أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الرابعة والثمانـون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الرابعة والثمانون بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*عقيدة التوحيد في مواجهة الاستبداد :

حقيقة لا إله إلا الله تجعل المسلم قادرا على مواجهة كل من سوى الله، لأنه يثق في أن من سوى الله مثله فلا حياة دائمة إلا له، كل ما عداه يزول، كل ما عداه يأفل، كل ما عداه يحيا حياة ناقصة، والنقصان يتناقض مع الإجلال، فلا إجلال ولا تعظيم إلا لمن لا يعتريه نقص، للحي حياة ليست كحياوات الآخرين! لأن الحياة التي يوصف بها الله هي الحياة الأزلية التي لم تأت من مصدر آخر، ويتفرد سبحانه على هذا المعنى بالحياة المطلقة التي لم يسبقها عدم، والحياة المطلقة من خصائصه الذاتية، لا يماثله فيها شيء، فالله سبحانه ليس كمثله شيء، ومن ثم ترتفع كل شبه من الخصائص التي تتميز بها حياة الأشياء، وتثبت لله صفة الحياة المطلقة ولهذا وحينما أراد سبحانه وتعالى أن يخلص الإنسان من التعلق بغيره مهما كانت قوته وعلا سلطانه، وامتد نفوذه، فإنه تحدث عن قيم التوحيد المتفردة، أمر بالتوكل عليه وحده وخلع كل من سواه، متباهيا سبحانه بميزة من ميزات التفرد التي لا ولم ولن ينازعه فيها كائن من كان في هذا

الكون، فقال سبحانه: “وتوكل على الحي الذي لا يموت..”!

بهذه الطريقة القرآنية ينبغي أن يكون التوحيد وقيمه المتفردة أحد المداخل المهمة في إنتاج خطاب ديني يقف في مواجهة صنف من مدعي العلم يسوغون الظلم والقتل ويلوون عنق النصوص لتمكين المستبدين.. وبالمناسبة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤسس لتلك المفاهيم لدى جيل الصحابة، وهو ما أسهم في تكوين تلك الشخصيات الفذة التي ادركت دورها الحقيقي، ورسالة الإسلام الأسمى، والتي عبر عنها ربعي بن عامر رضي الله عنه وهو يخاطب رستم حينما سأله عما يحملونه من دين أو قيم أو معتقدات، فكانت الإجابة وكانها محصورة في الرسالة الأسمى، رسالة التوحيد وتجلياتها: ” لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الاديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة”. وصف رسالة الإسلام بميزات الحرية والعدل، وبناء الإنسان، وبناء الاوطان، وإعمار الدنيا، وضمان الآخرة، وتلك هي قيم التوحيد الأعلى شأنا التي تربى عليها هذا الجيل الرائع. فربعي بن عامر أحد أبطال جيش القادسية، الذين تربوا على منهج التوحيد الصافي الذي تتضاءل معه أمام أعينهم كل هالات الاستبداد والصولجان والنفوذ والسلطان، فلا خضوع ولا ذل ولا استكانة إلا بين يدي المتفرد بالوحدانية سبحانه في كل شيء.. ولقد تعاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتربية على ذات المنهج حتى تأصل في نفوسهم فلم تعد تخيفهم هالات الملوك ولا صولجانهم، فكيف يخافون منها وهم الذين سمعوا رسول الله وهو يقول: ” إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه” (رواه مسلم من حديث ابي موسى الاشعري) وتلك معالجة منهجية تؤكد على أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أصحابه على تلك القيم العقدية الخالصة، لإدراكه صلى الله عليه وسلم أنها سوف تسهم في خلق جيل قادر على نثر رسالة الحرية على العالمين، وهو ما يدعونا للتاكيد على ما ذكرناه من أن عبارة لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها قائم عندنا على إدراك هذا المنهج والتعلق به لا على سنن العادات التي تختلف باختلاف الزمان والمكان!!![ الأنترنت - موقع إسلام أون لاين - عقيدة التوحيد في مواجهة الاستبداد ]

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته