أسمــــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــــــــــــه الحلقـــــــة الثامنة والتسعون في موضـــــــــــــــــــــــــوع الباعـــــــــــــــــــــــــــــــث

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الثامنة والتسعون في موضوع (الباعث) وهي بعنوان :          

* العلاقة بين المقصد والباعث :                                                                                            

وبما أن العقل مشترك وعام لدى جميع الناس، كانت حقائق الأشياء ثابتة غير مختلفة؛لأننا نعلمها جميعًا عن طريق واحد وهو الذي لا يختلف إدراكه في شخص عن آخر. وكان سقراط يقول بعد هذا: إنه لا فضيلة إلا المعرفة ولا رذيلة إلا الجهل، وإن الإنسان لا يستطيع عمل الخير ما لم يعلم الخير، ومعرفة أن هذا الشيء خير عقلًا هي الباعث لنا على إتيانه فعلًا، وأن المرء لا يأتي الشر وهو عالم به؛ لأن كل إنسان يحب الخير لنفسه كما يكره الشر لها، فمن المستحيل إذن أن يأتي ما يضرها وهو عالم بضرره، وليس عثار إرادة المرء أو خطؤها بالوقوع في الإثم الأخلاقي إلا ضلال العقل نفسه.

غير أن سقراط وإن أصاب في أن أساس المعرفة الفضيلة فلا يكون المرء فاضلًا حتى يقصد الخير ويأتيه وهو عالم به، قد أخطأ في زعمه أن

معرفة الخير تبعث على عمله، ومعرفة الشر تباعد بين المرء وبينه لا محالة.

ويكفي لرد هذا الرأي أن نسوق بعض ما ذكره العلَّامة «سانتهلير» في

هذا المعنى حين يقول في مقدمة لترجمة كتاب الأخلاق لأرسطو:

ليس ما يقع الإنسان فيه من الإثم ناشئًا عن خطأ في الموازنة بين اللذة الحاضرة والآلام المستقبلة التي هي أكبر منها كما يعتقد سقراط، ولا ناشئًا عن جهل بطبائع الأشياء، إنما منشؤه فساد في الخلق يحمل الإنسان على تفضيل الشر على الخير وهو عالم بهما وبكليهما جميعًا، فإن الشرير لا يجهل البتة ما يفعل من سوء، بل هو على الضد من ذلك يعجب من نفسه فيما هو سادر فيه من الرذيلة … لأنه إذا كان يجهل ما يفعل فليس بمجرم ولا مسئول أمام الناس ولا أمام الله، وحينئذ بهذه المثابة لا تكون الفضيلة والعلم متماثلين، فقد يعلم الإنسان ولا يعمل، وقد يعمل ضد ما يعلم … إذا كانت الفضيلة في الواقع هي العلم، وجب على الإنسان أن يقتصر على أن يعلم ليكون فاضلًا، وبذلك تتضاءل

الحياة الأخلاقية إلى مجرد النظر والتأمل.

والخلاصة، بعد ما تقدم من بسط كل مذهب ونقده، أننا لا نعدو الصواب إذا قلنا: إن الباعث هو «الغاية التي تتفق مع العالم الذي تظهر

فيه.» هذه الغاية قد تكون لذة أو عاطفة وجدانية أخرى، كالكره والحقد اللذين يبعثان على كثير من الأعمال، كما قد تكون أمرًا عقليًّا يتناسب مع العالم الذي نعيش فيه، كالوصول لقوانين عقلية في المنطق

والرياضيات مثلًا....[ الأنترنت – موقع هنداوي - مباحث في فلسفة الأخلاق : المقصد، الباعث ]

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .