أسمــــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــــــى وصفاتــــــــــه الحلقة الثالثة والأربعون بعد المائة في موضــــــــــــــــــوع الباعـــــــــــــــــــــــــــــــث
نبذة عن الصوت
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه
الحلقة الثالثة والأربعون بعدالمائة في موضوع (الباعث) وهي بعنوان :
*الجهاد بالبيان... بواعث وضوابط :
قوله تعالى: {كنتم خيرَ أمةٍ أُخرجت للنَّاس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر} سورة آل عمران. ويُفهم من هذا أنه لا يُشترط في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون كامل الحال فإنه وإن كان مُقصِّرًا في أداء الواجبات واجتناب المحرَّمات يجب عليه أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بل وإن كان المرء مرتكبًا خلاف ما يأمر به فإنه يجب عليه شيئان أن يأمر نفسه وينهاها وأن يأمر غيره وينهاه، فإذا أخلَّ بأحد الأمرين لا يسقُط الآخر، وكذلك لا يختصُّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بأصحاب الوِلايات والمناصب العالية أو المشايخ والمفتين بل ذلك ثابتٌ لآحاد المسلمين، فليس لأحدٍ أن يترك هذا الواجب بدعوى أنه ليس من ذوي العمائم أو ليس ممن لهم جاهٌ في المجتمع فإن العاميَّ مكلفٌ بأداء الواجبات واجتناب المحرَّمات كما أن العالم والسلطان والقائد والرئيس مكلَّفون أيضًا فوجب على الجميع مراعاة شرع الله.
ضوابط مهمَّة :
قال النووي في "شرح صحيح مسلم": "واعلم أن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد ضُيِّع أكثرُه من أزمانٍ متطاولةٍ ولم يبق منه إلا رسومٌ قليلة جدًا، وهو بابٌ عظيم به قِوام الأمر (نظامه وعماده) ومِلاكُهُ (الذي يقوم به تأكيد لقوله: قوام الأمر) وإذا كثُر الخَبَثُ عمَّ البلاء الصَّالح والطَّالح، وإذا لم يأخُذوا على يد الظالم (أي يمنعوه بكف يده عن الظلم) أوشك أن يعُمَّهم الله تعالى بعقابه {فليحذر الذين يُخالفون عن أمره أن تُصيبهم فتنةٌ أو يُصيبَهم عذابٌ أليم} سورة النور. فينبغي لطالب الآخرة والساعي في تحصيل رضا الله عزَّ وجلَّ أن يعتني بهذا الباب فإن نفعه عظيم لا سيما وقد ذهب مُعظمه ويُخلص نيته ولا يهابنَّ من يُنكر عليه لارتفاع مرتبته فإن الله تعالى قال: {ولينصُرنَّ اللهُ من ينصُره} (أي من ينصر دينه وشرعه)".
ولا شك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نصرةٌ للدين وذلك ضمن مراعاة الأحوال التي بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم فيُنكرأي يُغيرعند الاستطاعة بيده، أي يزيله بنفسه ، إنه يُشترط في إنكار المنكر أن لا يؤدي إلى منكرٍ أعظم، فإن خِيف أن يؤدي إنكاره إلى منكرٍ أكبر يعدلُ إلى الإنكار باللسان أي يأمر فاعلَ المنكر بتركه بحكمةٍ وكلامٍ طيبٍ عملًا بقوله تعالى {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} سورة النحل. فإن عجز عن تغيير المنكر بيده ولسانه بأن كان يعلم أنه لا تأثير له في نفوس الناس سقط هذا الواجب عنه وبقي أن ينكر بقلبه، ومعنى الإنكار بالقلب الكراهية بالقلب لهذا المنكر وليس ذلك تغييرًا في الحقيقة ولكن هذا ما في وسعه وربنا تعالى يقول: {لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وُسعَها} سورة البقرة. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم "وذلك أضعف الإيمان" أي أقله ثمرةً فليس وراء ذلك مرتبةٌ أخرى، فجديرٌ بنا جميعًا أن نتقيد بما نبّه إليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وإلا فمن كان عمله على خلاف الحكمة أفسد بدل أن يُصلح.
[ الأنترنت - موقع مجلة الشراع - الجهاد بالبيان... بواعث وضوابط / بقلم الشيخ أسامة السيد ]
إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .