أسمــــــــــــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــــــــــــه الحلقـــــــة الخامسة والتسعون في موضـــــــــــــــــــــــــوع الباعـــــــــــــــــــــــــــــــث

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فهذه

الحلقة الخامسة والتسعون في موضوع (الباعث) وهي بعنوان :          

* العلاقة بين المقصد والباعث :                                                                                            

وقد اعتُرض على هذا المذهب باعتراضات، منها أنه لو كان الباعث لنا على أعمالنا هو اللذة كما يقولون، لكان الاندفاع إليها والإلحاح في طلبها

مما يزيدها قوة وتحققًا، غير أن الأمر بالعكس، فإن ذلك مما يفوتها ويذهب بها.

ولنتخذ مثلًا لذة شهود رواية تمثيلية ، فإن المرء لا ينعم بها إلا إذا

استغرق في التمثيل، وشارك الممثلين في عواطفهم، وتلهَّى عن تذكر ما فيه من لذة، أما لو حصر فكره في اللذة وطلبها فإنها تضيع عليه، وكذلك لذات الفكر والدرس والمطالعة ونحوها من اللذات المعنوية.

الثاني: «الباعث هو المشاعر الوجدانية لذة أو غيرها»، فكل عمل له باعثه وهو الشعور الوجداني الذي يثير ميلًا إليه، وهذا الشعور قد يكون لذة أو ألمًا أو حقدًا أو حسدًا أو غيرها. وأشهر القائلين بذلك هو دافيد هيوم David Hume٣ فقد كان يرى أن ما يبعث إلى العمل هو المشاعر والعواطف الوجدانية المختلفة، وليس للعقل أثر في ذلك، وكل أثره هو توجيه هذه المشاعر إلى الوجهة التي تصل بهذا لما تريد، فالمرء يتجه للعمل ببواعث من وجدانه فقط، والعقل ينير له الطريق الذي يصل لما يشتهيه بالسير فيه، وبذلك يكون العقل خادمًا لهذه الميول الوجدانية لا عمل له إلا هذا، حتى لقد ذهب «هيوم» إلى أن العقل ليس إلا خادمًا للمشاعر، ولا ينبغي أن يكون إلا كذلك، ولا يمكن أن يُدْعى غير خادمها المطيع.

والذي دفع «هيوم» للقول بأن العقل لا يوجه أعمال الإنسان ولا يبعث عليها، هو فلسفته التجريبية والشكية، هذه الفلسفة التي كانت تقوم

على أنه لا سبيل للمعرفة إلا الحواس الظاهرة والباطنة؛ الأولى بما تمدنا به من معارف عن الأشياء التي تقع عليها، والأخرى بالإصغاء إلى بواطن نفوسنا والتأمل فيما يكون منها.

إلى هنا ونكمل في اللقاء القادم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .