بهن أجورا عظيمة , وثوابا جزيلا , ففي المسند للإمام احمد ومستدرك الحاكم بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله أصطفى من الكلام أربعا : سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله اكبر , فمن قال : سبحان الله كتب له عشرون حسنه , وحطت عنه عشرون سيئة, ومن قال : الله اكبر فمثل ذلك , ومن قال : لا إله إلا الله فمثل ذلك , ومن قال : الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنه , وحط عنه ثلاثون خطيئة )
8- ومن فضائلهن : أنهن جنة لقائلهن من النار ، ويأتين يوم القيامة منجيات لقائلهن ومقدمات له , روى الحاكم في المستدرك , والنسائي في عمل اليوم والليلة , وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خذوا جنتكم ) قلنا : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من عدو قد حضر ! قال : ( لا , بل جنتكم من النار , قولوا : سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله اكبر , فإنهن يأتين يوم القيامة منجيات ومقدمات , وهن الباقيات الصالحات )) , قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم , ولم يخرجاه , ووافقه الذهبي , وصححه الألباني رحمه الله
9- ومن فضائلهن : أنهن ينعطفن حول عرش الرحمن ولهن دوي كدوي النحل و, يذكرن بصاحبهن , ففي المسند للإمام أحمد وسنن أبن ماجه , ومستدرك الحاكم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد , ينعطفن حول العرش لهن دوي كدوي النحل تذكر بصاحبها , أما يحب أحدكم أن يكون له, أو لا يزال له من يذكر به )). قال البوصيري في زوائد سنن ابن ماجه : إسناده صحيح , رجاله ثقات , وصححه الحاكم
10- ومن فضائلهن : أن النبي صلى الله عليه وسلم اخبر أنهن ثقيلات في الميزان , روى النسائي في عمل اليوم و الليلة , وابن حبان في صحيحه , والحاكم , وغيرهما عن أبي سلمى رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله يقول : (( بخ بخ، – وأشار بيده بخمس – ما أثقلهن في الميزان : سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله اكبر , والولد الصالح يتوفى للمرء المسلم فيحتسبه )) صححه الحاكم , ووافقه الذهبي 11- ومن فضائل هؤلاء الكلمات : أن للعبد بقول كل واحدة منهن صدقه , روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه : أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور , يصلون كما نصلي , ويصومون كما نصوم , ويتصدقون بفضول أمولهم , قال : (( أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحه صدقه , وكل تكبيره صدقه , وكل تحميده صدقه , وكل تهليله صدقه , وأمر بالمعرف صدقة , ونهي عن المنكر صدقه , وفي بضع أحدكم صدقه )) ,
12- ومن فضائل هؤلاء الكلمات : أن النبي صلى الله عليه وسلم جعلهن عن القرآن الكريم في حق من لا يحسنه , روى أبو داود , والنسائي , والدار قطني , وغيرهم عن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن , فعلمني شيئا يجزي , قال : (( تقول : سبحان الله , والحمد لله , ولا إله إلا الله , والله اكبر , و لا حول ولا قوة إلا بالله
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانية عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان:
*جوامع الكلم ، وخواتمه
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب فبينا أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي ) قال أبو هريرة : وقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها
قال الحافظ ابن حجر : والمعنى : كان يتكلم بالقول الموجز القليل اللفظ الكثير المعاني، وجزم غير الزهري بأن المراد " بجوامع الكلم " القرآن بقرينة قوله " بعثت"، والقرآن هو الغاية في إيجاز اللفظ واتساع المعاني
واخرج مسلم بسنده من حديث سعيد بن أبي بردة حدثنا أبو بردة عن أبيه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذا إلى اليمن فقال : (ادعوا الناس وبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا ) قال فقلت يا رسول الله أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن البتع وهو من العسل ينبذ حتى يشتد والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطى جوامع الكلم بخواتمه فقال : (أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة )
والمرادُ بجوامِعِ الكَلِم: الاختِصارُ المفيدُ الناطقُ بالحكمة والجامعُ لأطرافِ الموضوعِ. كما قال ابنُ الأثير :
"الْمُرادُ بذلك أنه أُوتِيَ الكَلِمَ الجوامِعَ للمعاني". وقد استَحسنَ الفصحاءُ جوامِعَ الكَلِم، وقرَّروا أنَّ البلاغة إيجاز. كما قال أبو هلال العسكري - رحمه الله - في كتاب (الصناعتين): "قيل لبعضهم: لم لا تُطيلُ الشِّعر؟ فقال: حَسبُك من القِلادة ما أحاطَ بالعُنق! وقيل ذلك لآخر، فقال: لستُ أبيعُه مُذارَعةً! وقيل للفرزدق: ما صيَّرَك إلى القصائدِالقِصارِ بعد الطِّوال؟ فقال: لأني رأيتُها في الصدورِ أوقعَ، وفي المحافل أجْوَل.
وقالت بنتُ الحطيئة لأبيها: ما بالُ قصارِك أكثرَ من طِوالِك؟ فقال: لأنها في الآذان أولج، وبالأفواه أعلق". وقال الأبشيهي في (المستطرف من كل فن مستظرف):
"قال البحتري: خيرُ الكلامِ ما قلَّ وجلَّ ودلَّ ولم يُمَلَّ".
وقال ابنُ أبي الأصبع في تحرير التحبير :
ومما جاء من ذلك في السُّنة قولُه صلى الله عليه وسلم :
(الحلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بَيِّن)، وقوله - عليه السلام -: (لاضررَ ولا ضِرار)...
وروى البخاري - رحمه الله - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:
(بُعِثتُ بجوامعِ الكَلِم، ونُصِرتُ بالرُّعب، وبينا أنا نائمٌ أُتِيتُ بمفاتيحِ خزائنِ الأرض؛ فوُضِعَت في يدي)
وروى عن أنس - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: (أنه كان إذا سلَّمَ سَلَّم ثلاثاً، وإذا تكلَّمَ بكلمةٍ أعادَها ثلاثاً ).
وفي الصحيحَين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم –قال: (بُعِثْتُ بِجَوامِعِ الكَلِم)". وقد فسَّرَ البخاري - رحمه الله - جوامِعَ الكَلِم بقوله: "بلغَنِي أنَّ جوامِعَ الكَلِم أنَّ الله يجمعُ الأمورَ الكثيرة التي كانت تُكتَبُ في الكُتب قبلَه في الأمرِ الواحدِ والأمرَين أو نحو ذلك".
وجَوامِعُ الكَلِمِ لا تُقتَصَرُعلى اختِصارِ المعاني الكثيرةِ والفوائدِ الغزيرةِ في الألفاظِ القليلة، بل تشمَلُ كذلك محاسِنَ الافتِتاحِ والختام.
"خرَّجَ الإمامُ أحمد من حديثِ عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: خرجَ علينا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يوما كالمودِّعِ فقال: أنا محمد النبِيُّ الأُمِّي،قال ذلك ثلاثَ مرَّاتٍ ولا نبِيَّ بعدي: أُوتِيتُ فواتِحَ الكَلِم وخواتِمَه وجوامِعَه)
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان:
*السمع أفضل من البصر لإدراكه كلام الله إن السمع يدرك به أجل شيء وأفضله وهو كلام الله الذي فضله على الكلام كفضل الله على خلقه . وأيضا إنما تنال العلوم بالتفاهم والتخاطب ولا يحصل ذلك إلا بالسمع ، ومدرك السمع أعم من مدرك البصر ، فإنه يدرك الكليات والجزئيات ، والشاهد والغائب ، والموجود والمعدوم ، بخلاف البصر فإنه إنما يدرك بعض المشاهدات ، والسمع يسمع كل علم ، فأين أحدهما من الآخر إن الكلام المسموع يؤثر في النفس أكثر مما يؤثر الكلام المقروء ؛ لأن نظر المتكلم وحركاته وإشاراته ولهجته في الكلام - كل ذلك يساعد على فهم مراده من كلامه ، وأيضا يمكن السامع من أن يسأل المتكلم عما يخفى عليه من كلامه فإذا كان مكتوبا فمن يسأل؟
"والتحقيق أن السمع له مزية والبصر له مزية، فمزية السمع العموم والشمول، ومزية البصر كمال الإدراك وتمامه، فالسمع أعم وأشمل، والبصر أتم وأكمل، فهذا أفضل من جهة شمول إدراكه وعمومه، وهذا أفضل من جهة كمال إدراكه وتمامه".
وقال ابن القيم : وبالسمع تنال سعادة الدنيا والآخرة فإن السعادة بأجمعها في طاعة الرسل والإيمان بما جاءوا به وهذا إنما يدرك بالسمع
وذكر الشيخ محمد متولي الشعراوي عدداً من الحِكم في تقديم السمع على البصر، ومنها:
1- أن السمع أول عضو يؤدي وظيفته في الدنيا، فالطفل ساعة الولادة يسمع عكس العين فإنها لا تؤدي مهمتها لحظة مجيء الطفل إلى الدنيا.
2- أن الأذن لا تنام، فالإنسان عندما ينام يسكن فيه كل شيء إلا سمعه، وإنك إذا أردت أن توقظ النائم ووضعت يدك قرب عينيه فإنه لا يحس، ولكنك إذا أحدثت ضجيجاً بجانب أذنه فإنه يقوم من نومه فزعاً. والشيء الذي لا ينام أرقى في الخلق من الشيء الذي ينام، فالأذن لا تنام أبداً منذ ساعة الخلق.
3- أن الأذن هي الصلة بين الإنسان والدنيا، فالله سبحانه وتعالى حين أراد أن يجعل أهل الكهف ينامون مئات السنين قال: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً﴾ ومن هنا عندما تعطل السمع استطاعوا النوم مئات السنين دون أي إزعاج، ذلك أن ضجيج الحركة في النهار يمنع الإنسان النوم العميق، وسكونها بالليل يجعله ينام نوماً عميقاً، وهي لا تنام ولا تغفل أبداً.
4- أن العين تحتاج إلى نور حتى ترى، وبالتالي فإن العين لا ترى في الظلام، ولكن الأذن تؤدي مهمتها في الليل والنهار، في الضوء والظلام
*كلمات الله التامات
أخرج مسلم بسنده من حديث سعد بن أبي وقاص عن خولة بنت حكيم السلمية أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إذا نزل أحدكم منزلا فليقل أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لا يضره شيء حتى يرتحل منه)
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبٍ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ ، قَالَ : ( أَمَا لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ تَضُرَّكَ )
*الكلمة الطيبة كشجرة طيبة هي (النخلة )
ﭧ ﭨ ﭽ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﭼ
وأخرج البخاري بسنده من حديث ابن عمر قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أخبروني عن شجرة تشبه - أو : كالرجل - المسلم ، لا يتحات ورقها [ ولا ولا ولا ] تؤتي أكلها كل حين " . قال ابن عمر : فوقع في نفسي أنها النخلة ، ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان ، فكرهت أن أتكلم ، فلما لم يقولوا شيئا ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هي النخلة " . فلما قمنا قلت لعمر : يا أبتا ، والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة . قال : ما منعك أن تكلم ؟ قال : لم أركم تتكلمون ، فكرهت أن أتكلم أو أقول شيئا . قال عمر : لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا .
وشجرة النخلة هي : الشجرة الطيبة التي ضرب الله بها المثل لكلمة التوحيد عندما تستقر في القلب الصّادق فتثمر الأعمال المقويّة للإيمان
لقد جعلَ اللهُ الكلمةَ الطيبةَ مَثَلاً للشجَرةِ الطيبةِ التِي أصلُها ثابتٌ فِي الأرضِ ضارِبٌ بعُروقِهِ فيها وَفَرعُها أي رأسُها وأعلاهَا فِي السماء، والكَلِمَةُ الطيبةُ هي كلِمَةُ التوحيد كلمةُ لا إلـٰه إلا الله أصلُها تصديقٌ بالجَنان وفرعُها إقرارٌ باللّسان وأُكُلُها عمَلٌ بالأركان، والتوحيد كما قال الإمام الجنيد: إفراد القديم من المحدث، أي تنزيه الله الأزليّ الذي لاابتداء لوجوده عن مشابهة المحدث المخلوق وهو هذا العالم. وكما أنَّ الشجرةَ شجرةٌ وإن لَم تكن حامِلاً، فالمؤمنُ مؤمنٌ وإن لَم يكن عامِلاً، ولكنَّ الأشجارُ لا تُرادُ إلا للثِّمار فما أقواتُ النارِ إلا مِنَ الأشجار إذا اعتادَتِ الإخفار في عهدِ الإثمار، والشجرةُ كلُّ شجرةٍ مُثمرَةٍ طيبةِ الثِّمار كالنخلةِ وشجرةِ التينِ ونَحوِ ذلك والجمهورُ على أنها النخلة
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان:
*الكلمة الطيبة صدقة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الكلمة الطيبة صدقة، وكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة) وهو طرف من حديث أوله: "كل سلامى من الناس عليه صدقة...".
قال ابن عثيمين رحمه الله: "الكلمة الطيبة تنقسم إلى قسمين طيبة بذاتها طيبة بغاياتها، أما الطيبة بذاتها كالذكر؛ لا إله إلا الله، الله أكبر، الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، وأفضل الذكر قراءة القرآن.
وأما الكلمة الطيبة في غايتها فهي الكلمة المباحة؛ كالتحدث مع الناس إذا قصدت بهذا إيناسهم وإدخال السرور عليهم، فإن هذا الكلام وإن لم يكن طيبا بذاته لكنه طيب في غاياته في إدخال السرور على إخوانك، وإدخال السرور على إخوانك مما يقربك إلى الله عز وجل" قال سبحانه: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} قال ابن كثير رحمه الله: "وقوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ} يعني: الذكر والتلاوة والدعاء، قاله غير واحد من السلف"
وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "إن العبد المسلم إذا قال: سبحان الله وبحمده، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تبارك الله، أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه، ثم صَعد بهن إلى السماء، فلا يمُرّ بهن على جمْعٍ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن، حتى يجيء بهن وجه الرحمن عز وجل، ثم قرأ عبد الله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}"
ولا يخفى علينا أن الكلمة الطيبة الواردة في قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} هي: لاإله إلا الله.
ودعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى عفة اللسان، وطيِّب الكلام.
ففي سنن الترمذي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الْفَاحِشِ، وَلَا الْبَذِيءِ».
والطعان : الوقَّاع في أعراض الناس ، والعيَّاب يعيب ما لإخوانه ، واللعان: كثير اللعن ، والفاحش: الذي يتكلم بما يثير الشهوة ، البذيء: الكلام الذي يحمل عليه عدم الحياء.
وفي هذا الحديث فائدة: أن الطعن والجرح كما يحدث بالسيف والسنان يحدث باللسان، فالأول جرح حسي، والآخر جرح معنوي، ولربما كان الجرح المعنوي أشد مرارة وأكثر ألماً من الحسي.
وفي مسند أحمد، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ: أَعْتِقْ النَّسَمَةَ وَفُكَّ الرَّقَبَةَ». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَيْسَتَا بِوَاحِدَةٍ؟ قَالَ: «لَا؛ إِنَّ عِتْقَ النَّسَمَةِ أَنْ تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا، وَفَكَّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ فِي عِتْقِهَا، وَالْمِنْحَةُ الْوَكُوفُ وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ الظَّالِمِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَأَطْعِمْ الْجَائِعَ وَاسْقِ الظَّمْآنَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ الْخَيْرِ».
وقال لرجل من الأعراب: «لَا تَسُبَّنَّ شَيْئًا». قَالَ فَمَا سَبَبْتُ بَعِيرًا وَلَا شَاةً مُنْذُ أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه أحمد.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ» متفق عليه.
قال صلى الله عليه وسلم: «وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» متفق عليه.
قال ابن عثيمين رحمه الله: "الصدقة لا تختص بالمال، بل كل ما يقرب إلى الله فهو صدقة بالمعنى العام؛ لأن فعله يدل على صدق صاحبه في طلب رضوان الله عز وجل"
والكلمة الطيبة انتصار على الشيطان قال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}. أي: وقل لعبادي المؤمنين يقولوا في تخاطبهم وتحاورهم الكلام الحسن الطيب؛ فإنهم إن لم يفعلوا ذلك ألقى الشيطان بينهم العداوة والفساد والخصام. إن الشيطان كان للإنسان عدوًا ظاهر العداوة. فالشيطان حريص على إفساد ذات بيننا، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ» رواه مسلم، والتحريش: الإفساد بينهم، فمن رد بالكملة الطيبة أخزى الشيطان.
وبالكلمة الطيبة تتحقق المغفرة قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ الْمَغْفِرَةِ بَذْلُ السَّلامِ، وَحُسْنُ الْكَلامِ»
وبها تكون النجاة من النار عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: ذَكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّارَ فَأَعْرَضَ وَأَشَاحَ، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ»، ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ كَأَنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا، ثُمَّ قَالَ: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ» رواه البخاري ومسلم.
والكلمة الطيبة سبب دخول الجنة عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ غُرَفًا تُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا» فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: لِمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «لِمَنْ أَطَابَ الْكَلَامَ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ» رواه الترمذي.
وعن المقدام بن شريح عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قلت يا رسول الله حدثني بشيء يوجب لي الجنة. قال: «موجب الجنة: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وحسن الكلام» رواه الطبراني.
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان:
*والجزاء من جنس العمل
لما كانت الكلمة الطيبة سجية لهم دخلوا الجنة فلم يسمعوا فيها إلا الطيب الذي لا يؤذيهم. قال تعالى: { لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا ، إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا } ، أي: لا يسمعون في الجنة كلامًا لاغيا، أي: غثا خاليا عن المعنى، أو مشتملا على معنى حقير أو ضعيف.
ولما كانت خمر الدنيا حاملة على بذيء الكلام قال تعالى في نعت خمر الآخرة: {يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ}
*كلمة العذاب
ﭧ ﭨ ﭽ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﭼ
بيان لاحوال عبدة الطاغوت بعد بيان احوال المجتنبين عنها . والهمزة للاستفهام الانكارى والفاء للعطف على محذوف دل عليه الكلام ،ومن شرطية ، والمفهوم من كشف الاسرار وتفسير الكاشفى كونها موصولة وحق بمعنى وجب وثبت ،وكلمة العذاب قوله تعالى لابليس {لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } وكررت الهمزة فى الجزاء لتأكيد الانكار والفاء فيه فاء الجزاء ثم وضع موضع الضمير من فى النار لمزيد تشديد الانكار والاستبعاد والتنبيه على ان المحكوم عليه بالعذاب بمنزلة الواقع فى النار وان اجتهاده عليه السلام فى دعائهم الى الايمان سعى فى انقاذهم من النار اى تخليصهم فان الانقاذ التخليص من ورطة كما فى المفردات . والمعنى أانت يا محمد مالك امر الناس فمن حق اى وجب وثبت عليه من الكفار عدلا فى علم الله تعالى كلمة العذاب فانت تنقذه فالآية جملة واحدة من شرط وجزاء
وﭧ ﭨ ﭽ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﭼ
وﭧ ﭨ ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﭼ
ﭧ ﭨ ﭽ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﭼ
{وحق عليهم القول } اى ثبت وتقرر عليهم كلمة العذاب وتحقيق موجبها ومصداقها وهى قوله { لأملان جهنم منك وممن تبعك منهم اجمعين } ونحوه { فى امم } حال من الضمير المجرور اى كائنين فى جملة امم وقيل فى بمعنى مع وهذا كما ترى صريح فى ان المراد باعدآء الله فيما سبق المعهودون من عاد وثمود لا الكفار من الاولين والآخرين كما قيل { قد خلت } صفة الامم اى مضت { من قبلهم من الجن والانس } على الكفر والعصيان كدأب هؤلاء الكفار { انهم كانوا خاسرين } تعليل لاستحقاقهم العذاب والضمير للاولين والآخ .
*الكلمة التي إذا قالها المغضب ذهب عنه الشيطان
أخرج مسلم بسنده من حديث سليمان بن صرد قال استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فجعل أحدهما يغضب ويحمر وجهه فنظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فقام إلى الرجل رجل ممن سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتدري ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آنفا قال : ( إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب ذا عنه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فقال له الرجل : أمجنونا تراني
أعوذ بالله أي : أعتصم به . من الشيطان الرجيم : لأن ما أصابه من الشيطان ، وعلى هذا فيقول : المشروع للإنسان إذا غضب أن يحبس نفسه وأن يصبر ، وأن يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، يقول : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، وأن يتوضأ ، فإن الوضوء يطفئ الغضب ، وإن كان قائما فليقعد ، وإن كان قاعدا فليضطجع ، وإن خاف خرج من المكان الذي هو فيه ، حتى لا ينفذ غضبه فيندم بعد ذلك .
والغضب جمر توقد في جوف ابن آدم، إلا ترى إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه"، وهو غليان دم القلب لطلب الانتقام.
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة إستكمالا للحلقة الماضية والتي بعنوان:
الكلمة التي إذا قالها المغضب ذهب عنه الشيطان
وفي الصحيحين أن رجلين استبا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد اشتد غضب أحدهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". وقد قال تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم } ، وقال تعالى: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ) ، وقال تعالى: (ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون ) .
*ومن الأدب عند الغضب :
1ـ أن يكون الغضب لله تعالى:
لما رأى موسى عليه السلام قومه يعبدون العِجْل من دون الله غضب لله وفي الله، وهذا غضب ممدوح أن يغضب المسلم لربه ودينه ولحرمات الله إن انتُهكت.
) وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ
اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ
2ـ الاستعاذة بالله من الشيطان:
قال تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}
3ـ أن يغير حاله وهيئته:
عن أبى ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع"
4ـ دعاء الله عز وجل أن يرزقنا الحلم وحسن الخلق.
5ـ معرفة فضيلة ترك الغضب وتمالك النفس عند وجوده:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصُّرَعة، إنما الشديدُ الذي يملك نفسه عند الغضب"
6ـ السكوت والسكون عند الغضب:
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا غضب أحدكم، فليسكت" قالها ثلاثًا
قال ابن رجب رحمه الله تعالى: "وهذا أيضًا دواء عظيم للغضب؛ لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيرًا من السباب وغيره مما يعظم ضرره, فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده,
7ـ استحضار الأجر العظيم لكظم الغيظ:
قال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} وقال تعالى: {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ }
8ـ استحضار وصية النبي عليه السلام:
عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: "لا تغضب" فردد مرارًا، قال: "لا تغضب"
9ـ معرفة أن الغضب يخرج الإنسان عن حلمه:
10ـ الإكثار من ذكر الله تعالى:
قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}
11ـ العفو والإعراض عن الجاهلين :
قال تعالى : {خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ}
12ـ تجنب أسباب الغضب:
قال الخطابي: معنى قوله: "لا تغضب" اجتنب أسباب الغضب ولا تتعرض لما يجلبه، وأما نفس الغضب فلا يتأتى النهي عنه؛ لأنه أمر طبيعي لا يزول من الجِبِلَّة
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان:
*الاسلحة التي يخاف منها الشيطان وما هي نقاط ضعفة..؟
قال صل الله عليه وسلم : ( إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ ..)
*أفضل الجهاد " كلمة حق عند سلطان جائر " .
حديث : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أي الجهاد أفضل ؟قال : كلمة حق عند سلطان جائر .
ثم قال تعالى : { وجاهدوا في الله حق جهاده } أي : جاهدوا المشركين حق الجهاد . قاله : ابن عباس . وعن ابن عباس : أن المعنى : لا تخافوا في الله لومة لائم ، فذلك حق جهاده .
وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " المجاهد من جاهد نفسه لله " .
وعنه أنه قال : " أفضل الجهاد ، كلمة عدل عند سلطان جائر " ، و معنى : " حق جهاده " هو استفراغ الطاقة . يقول الله تعالى : ) فاتقوا الله ما استطعتم ( . وأكثر الناس على أنه غير منسوخ وواجب على كل مسلم أن يجاهد في الله حق جهاده على قدر استطاعته ويكون قوله:) فاتقوا الله ما استطعتم (بيانا لهذا وليس بناسخ له .
قال ابن عثيمين رحمه الله :
عندنا أربع أحوال :1- كلمة حق عند سلطان عادل وهذه سهلة 2 - كلمة باطل عند سلطان عادل وهذه خطيرة لأنك قد تفتن السلطان العادل بكلمتك بما تزينه له من الزخارف 3 - كلمة الحق عند سلطان جائر وهذه أفضل الجهاد 4 - كلمة باطل عند سلطان جائر وهذه أقبح ما يكون فهذه أقسام أربعة لكن أفضلها كلمة الحق عند السلطان الجائر نسأل الله أن يجعلنا ممن يقول الحق ظاهرا وباطنا على نفسه وعلى غيره
*كلمة الله هي العليا
في الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ). وقد قال تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله} .
قال ابن تيمية : وهذه المسألة هي في الرجل أو الطائفة يقاتل منهم أكثر من ضعفيهم ، إذا كان في قتالهم منفعة للدين، وقد غلب على ظنهم أنهم يقتلون، كالرجل يحمل وحده على صف الكفار ويدخل فيهم، ويسمي العلماء ذلك الانغماس في العدو؛ فإنه يغيب فيهم كالشيء ينغمس فيه فيما يغمره. وكذلك الرجل يقتل بعض رؤساء الكفار بين أصحابه، مثل أن يثب عليه جهرة إذا اختلسه، ويرى أنه يقتله ويقتل بعد ذلك.
والرجل ينهزم أصحابه فيقاتل وحده أو هو وطائفة معه العدو، وفي ذلك نكاية في العدو، ولكن يظنون أنهم يقتلون. فهذا كله جائز عند عامة علماء الإسلام من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، وليس في ذلك إلا خلاف شاذ. وأما الأئمة المتبعون كالشافعي وأحمد وغيرهما فقد نصوا على جواز ذلك. وكذلك هو مذهب أبي حنيفة ومالك وغيرهما.
ودليل ذلك الكتاب والسنة وإجماع سلف الأئمة.
أما الكتاب فقد قال الله تعالى: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد }.
وقد ذكر أن سبب نزول هذه الآية أن صهيبا خرج مهاجرا من مكة إلى المدينة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلحقه المشركون وهو وحده، فنثل كنانته، وقال: والله لا يأتي رجل منكم إلا رميته. فأراد قتالهم وحده، وقال: إن أحببتم أن تأخذوا مالي بمكة فخذوه، وأنا أدلكم عليه. ثم قدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ربح البيع أبا يحيى ) شرح الحديث : قوله (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا): قال الحافظ في (الفتح): المراد بكلمة الله: دعوة الله إلى الإسلام، ويحتمل أن يكون المراد: أنه لا يكون في سبيل الله إلا من كان سبب قتاله طلب إعلاء كلمة الله فقط
و(كلمة الله): في هذا الحديث بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله) |
|||
|
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان:
كلمة "لا حول ولا قوة إلا بالله " كنز من كنوز الجنة
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبرنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ولكن تدعون سميعا بصيرا ) ثم أتى علي وأنا أقول في نفسي لا حول ولا قوة إلا بالله فقال يا عبد الله بن قيس قل لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة أو قال ألا أدلك على كلمة هي كنز من كنوز الجنة (لا حول ولا قوة إلا بالله)
وقال النووي رحمه الله : قال العلماء : سبب ذلك أنّها كلمة اسْتسلام وتفويض إلى الله تعالى، واعْتراف بالإذعان له ، وأنّه لا صانع غيره ، ولا رادّ لأمره ، وأنّ العبد لا يملك شيئاً من الأمر، ومعنى الكنز هنا : أنّه ثواب مدّخر في الجنّة ، وهو ثواب نفيس ، كما أنّ الكنز أنفس أموالكم وقال ابن رجب رحمه الله : فإنّ المعنى : لا تحوّل للعبد من حال إلى حال ، ولا قوة له على ذلك إلاّ بالله ، وهذه كلمة عظيمة وهي كنز من كنوز الجنّة . وقال ابن القيّم رحمه الله : لمّا كان الكنز هو المال النفيس المجمع الذي يخفى على أكثر النّاس ، وكان هذا شأن هذه الكلمة ، كانت كنزاً من كنوز الجنة ، فأوتيها النبي صلى الله عليه وسلم من كنز تحت العرش ، وكان قائلها أسلم واستسلم لمن أزمّة الأمور بيديه ، وفوّض أمره إليه .
*أصدق كلمة قالها شاعر( كلمة لبيد)
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد : (ألا كل شيء ما خلا الله باطل ، وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم )
قال ابن تيمية : فقد جعل هذه الكلمة أصدق كلمة قالها شاعر، وهذا كقوله: (ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل) ، وقال: (فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال) ، ونحو ذلك يتناول كل معبود من دون الله من الملائكة والبشر وغيرهم من كل شيء، فهو باطل، وعبادته باطلة ، وعابده على باطل ، وإن كان موجودا كالأصنام. و"الباطل" يراد به: الذي لا ينفع عابده، ولا ينتفع المعبود بعبادته. فكل شيء سوى الله باطل بهذا الاعتبار، حتى الدرهم والدينار، كما في الدعاء المأثور: "أشهد أن كل معبود من لدن عرشك إلى قرار أرضك باطل إلا وجهك الكريم" ، فإن كل نفس لابد لها أن تأله إلها هو غاية مقصودها، فكل ما سوى الله باطل، وهو ضال عن عابده، كما أخبر بذلك في كتابه.
*الكلمة السواء
ﭧ ﭨ ﭽ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﭼ
قال ابن كثير : هذا الخطاب يعم أهل الكتاب من اليهود والنصارى ومن جرى مجراهم ، والكلمة تطلق على الجملة المفيدة كما قال هاهنا ثم وصفها بقوله ) سواء بيننا وبينكم ( أي عدل ونصف نستوي نحن وأنتم فيها ثم فسرها بقوله ) أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ( لا وثنا ولا صليبا ولا صنما ولا طاغوتا ولا نارا ولا شيء بل نفرد العبادة لله وحده لا شريك له هذه دعوة جميع الرسل قال الله تعالى { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } وقال تعالى { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ثم قال تعالى {ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله } وقد ذكرنا في شرح البخاري عند روايته من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس عن أبي سفيان في قصته حين دخل على قيصر فسألهم عن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن صفته ونعته وما يدعو إليه فأخبره بجميع ذلك على الجلية مع أن أبا سفيان إذ ذاك كان مشركا لم يسلم إلا بعد وكان ذلك بعد صلح الحديبية وقبل الفتح كما هو مصرح به في الحديث ولأنه لما سأله هل يغدر قال فقلت لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها قال ولم يمكني كلمة أزيد فيها شيئا سوى هذه والغرض أنه قال ثم جيء بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فأسلم تسلم وأسلم يؤتك أجرك مرتين فإن توليت فإنما عليك إثم الأريسيين و { يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون }
وقال البغوي : قال المفسرون قدم وفد نجران المدينة فالتقوا مع اليهود فاختصموا في إبراهيم عليه السلام فزعمت النصارى أنه كان نصرانيا وهم على دينه وأولى الناس به وقالت اليهود بل كان يهوديا وهم على دينه وأولى الناس به فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا الفريفين بريء من إبراهيم ودينه بل كان حنيفا مسلما وأنا على دينه وأولى الناس به فاتبعوا دينه الإسلام فقالت اليهود يا محمد ما تريد إلا أن نتخذك ربا كما اتخذت النصارى عيسى ربا وقالت النصارى يا محمد ما تريد إلا أن نقول فيك ما قالت اليهود في عزير فأنزل الله تعالى { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة } والعرب تسمي كل قصة لها شرح [ كلمة ] ومنه سميت القصيدة [ كلمة ]
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة عشرة في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان: *الكلمة الكذب
ﭧ ﭨ ﭽ ﯼ ﯽ ﯾ ﯿ ﰀ ﰁ ﰂ ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗﭘ ﭙ ﭚ ﭛ ﭜ ﭝﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭼ
قال ابن كثير : { كبرت كلمة } نصب على التمييز تقديره كبرت كلمتهم هذه كلمة وقيل على التعجب تقديره أعظم بكلمتهم كلمة كما تقول أكرم بزيد رجلا قاله بعض البصريين وقرأ ذلك بعض قراء مكة كبرت كلمة كما يقال عَظُمَ قَولَكَ وكَبُرَ شأنُك والمعنى على قراءة الجمهور أظهر فإن هذا تبشيع لمقالتهم وأستعظام لإفكهم ولهذا قال ) كبرت كلمة تخرج من أفواههم ( أي ليس مستند سوى قولهم ولا دليل لهم عليها إلا كذبهم وافتراؤهم
وقال الألوسي : أي عظمت مقالتهم هذه في الكفر والافتراء لما فيها من نسبته تعالى إلى ما لا يكاد يليق بكبريائه جل وعلا وكبر
*كلمة الله
ﭧ ﭨ ﭽ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭼ
قال الشوكاني:أي بعيسى عليه السلام وسمي ( كلمة الله ) لأنه كان بقوله سبحانه كن وقيل سمى كلمة الله لأن الناس يهتدون به كما يهتدون بكلام الله
وقال أبو عبيد معنى { بكلمة من الله } بكتاب من الله قال والعرب تقول : أنشدني كلمته أي قصيدته
وقال القرطبي : يعنى عيسى في قول أكثر المفسرين وسمى عيسى (كلمة ) لأنة كان بكلمة الله تعالى التي هي كن فكان من غير أب
قال السمعاني : قيل : مصدقا بكتاب الله وكلامه . وقيل : معناه مصدقا بعيسى ، وهو كلمة الله فإن قال قائل : ' كلمة الله ' لا يكون مخلوقا ، وقد أنكرنا على النصارى قولهم : ' المسيح ابن الله ' ، وقولهم : ' إن الله ثالث ثلاثة ' ، فكيف نعرف أن عيسى كلمة الله ؟ قيل : فيه ثلاثة أقوال :
أحدهما : أنه كلمة الله على معنى : أنه يكون بكلمة من الله حيث قال له : ' كن فكان ' ، من غير سبب ولا علة ، وصنع بشر وإلقاء نطفة .
الثاني : أنه كلمة الله على معنى : أنه يهتدى به ، كما يهتدى بكلام الله .
والثالث : أن الله تعالى كان قد أخبر سائر الأنبياء ، ووعدهم في كتبه أنه يخلق نبيا بلا أب ، ووعد مريم أنه يولد لها ولد بلا أب ، فلما تكون عيسى سماه كلمة ؛ لأنه حصل بتلك الكلمة ، وذلك الوعد ، وهو كما تقول العرب : أنشدني كلمتك ، أي : قصيدتك
*كلم الله موسى تكليما
ﭧ ﭨ ﭽ ﭮ ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭼ
تُفهم هذه الآية وغيرها من الآيات على ظاهرها اللائق بالله عز وجل فمن هذه الآية نفهم أن الله سبحانه وتعالى كلم موسى وقد بين في آية أخرى أنه كلمه بصوت مسموع فقال (وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً) والنداء يكون بالصوت العالي من بعيد والمناجاة بالصوت الخفي القريب ومن هنا نعلم أن الله سبحانه وتعالى يتكلم بما شاء متى شاء كيف شاء وأن كلامه بحروف وأصوات مسموعة ولكن يجب أن نعلم بأن كلام الله سبحانه وتعالى لا يشبه كلام الآدميين بأصواتهم لأن الله يقول في محكم كتابه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ويقول بصيغة الاستفهام المشعر بالتحدي والنفي (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) يعني ليس له شبيه ولا نظير ولا أحد يساويه في جميع صفات الكمال وهذه القاعدة أعني الأخذ بظاهر القرآن هي الواجبة لأن الله تعالى خاطبنا بالقرآن وقال (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) آيتان من كتاب الله بين الله سبحانه وتعالى أنه أنزل القرآن وجعله باللسان العربي من أجل أن نفهمه ونعقل معناه وعلى هذا فيجب علينا الإيمان بظاهره حسب ما يقتضيه اللسان العربي إلا أن يكون هناك دليل شرعي يوجب صرفه عن مقتضى اللغة إلى مقتضى الشرع فإنه يجب اتباع ما دل عليه الشرع في ذلك وما حصل الضلال بالتأويلات البعيدة إلا بسبب تحكيم الناس عقولهم فيما يجب لله وما يجب عليه وما يمتنع عليه فحصل بذلك من تأويل نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته ما هو معلوم وما هو متضمن للخروج عما كان عليه السلف الصالح رضي الله عنهم في إجراء كلام الله سبحانه وتعالى على ظاهره وحقيقته على الوجه الذي يليق به من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تكييف.
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة العشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة إستكمالا لما ورد في الحلقة الماضية بعنوان:
*كلم الله موسى تكليما
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال احتج آدم وموسى فقال موسى أنت آدم الذي أخرجت ذريتك من الجنة قال آدم أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وكلامه ثم تلومني على أمر قد قدر علي قبل أن أخلق فحج آدم موسى
قال ابن تيمية : القائل الذي قال: إن الله كلم موسى تكليمًا كما أخبر في كتابه مصيب، وأما الذي قال: كلم الله موسى بواسطة فهذا ضال مخطئ، بل قد نص الأئمة على أن من قال ذلك فإنه يستتاب، فإن تاب وإلا قتل؛ فإن هذا الكلام إنكار لما قد علم بالاضطرار من دين الإسلام، ولما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع.
قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ} الآية ، ففرق بين تكليمه من وراء حجاب كما كلم موسى وبين تكليمه بواسطة رسول كما أوحى إلى غير موسى قال الله تعالى:{ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ } إلى قوله:{ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا }
وسلف الأمة وأئمتها كفروا الجهمية، الذين قالوا: إن الله خلق كلامًا في بعض الأجسام، سمعه موسى، وفسر التكليم بذلك.
*وتمت كلمة ربك الحسنى
ﭧ ﭨ ﭽ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴﭼ
قال البغوي : {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل } يعني وتمت كلمة الله وهي وعده إياهم بالنصر والتمكين في الأرض وذلك قوله تعالى { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض } الآية { بما صبروا } على دينهم وعلى عذاب فرعون )
وقال الشوكاني : { وتمت كلمة ربك الحسنى } أي مضت واستمرت على التمام والكلمة هى { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين} وهذا وعد من الله سبحانه بالنصر والظفر بالأعداء والاستيلاء على أملاكهم والحسنى صفة للكلمة وهى تأنيث الأحسن وتمام هذه الكلمة
*كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى
ﭧ ﭨ ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﭼ
قال السعدي : { وجعل كلمة الذين كفروا السفلى } أي : الساقطة المخذولة ، فإن الذين كفروا ، كانوا على حرد قادرين ، في ظنهم أنهم يقدرون على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأخذه ، حنقين عليه ، فعملوا غاية مجهودهم في ذلك ، فخذلهم الله ، ولم يتم لهم مقصودهم ، بل ولا أدركوا شيئا منه . ونصر الله رسوله ، بدفعهم عنه ، وهذا هو النصر المذكور في هذا الموضع . فإن النصر على قسمين :
الأول : نصر المسلمين إذا طمعوا في عدوهم ، بأن يتم الله لهم ما طلبوا ، وقصدوا ، ويستولوا على عدوهم ، ويظهروا عليهم .
والثاني : نصر المستضعف ، الذين طمع فيه عدوه القادر ، فنصر الله إياه ، أن يرد عنه عدوه ، ويدافع عنه ، ولعل هذا النصر أنفع النصرين ، ونصر الله رسوله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين من هذا النوع . وقوله : { وكلمة الله هي العليا } أي كلماته القدرية ، وكلماته الدينية ، هي العالية على كلمة غيره ، التي من جملتها قوله : { وكان حقا علينا نصر المؤمنين } ، { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد } ، { وإن جندنا لهم الغالبون } ، فدين الله هو الظاهر العالي ، على سائر الأديان ، بالحجج الواضحة ، والآيات الباهرة والسلطان الناصر . { والله عزيز } لا يغالبه مغالب ، ولا يفوته هارب . {حكيم } يضع الأشياء مواضعها ، وقد يؤخر نصر حزبه إلى وقت آخر ، اقتضته الحكمة الإلهية . هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الحادية والعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان: *الكلمة الباقية
ﭧ ﭨ ﭽ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﭼ
قال البغوي : قال مجاهد وقتادة يعني كلمة التوحيد وهي [لا إله إلا الله] كلمة باقية في عقبه أي في ذريته قال قتادة لا يزال في ذريته من يعبد الله ويوحده وقال القرظي يعني جعل وصية إبراهيم التي أوصى بها نبيه باقية في نسله وذريته وهو قوله عز وجل ( ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب )
وقال الشنقيطي : الضمير المنصوب في جعلها على التحقيق راجع إلى كلمة الإيمان المشتملة على معنى [ لا إله إلا الله ]، المذكورة في قوله ) إنني برآء مما تعبدون إلا الذي فطرني ( لأن لا إله إلا الله نفي وإثبات ، فمعنى النفي منها هو البراءة من جميع المعبودات غير الله في جميع أنواع العبادات
*إليه يصعد الكلم الطيب ﭧ ﭨ ﭽ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤﯥ ﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ﭼ قال البغوي : ( إليه ) أي إلى الله ( يصعد الكلم الطيب ) وهو قوله لا اله إلا الله وقيل هو قول الرجل سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر
وعن ابن مسعود قال : إذا حدثتكم حديثا أنبأتكم بمصداقه من كتاب الله عز وجل ما من عبد مسلم يقول خمس كلمات سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله اكبر وتبارك الله إلا اخذهن ملك فجعلن تحت جناحه ثم صعد بهن فلا يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلنهن حتى يجيء بها وجه رب العالمين ومصداق ذلك من كتاب الله عز وجل قوله ( إليه يصعد الكلم الطيب ) ذكره ابن مسعود وقيل الكلم الطيب ذكر الله وعن قتادة إليه يصعد الكلم الطيب أي يقبل الله الكلم الطيب قوله ( والعمل الصالح يرفعه ) أي يرفع العمل الصالح الكلم الطيب فالهاء في قوله يرفعه راجعة إلى الكلم الطيب وهو قول ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وعكرمة واكثر المفسرين وقال الحسن وقتادة الكلم الطيب ذكر الله والعمل الصالح أداء فرائضه فمن ذكر الله ولم يؤد فرائضه رد كلامه على عمله وليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال فمن قال حسنا وعمل غير صالح رد الله عليه قوله ومن قال حسنا وعمل صالحا يرفعه العمل ذلك بأن الله يقول ( إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه )
وجاء في الحديث ( لا يقبل الله قولا إلا بعمل ولاقولا ولا عملا إلا بنية ) وقال القرطبي : قوله تعالى : ) إليه يصعد الكلم الطيب ( وتم الكلام ثم تبتدئ ) والعمل الصالح يرفعه ( على معنى : يرفعه الله أو يرفع صاحبه ويجوز أن يكون المعنى : والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب فيكون الكلام متصلا على ما يأتي بيانه والصعود هو الحركة إلى فوق وهو العروج أيضا ولا يتصور ذلك في الكلام لأنه عرض لكن ضرب صعوده مثلا لقبوله لأن موضع الثواب فوق وموضع العذاب أسفل
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثانيةوالعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة إستكمالا لما ورد في الحلقة الماضية بعنوان :
*إليه يصعد الكلم الطيب
قال بن عباس ومجاهد وغيرهما : المعنى والعمل الصالح يرفع الكلم الطيب وفي الحديث ( لا يقبل الله قولا إلا بعمل ولا يقبل قولا وعملا إلا بنية ولا يقبل قولا وعملا ونية إلا بإصابة السنة )
وقال بن عطية : والحق أن العاصي التارك للفرائض إذا ذكر الله وقال كلاما طيبا فإنه مكتوب له متقبل منه وله حسناته وعليه سيئاته والله تعالى يتقبل من كل من اتقى الشرك وأيضا فإن الكلام الطيب عمل صالح وإنما يستقيم قول من يقول : إن العمل هو الرافع للكلم بأن يتأول أنه يزيده في رفعه وحسن موقعه إذا تعاضد معه كما أن صاحب الأعمال من صلاة وصيام وغير ذلك إذا تخلل أعماله كلم طيب وذكر الله تعالى كانت الأعمال أشرف فيكون قوله : والعمل الصالح يرفعه موعظة وتذكرة وحضا على الأعمال وأما الأقوال التي هي أعمال في نفوسها كالتوحيد والتسبيح فمقبولة
قال بن العربي : إن كلام المرء بذكر الله إن لم يقترن به عمل صالح لم ينفع لأن من خالف قوله فعله فهو وبال عليه وتحقيق هذا : أن العمل إذا وقع شرطا في قبول القول أو مرتبطا فإنه لا قبول له إلا به وإن لم يكن شرطا فيه فإن كلمه الطيب يكتب له وعمله السيء يكتب عليه وتقع الموازنة بينهما ثم يحكم الله بالفوز والربح والخسران قلت : ما قاله بن العربي تحقيق والظاهر أن العمل الصالح شرط في قبول القول الطيب وقد جاء في الآثار ) أن العبد إذا قال : لا إله إلا الله بنية صادقة نظرت الملائكة إلى عمله فإن كان العمل موافقا لقوله صعدا جميعا وإن كان عمله مخالفا وقف قوله حتى يتوب من عمله ) فعلى هذا العمل الصالح يرفع الكلم الطيب إلى الله والكناية في يرفعه ترجع إلى الكلم الطيب وهذا قول بن عباس وشهر بن حوشب وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وأبي العالية والضحاك وعلى أن الكلم الطيب هو التوحيد فهو الرافع للعمل الصالح لأنه لا يقبل العمل الصالح إلا مع الإيمان والتوحيد أي والعمل الصالح يرفعه الكلم الطيب فالكناية تعود على العمل الصالح وروي هذا القول عن شهر بن حوشب قال : الكلم الطيب القرآن والعمل الصالح يرفعه القرآن وقيل : تعود على الله جل وعز أي أن العمل الصالح يرفعه الله على الكلم الطيب لأن العمل تحقيق الكلم والعامل أكثر تعبا من القائل وهذا هو حقيقة الكلام لأن الله هو الرافع الخافض
وقال الرازي :
المسألة الثانية : قوله : { إليه يصعد الكلم الطيب } تقرير لبيان العزة ، وذلك لأن الكفار كانوا يقولون نحن لا نعبد من لا نراه ولا نحضر عنده ، لأن البعد من الملك ذلة فقال تعالى : إن كنتم لا تصلون إليه ، فهو يسمع كلامهم ويقبل الطيب فمن قبل كلامه وصعد إليه فهو عزيز ومن رد كلامه في وجه فهو ذليل
المسألة الثالثة : في قوله : { إليه يصعد الكلم الطيب } وجوه : أحدها : كلمة لا إله إلا الله هي الطيبة وثانيها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر طيب
ثالثها : هذه الكلمات الأربع وخامسة وهي تبارك الله والمختار إن كل كلام هو ذكر الله أو هو لله كالنصيحة والعلم ، فهو إليه يصعد عمل )
وثانيهما : هي عائدة إلى العمل الصالح وعلى هذا في الفاعل الرافع وجهان :
أحدهما : هو الكلم الطيب يرفع العمل الصالح ، وهذا يؤيده قوله تعالى : { من عمل عملاصالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن }
وثانيهما : الرافع هو الله تعالى .
وقال ابن تيمية : أدلة علو الله على خلقه :
كتاب الله من أوله إلى آخره، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها، ثم عامة كلام الصحابة والتابعين، ثم كلام سائر الأئمة مملوء بما هو إما نص وإما ظاهر في أن الله سبحانه فوق كل شيء، وعليٌ على كل شيء، وأنه فوق العرش، وأنه فوق السماء،
مثل قوله تعالى: { إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه } ، { إني متوفيك ورافعك إلي } ،{ أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور • أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا }
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثالثة والعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان :
*اللذين يحرفون الكلم عن مواضعه ﭧ ﭨ ﭽ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ﮪ ﮫﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡﯢ ﯣ ﯤ ﯥﯦ ﯧ ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﭼ
قال البغوي : ( يحرفون الكلم عن مواضعه ) قيل هو تبديلهم نعت النبي صلى الله عليه وسلم وقيل تحريفهم بسوء التأويل
وقال القرطبي :{ يحرفون الكلم عن مواضعه } أي يتأولونه على غير تأويله ويلقون ذلك إلى العوام وقيل : معناه يبدلون حروفه {ويحرفون } في موضع نصب أي جعلنا قلوبهم قاسية محرفين وقرأ السلمي والنخعي الكلام بالألف وذلك أنهم غيروا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وغيروا وآية الرجم { ونسوا حظا مما ذكروا به } أي نسوا عهد الله الذي أخذه الأنبياء عليهم من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبيان نعمته { ولا تزال تطلع } أي وأنت يا محمد لا تزال الآن تقف { على خائنة منهم } والخائنة الخيانة قال قتادة وهذا جائز في اللغة ويكون مثل قولهم : قائلة بمعنى قيلولة وقيل : هو نعت لمحذوف والتقدير فرقة خائنة وقد تقع خائنة للواحد كما يقال : رجل نسابة وعلامة فخائنة على هذا للمبالغة يقال : رجل خائنة إذا بالغت في وصفه بالخيانة ......
وقال الألوسي : قوله تعالى : { يحرفون الكلام عن مواضعه } استئناف لبيان مرتبة قساوة قلوبهم فانه لامرتبة أعظم مما ينشأ عنه الاجتراء على تحريف كلام رب العالمين والافتراء عليه عز وجل والتعبير بالمضارع للحكاية واستحضار الصورة وللدلالة على التجدد والاستمرار
وقال الرازي : الله تعالى ذكر بعض ما هو من نتائج تلك القسوة فقال) يحرفون الكلم عن مواضعه (وهذا التحريف يحتمل التأويل الباطل ، ويحتمل تغيير اللفظ ، وقد بينا فيما تقدم أن الأول أولى لأن الكتاب المنقول بالتواتر لا يتأتى فيه تغيير اللفظ .
وقال السعدي :) يحرفون الكلم عن مواضعه ( أي : ابتلوا بالتغيير والتبديل ، فيجعلون الكلام الذي أراد الله له معنى ، غير ما أراد الله ، ولا رسوله . وقال ابن منذر : قوله جل وعز : { يحرفون الكلم عن مواضعه }- عن مجاهد، في قوله عز وجل " ) يحرفون الكلم عن مواضعه ( تبديل اليهود التوراة " وعن أبي عبيدة: " ) يحرفون الكلم عن مواضعه ( ، يحرفون: يقلبون، ويغيرون، والكلم جماعة كلمة "
وقال الألوسي :) يحرفون الكلم عن مواضعه ( الكلم اسم جنس ولذا ذكر الضمير في مواضع وجمع المواضع لتكرره في التوراة في مواضع بحسب الجنس أي : يزيلون لأنهم لما غيروه ووضعوا مكانه غيره فقد أزالوه عن مواضعه التي وضعه الله فيها وأمالوه عنها. والتحريف نوعان : أحدهما : صرف الكلام إلى غير المراد بضرب من التأويل الباطل كما يفعل أهل البدعة في زماننا بالآيات المخالفة لمذاهبهم.
والثاني : تبديل الكلمة بأخرى وكانوا يفعلون ذلك نحو تحريفهم في نعت النبي صلى الله عليه وسلم ... ونحو تحريفهم الرجم بوضعهم الحد بدله
وﭧ ﭨ ﭽ ﮥ ﮦ ﮧﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠﯡ ﰀ ﭼ
قال ابن كثير : ( يحرفون الكلم من بعد مواضعه ) أي يتأولونه على غير تأويله ويبدلونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون
وقال السعدي :) يحرفون الكلم من بعد مواضعه ( أي : يجلبون معاني للألفاظ ، ما أرادها الله ، ولا قصدها ، لإضلال الخلق ، ولدفع الحق .
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الرابعة والعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان :
كان من دعاء رسول الله (وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضا )
أخرج النسائي بسنده من حديث عطاء بن السائب عن أبيه قال صلى بنا عمار بن ياسر صلاة فأوجز فيها فقال له بعض القوم لقد خففت أو أوجزت الصلاة فقال أما على ذلك فقد دعوت فيها بدعوات سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام تبعه رجل من القوم هو ( أبي ) غير أنه كنى عن نفسه فسأله عن الدعاء ثم جاء فأخبر به القوم ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي اللهم وأسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا ينفد وأسألك قرة عين لا تنقطع وأسألك الرضاء بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين )
*شرع الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله
الجهاد في سبيل الله: هو بذل الطاقة والوسع في قتال الكفار ابتغاء وجه الله لإعلاء كلمة الله عز وجل. عن أبي موسى رضي الله عنه قال: جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: الرجل يقاتل للمَغنم، والرجل يقاتل للذِّكر، والرجل يقاتل ليُرى مكانُه، فمن في سبيل الله؟ قال: (من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله). متفق عليه
أماحكم مشروعية الجهاد فمنها :
1- شرع الله الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدين كله لله، وإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ونشر الإسلام، وإقامة العدل، ومنع الظلم والفساد، وحماية المسلمين، ورد كيد الأعداء وقمعهم.
2- شرع الله الجهاد ابتلاء واختباراً لعباده ؛ ليتبين الصادق من الكاذب، والمؤمن من المنافق، وليعلم المجاهد والصابر، وليس قتال الكفار لإلزامهم بالإسلام، ولكن لإلزامهم بالخضوع لأحكام الإسلام حتى يكون الدين كله لله.
3- والجهاد في سبيل الله باب من أبواب الخير، يذهب الله به الهم والغم، وتنال به الدرجات العلى في الجنة.
والهدف من القتال في الإسلام إزالة الكفر والشرك، وإخراج الناس من ظلمات الكفر والشرك والجهل إلى نور الإيمان والعلم، وقمع المعتدين، وإزالة الفتن، وإعلاء كلمة الله، وإبلاغ دين الله، وإزاحة من يقوم في وجه تبليغه ونشره، فإذا حصل ذلك بدون قتال لم يحتج إلى القتال، ولا يكون قتال من لم تبلغه الدعوة إلا بعد الدعوة إلى الإسلام، فإن أبوا أمرهم الإمام بدفع الجزية، فإن أبوا استعان بالله وقاتلهم.
ويجب الجهاد على كل مستطيع في الحالات الآتية :
1- إذا حضر صف القتال.
2- إذا استنفر الإمام الناس استنفاراً عاماً.
3- إذا حَصَر بلده عدو.
4- إذا احتيج إليه نفسه في القتال كطبيب وطيار ونحوهما.
قال الله تعالى: (انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الخامسة والعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان :
*الفأل : الكلمة الصالحة أو الطيبة أو الحسنة أو الصادقة
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (لا طيرة وخيرها الفأل ) قالوا : وما الفأل ؟ قال : ( الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم )
وأخرج مسلم بسنده من حديث أَنَسٍ ، أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا عَدْوَى ، وَلَا طِيَرَةَ ، وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ "
وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفال، قالوا: وما الفال؟ قال: كلمة طيبة» أخرجاه ، وفي رواية للبخاري : «يعجبني الفال الصالح الكلمة الحسنة»
أما الفأل: فهو أن يسمع الإنسان الكلمة الطيبة، فتسره، ولكن لا ترده عن حاجته
وقال ابن القيم : قال عكرمة : كنا جلوساً عند ابن عباس، فمر طائر يصيح فقال رجل من القوم: خير خير. فقال له ابن عباس: لا خير ولا شر. مبادرة بالإنكار عليه لئلا يعتقد له تأثير في الخير أو الشر.
وأهل السنة في هذا الباب وسط بين النفاة الذين ينفون الأسباب جملة ويمنعون ارتباطها بالمسببات وتأثيرها بها، ويسدون هذا الباب بالكلية ويضطربون فيما ورد من ذلك، فيقابلون بالتكذيب منه ما يمكنهم تكذيبهم، ويحيلون على الاتفاق والمصادفة ما لا قبل لهم بدفعه من غير أن يكون لشيء من هذه الأمور مدخل في التأثير أو تعلق بالسببية البتة، وربما يقولون إن أكثر ذلك مجرد خيالات وأوهام في النفوس تنفعل عنها النفوس كانفعال أرباب الخيالات والأمراض والأوهام، وليس عندهم وراء ذلك شيء، وهذا مسلك نفاة الأسباب وارتباط المسببات بها، وهذا جواب كثير من المتكلمين.
المسلك الثاني: مسلك المثبتين لهذه الأمور المعتقدين لها، وهي عندهم أقوى من الأسباب الحسية أو في درجتها ولا يتلفتون إلى قدح قادح فيها، والقدح فيها عندهم من جنس القدح في الحسيات والضروريات.
وأما قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا طيرة، وخيرها الفأل). قالوا: وما الفأل يا رسول الله؟ قال: (الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم). فابتدأهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإزالة الشبهة وإبطال الطيرة لئلا يتوهموها عليه في إعجابه بالفأل الصالح، وليس في الإعجاب بالفأل ومحبته شيء من الشرك، بل ذلك إبانة عن مقتضى الطبيعة وموجب الفطرة الإنسانية التي تميل إلى ما يلائمها ويوافقها مما ينفعها؛كما أخبرهم إنه حبب إليه من الدنيا النساء والطيب، فهو يحب كل كمال وخير وما يفضي إليهما، والله - سبحانه - قد جعل في غرائز الناس الإعجاب بسماع الاسم الحسن ومحبته وميل نفوسهم إليه. وكذلك جعل فيها الارتياح والاستبشار باسم السلام والنجاح والتهنئة والبشرى والربح وأمثالها، فإذا قرعت هذه الأسماء الأسماع استبشرت بها النفس وانشرح لها الصدر وقوي بها القلب، وإذا سمعت أضدادها أوجب لها ضد هذه الحال فأحزنها ذلك وأثار لها خوفاً وطيرة وانكماشاً وانقباضاً عما قصدت له وعزمت عليه، فأورث ذلك ضرراً في الدنيا ونقصاً في الإيمان ومقارفة للشرك.
وأخبر - صلى الله عليه وسلم - أن الفأل من الطيرة وهو خيرها فقال: «لا طيرة وخيرها الفأل». فأبطل الطيرة، وأخبر أن الفأل منها ولكنه خيرها، ففصل بين الفأل والطيرة؛لما بينهما من الامتياز والتضاد ونفع أحدهما ومضرة الآخر.
ونحن نوضح فرقان ما بينهما فنقول: الفأل والطيرة وإن كان مأخذهما سواء ومجتناهما واحداً فإنهما يختلفان بالمقاصد ويفترقان بالمذاهب، فما كان محبوباً مستحسناً تفاءلوا به وسموه الفأل وأحبوه ورضوه، وما كان مكروهاً قبيحاً منفراً تشاءموا به وكرهوه وتطيروا منه وسموه طيرة تفرقة بين الأمرين.
وسئل بعض الحكماء فقيل له ما بالكم تكرهون الطيرة وتحبون الفأل؟ فقال لنا: في الفأل عاجل البشرى وإن قصر عن الأمل، ونكره الطيرة لما يلزم قلوبنا من الوجل. وهذا الفرقان حسن جداً، وقد كانت العرب تقلب الأسماء تطيراً وتفاؤلاً؛فيسمون اللديغ سليماً باسم السلامة وتطيراً من اسم السقم، ويسمون العطشان ناهلاً أي سينهل والنهل الشرب تفاؤلاً باسم الري، ويسمون الفلاة مفازة أي منجاة ؛ تفاؤلاً بالفوز والتجارة، ولم يسموها مهلكة لأجل الطيرة.
والنفس لا بد أن تتطير ولكن المؤمن القوي الإيمان يدفع موجب تطيره بالتوكل على الله، فإن من توكل على الله وحده كفاه من غيره، قال - تعالى -: (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم * إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون * إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون). ولهذا قال ابن مسعود: وما منا إلا -يعني من يقارب التطير- ولكن الله يذهبه بالتوكل. " أ. هـ
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السادسة والعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان :
*كان الجن يستمعون الكلمة الحق فيزيدوا عليها تسعاً باطلاً
أخرج ابن خزيمة وأحمد بسنديهما من حديث سعيد بن جبير : كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي ، فإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا ، فأما الكلمة فتكون حقا ، وأما ما زادوا فيكون باطلا . . . . الحديث ،
وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " كَانَ الْجِنُّ يَسْمَعُونَ الْوَحْيَ فَيَسْتَمِعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَزِيدُونَ فِيهَا عَشْرًا ، فَيَكُونُ مَا سَمِعُوا حَقًّا ، وَمَا زَادُوهُ بَاطِلًا ، وَكَانَتْ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَأْتِي مَقْعَدَهُ إِلَّا رُمِيَ بِشِهَابٍ يُحْرِقُ مَا أَصَابَ ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ ، فَقَالَ : مَا هَذَا إِلَّا مِنْ أَمْرٍ قَدْ حَدَثَ , فَبَثَّ جُنُودَهُ ، فَإِذَا هُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلَةَ , فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ ، فَقَالَ : هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ "
*الكلام حال خطبة الجمعة
لا يجوز الكلام حال الخطبة على تفصيل في المذاهب كما يلي :
الحنفية قالوا : يكره الكلام تحريما حال الخطبة سواء أكان بعيدا عن الخطيب أم قريبا منه في الأصح ، وسواء أكان الكلام دنيويا أم بذكر ونحوه على المشهور ، وسواء حصل من الخطيب لغو بذكر الظلمة أو لا ، وإذا سمع اسم النبي صلى الله عليه و سلم يصلي عليه في نفسه
المالكية قالوا : يحرم الكلام حال الخطبة وحال جلوس الإمام على المنبر بين الخطبتين ولا فرق في ذلك بين من يسمع الخطبة وغيره فالكل يحرم عليه الكلام ولو كان برحبة المسجد أو الطرق المتصلة به وإنما يحرم الكلام المذكور
الشافعية قالوا : من كان قريبا من الخطيب بحيث لو أنصت يسمعه يكره له تنزيها أن يتكلم أثناء أداء الخطيب أركان الخطبة وإن لم يسمع بالفعل وقيل : يحرم أما ما زاد على أركان الخطبة فإنه لا يكره الكلام في أثناء أدائه كما لا يكره الكلام قبل الخطبة ولو خرج الإمام من خلوته ولا بعدها قبل إقامة الصلاة ولا بين الخطبتين وكذا لا يكره كلام من كان بعيدا عنه بحيث لو أنصت لا يسمع ويسن له حينذاك أن يشتغل بالذكر
الحنابلة قالوا : يحرم على من كان قريبا من الخطيب يوم الجمعة - بحيث يسمعه - أن يتكلم حال الخطبة بأي كلام ذكرا كان أو غيره ولو كان الخطيب غير عدل إلا الخطيب نفسه فإنه يجوز له أن يتكلم مع غيره لمصلحة كما يجوز لغيره أن يتكلم معه : نعم يباح للمستمع أن يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم عند ذكر اسمه ولكن يسن له أن يصلي عليه سرا وكذا يجوز له أن يؤمن على الدعاء
أخرج البخاري بسنده من حديث أبي هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت)
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة السابعة والعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان : الكلام المحرم
خرج البزار من حديث أبي يسر «أن رجلا قال يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة ( قال أمسك هذا وأشار إلى لسانه ) فأعادها عليه وقال : (ثكلتك أمك هل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ) وقال إسناد حسن وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – ( أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان الفم والفرج) رواه الإمام أحمد والترمذي .
وأخرج البخاري والترمذي عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – (من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة) .
والطبراني في الأوسط عن أنس مرفوعا (من حفظ لسانه ستر الله عورته) .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة أيضا - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) .
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت) رواه البخاري ومسلم .
وفي مسند الإمام أحمد - رضي الله عنه - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه) .
من آفات اللسان :
(الأول) الكلام فيما لا يعني ،والمراد بتركه ما لا يعني من المحرمات والمشتبهات والمكروهات وفضول المباحات التي لا يحتاج إليها
ومنها كثرة الكلام ، وقد ذكرنا أن من علم أن كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه .
ومنها الكذب ، وهو من الآفات العظام والذنوب الجسام ، والبذاذة ، وشهادة الزور ، وقول الفجور
ومنها القذف وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «من قذف مملوكه بالزنا يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال» .
*هل الكلام أفضل من السكوت أم عكسه أفضل ؟
المعتمد أن الكلام أفضل لأنه من باب التحلية، والسكوت من التخلية ، والتحلية أفضل ، ولأن المتكلم حصل له ما حصل للساكت وزيادة ،وذلك أن غاية ما يحصل للساكت السلامة وهي حاصلة لمن يتكلم بالخير مع ثواب الخير .
قال رجل من العلماء عند عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - : الصامت على علم كالمتكلم على علم ، فقال عمر : إني لأرجو أن يكون المتكلم على علم ، أفضلهما يوم القيامة حالا ، وذلك أن منفعته للناس وهذا صمته لنفسه . هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثامنة والعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان :
أي الجارحتين أفضل اللسان أم العينان؟ :
لا شك أن أشرف ما في الإنسان محل العلم منه وهو قلبه ولسانه وسمعه وبصره ولما كان القلب هو محل العلم ، والسمع رسوله الذي يأتي به ، والعين طليعته ، كان ملكا على سائر الأعضاء يأمرها فتأتمر بأمره ، ويصرفها فتنقاد له طائعة بما خص به من العلم دونها ، فلذلك كان ملكها والمطاع فيها .
قال الإمام المحقق ابن القيم في مفتاح دار السعادة : اللسان أحد آيات الله الدالة عليه ، وهو ترجمان ملك الأعضاء يبين عنه ويبلغ عن مقاصده ومراداته ، فجعله سبحانه ترجمانا لملك الأعضاء الذي هو القلب مبينا عنه ، كما جعل الأذن رسولا مؤديا مبلغا إليه ، فهي رسوله وبريده الذي يؤدي إليه الأخبار ، واللسان رسوله وبريده الذي يؤدي عنه ما يريد .
واقتضت حكمته سبحانه أن جعل هذا الرسول مصونا ، محفوظا مستورا غير بارز مكشوف كالأذن والعين والأنف ، لأن تلك الأعضاء لما كانت تؤدي من الخارج إليه جعلت بارزة ظاهرة ، ولما كان اللسان مؤديا منه إلى الخارج جعل مستورا مصونا لعدم الفائدة في إخراجه لأنه لا يأخذ من خارج إلى القلب .
قال وأيضا فإنه لما كان أشرف الأعضاء بعد القلب ، ومنزلته منه منزلة ترجمانه ووزيره ، ضرب عليه سرادق يستره ويصونه ، وجعل في ذلك السرادق كالقلب في الصدر .
فعلم من كلامه أن أشرف الأعضاء بعد القلب اللسان ، وهو كذلك .
وقال الدكتور فكري السيد عوض ؛ المتخصص في العيون :
قال الأكثرون: إن السمع أشرف من البصر وكانت حجتهم: أن اللّه تعالى ذكر السمع في القرآن قبل البصر..
وأن السعادة كلها تكون باتباع الرسل والإيمان بما جاءوا به وهذا لا يدرك إلا بالسمع. وأن العلوم الحاصلة بالسمع أضعاف أضعاف العلوم الحاصلة من البصر كذلك فإن فقد السمع يوجب، ثلم القلب واللسان، ولهذا كان الأطرش خلقة لا ينطق في الغالب...
وأما فقد البصر فربما كان مفيدا من ناحية قوة إدراك البصيرة، وشدة ذكائها، لهذا نجد كثيرا من العميان عندهم من الذكاء والفطنة مالا تجده عند البصير حيث أن تقلب البصر في الجهات ومباشرته للمبصرات على اختلافها يؤدي إلى تفريق القلب وتشتيته ولذلك كان الليل أجمع للقلب، والخلوة أعون على إصابة الفكرة...
ولهذا كان كثير من العلماء والفضلاء وأئمة الإسلام مكفوف البصر لكن لا أعرف أن فيهم الأطرش....
- واحتج عليهم فريقا آخر بأن أفضل نعيم أهل الجنة هو النظر إلى وجه الله تعالى في الدار الآخرة وهذا لا يدرك إلا بالبصر، ولا توجد حاسة في العبد أكمل من حاسة تراه بها... ثم قالوا إن كل ما ينال بواسطة السمع إنما هو وسيلة لهذا المطلوب الأعظم فتفضل السمع على البصر كفضيلة الغايات على وسائلها..
وهنا يحسم المشكلة شيخ الإسلام ابن القيم بقوله : "إن إدراك السمع أعم وأشمل وإدراك البصر أتم وأكمل فهذا له التمام والكمال وذاك له العموم والشمول فقد ترجح كل منهما على الآخر بما اختص به" .. ثم استطرد قائلا : "إن تقديم السمع على البصر له سببان:
أولا: أن يكون السياق يقتضيه بحيث يكون ذكرها بين الصفتين متضمنا للتهديد والوعيد أي أني أسمع ما يردون له عليك وما يقابلون به رسالتي وأبصر ما يفعلون.
ثانيا: أن إنكار الأوهام الفاسدة لسمع الكلام مع غاية البعد بين السامع والمسموع أشد من إنكارها لرؤيته مع بعده... وفي الصحيحين عن ابن مسعود قال اجتمع عند البيت ثلاثة نفر ثقفيا وقرشي أو قرشيان وثقفي ، فقال : أحدهم أترون الله يسمع ما نقول ؟ فقال الآخر : يسمع إن جهرنا ولا يسمع إن أخفين، فقال الثالث : إن كان يسمع إذا جهرنا فهو يسمع إذا أخفينا. ولم يقولوا أتروننا اللّه يرانا. فكان تقديم السمع أهم والحاجة إلى العلم به أمسّ. كذلك فإن حركة اللسان بالكلام أعظم حركات الجوارح وأشدها تأثير في الخير والشر والصلاح والفساد بل عامة ما يترتب في الوجود من الأفعال إنما ينشأ بعد حركة اللسان، فكان تقديم الصفة المتعلقة به أهم وأولى. وبهذا يعلم تقديم السميع على العليم فقال تعالى {سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة التاسعة والعشرون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان :
*هل الملكان يكتبان كل ما يتكلمه الإنسان ؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين مشهورين . قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : يكتب الملك كل ما يتكلم به من خير أو شر ، حتى أنه ليكتب قول أكلت وشربت وذهبت وجئت ، حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه خير أو شر وألغي سائره ، فذلك قوله تعالى { يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب } وقد قال تعالى { إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد } ، { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }
قال الحافظ ابن رجب : وقد أجمع السلف الصالح على أن الذي عن يمينه يكتب الحسنات ، والذي عن شماله يكتب السيئات ، .وفي الصحيح (إذا كان أحدكم يصلي فإنه يناجي ربه والملك عن يمينه) . وروي من حديث حذيفة مرفوعا ( أن عن يمينه كاتب الحسنات ) .
*اللسان زناه الكلام
أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة ، العينان زناهما النظر ، والأذنان زناهما الاستماع ، واللسان زناه الكلام ، واليد زناها البطش ، والرجل زناها الخطا ، والقلب يهوى ويتمنى ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه ) .
قال النووي رحمه الله: معنى الحديث أن ابن آدم قدر عليه نصيب من الزنا، فمنهم من يكون زناه حقيقاً بإدخال الفرج في الفرج الحرام، ومنهم من يكون زناه مجازاً بالنظر الحرام أو الاستماع إلى الزنا وما يتعلق بتحصيله، أو بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده أو يقبلها، أو بالمشي بالرجل إلى الزنا أو النظر أو اللمس، أو الحديث الحرام مع أجنبية ونحو ذلك أو بالفكر بالقلب فكل هذا أنواع من الزنا المجازي". اهـ.
فتبين من هذا البيان أن ما قمت به ليس زنا يوجب الحد، ولكنه من زنا اللسان والأذن وكفارته التوبة فالزنا هو وطء المكلف فرج آدمية لا شبهة له فيه.
*كلام السخرية والأستهزاء المحرم
قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن } قال الضحاك : نزلت في وفد تميم كانوا يستهزئون بفقراء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مثل عمار وخباب وبلال وصهيب وسلمان وسالم مولى أبي حذيفة لما يرون من رثاثة حالهم .
والقوم وإن كان اسما يجمع الرجال والنساء إلا أنه قد يختص بالرجال ، فمن ثم عطف عليه قوله { ولا نساء من نساء } وقد روى أنس : نزلت في صفية بنت حيي بن أخطب أم المؤمنين - رضي الله عنها - قال لها النساء يهودية بنت يهوديين
إن المستهزئ بغيره يرى فضل نفسه بعين الرضى عنها ، ويرى نقص غيره بعين الاحتقار ، إذ لو لم يحتقر غيره لما سخر منه . وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ، ولا يخذله ، ولا يحقره ، التقوى ههنا ، التقوى ههنا ، التقوى ههنا ، ويشير إلى صدره ، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم . كل المسلم على المسلم حرام : دمه وعرضه وماله»
قال النووي :... في قوله - صلى الله عليه وسلم - «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم» يعني يكفيه من الشر احتقار أخيه المسلم ، فإنه إنما يحقر أخاه المسلم لتكبره عليه ، والكبر من أعظم خصال الشر .
هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الثلاثون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان : *من أطاب الكلام في غرف الجنة
وروى الإمام أحمد ، والطبراني بإسناد حسن ، والحاكم ، وقال صحيح على شرطهما عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، فقال أبو مالك الأشعري : لمن هي يا رسول الله ؟ قال : لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وبات قائما والناس نيام)
والمعنى: أن الله تعالى أعدَّ في الجنة غرفاً شفافة لا تحجبما خلفها وهيأها لمن حَسُنَ خُلقه وتلطف في كلامه مع الناس وألان لهم الكلام، ومن لين الكلام مع الآخرين الترفق بهم والتغافل عن زلاتهم ودفع السيئة بالحسنة،
وقال الإمام المناوي (وألان الكلام) أي تملق للناس واستعطفهم ... وقال الطيبي: جعل جزاء من تلطف في الكلام الغرفة كما في قوله تعالى: {أولئك يجزون الغرفة}
*الفصاحة في الكلام
الفَصَاحة هي الإِبَانَة والظُّهور، وأصل هذه المادة يدلُّ على خُلوصٍ في شيءٍ، ونقاء من الشَّوب . قال الجرجاني: (وهي -أي الفَصَاحة- في المفرد: خُلُوصه من تَنَافر الحروف والغَرَابة ومُخَالفة القِياس، وفي الكلام: خُلُوصه من ضعف التَّأليف، وتَنَافُر الكلمات مع فَصَاحَتها،... وفي المتكلِّم: مَلَكَةٌ يقتدر بها على التَّعبير عن المقصود بلفظ فَصِيح) .
وقال الرَّازي: (الفَصَاحة خُلُوص الكلام من التَّعقيد) .
*الفرق بين الفَصَاحة والبلاغة والبَيَان والبَرَاعة
قال الهاشمي: يرى الإمام عبد القاهر الجرجاني، وجمع من المتقدِّمين، أنَّ الفَصَاحة والبَلَاغة والـبَيَان والبَرَاعة ألفاظ مترادفة، لا تتَّصف بها المفردات، وإنَّما يُوصَف بها الكلام بعد تحرِّي معاني النَّحو فيما بين الكَلِم حَسَب الأغراض التي يُصَاغ لها.
وقال أبو هلال العسكري في كتاب (الصناعتين): الفَصَاحة والبَلَاغة ترجعان إلى معنى واحد، وإنْ اختلف أصلهما؛ لأنَّ كلَّ واحد منهما إنَّما هو الإبانة عن المعنى، والإظهار له. وقال الرَّازي في (نهاية الإيجاز): وأكثر البلغاء لا يكادون يفرِّقون بين الفَصَاحة والبَلَاغة. وقال الجوهري في كتابه(الصحاح) : (الفَصَاحة هي البَلَاغة) .
- قال الله تبارك وتعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ }
قال الزَّمخشري: (ثمَّ ذكر ما تميَّز به من سائر الحيوان من الـبَيَان، وهو المنطق الفَصِيح المعِرب عمَّا في الضمير)
- وقال الله تعالى على لسان نبيه موسى عليه السَّلام: {وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ}
قوله: هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا أي: (أحسن بيانًا عما يريد أن يبينه فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يقول: عونا يُصَدِّقُنِي: أي يبين لهم عني ما أخاطبهم به) .
وعن عبد الله بن عمر، قال: قدم رجلان من المشْرق فخطبا فعجب النَّاس لبَيَانِهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنَّ من الـبَيَان لسِحْرًا، أو: إنَّ بعْضَ الـبَيَان لسِحْرٌ) .
والمراد بالبيان (اجتماع الفَصَاحة والبَلَاغة وذكاء القلب مع اللِّسان، وإنَّما شُبِّه بالسِّحر لحِدَّة عمله في سامعه، وسرعة قبول القلب له، يُضْرب في استحسان المنطق، وإيراد الحجَّة البالغة) .
ومن فوائد الفَصَاحة المحمودة
1- الفصاحة من وسائل تبليغ الدين
2- القدرة على الدِّفاع عن الحقوق:
3- الفصاحة من وسائل التأثير في المستمع
4- الفصاحة وسيلة لمعرفة إعجاز القرآن:
والفَصَاحة قسمان:
1- راجعٌ على المعنى 2- وراجعٌ على اللَّفظ
والوسائل المعينة على اكتساب الفَصَاحة
1- الإكثار من قراءة القرآن وحفظه2- حِفْظ أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم والإكثار من قراءتها
3- تعلُّم النَّحو وقواعد العربيَّة 4- تعلُّم علم البَلَاغة وقواعده
5- مُجَالسة الفُصَحَاء ومُعَاشرتهم، 6- الإكثار من قراءة كتب الأدب ودوواين العربيَّة، 7- محاولة انتقاء الكلام وتخيُّر مَحَاسنه عند الحديث، هذاونكمل في الحلقة القادمة وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فهذه الحلقة الواحدة والثلاثون في موضوع الكلام وستكون هذه الحلقة بعنوان :
*ومن فصاحة النَّبي صلى الله عليه وسلم :
قال السيوطي: (أفصحُ الخَلْق على الإطلاق سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم حبيب ربِّ العالمين جلَّ وعلا) .
و(قال الخطابي: ... ومن فَصَاحَته أنَّه تكلَّم بألفاظ اقتضبها، لم تُسْمع من العرب قبله، ولم توجد في متقَدِّمِ كلامها، كقوله: مات حَتْفَ أنفه ، وحَمِي الوَطِيس، ولا يُلدغ المؤمن من جُحر مرتين) .
ومن فصاحة الصَّحابة رضي الله عنهم :
فَصَاحة أبي بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه:
عن هشام بن عروة، قال عبيد الله، عن أبيه، قال: لما وَلِيَ أبو بكر، خطب النَّاس ، فحمد الله، وأثنى عليه، ثمَّ قال: أمَّا بعد، أيُّها النَّاس، قد وُلِّيت أمركم، ولست بخيركم، ولكن نزل القرآن، وسنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم السُّنن فعَلَّمنا فعَلِمنا. اعلموا أنَّ أَكْيَس الكَيْس: التَّقوى، وأنَّ أَحْمَق الحُمْق: الفجور. وأنَّ أقواكم عندي الضَّعيف، حتى آخذ له بحقِّه، وأنَّ أضعفكم عندي القويُّ، حتى آخذ منه الحقَّ. أيُّها النَّاس، إنَّما أنا متَّبع ولست بمبتدع. فإنْ أحسنت فأعينوني، وإنْ زِغْتُ فقوِّموني) .
ومن فَصَاحة عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه:
خطب عمر رضي الله عنه فقال بعد ما حمد الله، وأثنى عليه، وصلَّى على النَّبي صلى الله عليه وسلم: (أيها النَّاس، إنَّ بعض الطَّمع فَقْر، وإنَّ بعض اليأس غِنى، وإنَّكم تجمعون ما لا تأكلون، وتأملون ما لا تدركون، وأنتم مؤجَّلون في دار غرور، كنتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تُؤْخَذون بالوحي، فمن أَسَرَّ شيئًا، أُخِذ بسريرته، ومن أعلن شيئًا، أُخِذ بعلانيته، فأَظْهِروا لنا أَحْسَن أخلاقكم، والله أعلم بالسَّرائر، فإنَّه مَنْ أَظْهَر شيئًا، وزعم أنَّ سريرته حسنة، لم نصدِّقه، ومن أَظْهَر لنا علانية حسنة، ظننَّا به حسنًا، ....
نماذج أخرى في الفصاحة:
وحُكي: أنَّ البادية قحطت في أيام هشام، فقدمت عليه العرب، فهابوا أن يكلِّموه، وكان فيهم دِرْواس بن حبيب، وهو ابن ستِّ عشرة سنة، له ذُؤابة، وعليه شَمْلَتان، فوقعت عليه عين هشام، فقال لحاجبه: ما شاء أحد أن يدخل عليَّ إلَّا دخل، حتى الصبيان، فوثب دِرْواس حتى وقف بين يديه مُطْرِقًا، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ للكلام نشْرًا وطَيًّا، وإنَّه لا يعرف ما في طيِّه إلا بنشْره، فإنْ أذن لي أمير المؤمنين أنْ أنشُره نشَرته. فأعجبه كلامه، وقال له: انشُره لله درُّك، فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّه أصابتنا سنون ثلاث، سنة أذابت الشَّحم، وسنة أكلت اللَّحم، وسنة دقَّت العظم، وفي أيديكم فضول مال، فإنْ كانت لله ففرِّقوها على عباده، وإنْ كانت لهم، فَعَلام تحبسونها عنهم، وإنْ كانت لكم، فتصدَّقوا بها عليهم، فإنَّ الله يجزي المتَصدِّقين. فقال هشام: ما ترك الغلام لنا في واحدة من الثَّلاث عذرًا، فأمر للبوادي بمائة ألف دينار، وله بمائة ألف درهم، ثم قال له: ألك حاجة؟ قال: ما لي حاجة في خاصَّة نفسي دون عامَّة المسلمين. فخرج من عنده وهو من أجلِّ القوم .
- قيل للرَّشيد: إنَّ عبد الملك بن صالح يعدُّ كلامه، ويفكر فيه، فلذلك بانت بلاغته، فأنكر ذلك الرَّشيد، وقال هو طَبعٌ فيه، ثمَّ أمسك، حتى جاء يومًا، ودخل عبدُ الملك، فقال للفضل بن الرَّبيع: إذا قَرُب من سريري، فقل له: وُلِد لأمير المؤمنين في هذه اللَّيلة ابنٌ، ومات له ابنٌ. فقال له الفضل ذلك، فدنا عبد الملك، فقال: يا أمير المؤمنين، سرَّك الله فيما ساءك، ولا ساءك فيما سرَّك، وجعلها واحدة بواحدةٍ، ثواب الشَّاكرين، وأجر الصَّابرين. فلما خرج، قال الرَّشيد: أهذا الذي زعموا أنه يتصنع للكلام، ما رأى النَّاس أطبع من عبد الملك في الفَصَاحة قطُّ .
أقوالٌ وأمثالٌ وحِكَمٌ في الفَصَاحة
- قال محمَّد بن سيرين: (ما رأيت على رجل أجمل من فَصَاحة) .
- وقال العاص بن عدي: (الشَّجَاعَة قلب رَكِين، والفَصَاحة لسان رَزِين) .
- وقال يحيى بن خالد: (ما رأيت رجلًا قطُّ إلا هبته حتى يتكلَّم، فإنْ كان فَصِيحًا، عَظُم في صدري، وإنْ قصَّر سقط من عيني) .
- وقيل: (من عُرف بفَصَاحة اللِّسان، لحظته العيون بالوَقَار) .
- وقال الخليفة المقتدي بأمر الله: (وَعْدُ الكُرَماء ألزم من ديون الغُرَماء، الألسن الفَصِيحة أنفع من الوجوه الصَّبيحة، والضَّمائر الصَّحيحة أَبْلَغ من الألسن الفَصِيحة. حقُّ الرَّعيَّة لازم للرُّعاة، ويقبح بالوُلاة الإقبال على السُّعاة)
- وقال خالد بن صفوان بن الأَهْتَم في فَصَاحة الكلام: (أحسن الكلام ما لم يكن بالبدويِّ المغْرِب، ولا بالقُرَوِيِّ المخَدَّجِ، ولكن ما شرُفت مَنَابِته، وطَرُفت معانيه، ولذَّ على الأفواه، وحَسُن في الأسماع، وازداد حسنًا على ممرِّ السِّنين، تُحَنْحِنه الدَّوَاة، وتَقْتَنيه السَّرَاة) .
هذاونصل إلى نهاية هذا البحث الممتع عن الكلام وخاصة كلام رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والسلام عليكم ورحمة الله الله وبركاته
الكلام
ﭧ ﭨ ﭽ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭼ
تأليف الدكتور / مسفر بن سعيد دماس الغامدي