أسمــــــــــــــــاء الله الحسنـــــــــــــــــــــى وصفاتـــــــــــــــه الحلقـــة الخامسة والأربعون بعد المائة في موضـــوع الواحــــــــد الأحــــــــــــد

نبذة عن الصوت

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

فهذه الحلقة الخامسة والأربعون بعد المائة في موضوع (الواحد الأحد) من اسماء الله الحسنى وصفاته وهي بعنوان :

*أهمية التوحيد وثمراته :

"هذا وعدٌ من الله - تعالى - لرسوله - صلوات الله وسلامه عليه

- بأنه سيجعل أمَّته خلفاء الأرض؛ أي: أئمَّة الناس والولاة عليهم، وبهم تصلح البلاد، وتخضع لهم العباد، ﴿ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ ﴾ من الناس ﴿ أَمْنًا ﴾ وحكمًا فيهم، وقد فعله - تبارك وتعالى - وله الحمد والمنَّة؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يمت حتى فتح الله عليه مكة وخيبر والبحرين وسائر جزيرة العرب وأرض اليمن بكمالها، وأخذ الجزية من مجوس هجر ومن بعض أطراف الشام، وهاداه هرقل ملك الروم، وصاحب مصر وإسكندرية وهو المقوقس، وملوك عمان، والنجاشي ملك الحبشة الذي تملك بعد أصحمة - رحمه الله - وأكرمه.

ثم لمَّا مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واختار الله له ما عنده من الكرامة - قام بالأمر بعده خليفتُه أبو بكر الصديق، فلمَّ شعث ما وَهَى بعد موته - صلى الله عليه وسلم - وأَطَّدَ جزيرة العرب ومهَّدها، وبعث الجيوش الإسلامية إلى بلاد فارس صحبة خالد بن الوليد - رضي الله عنه - ففتحوا طرفًا منها، وقتلوا خلقًا من أهلها، وجيشًا آخر صحبة أبي عبيدة - رضي الله عنه - ومَن اتَّبعه من الأمراء إلى أرض الشام، وثالثًا صحبة عمرو بن العاص - رضي الله عنه - إلى بلاد مصر، ففتح الله للجيش الشامي في أيامه بصرى ودمشق ومخاليفهما من بلاد حوران وما والاها، وتوفَّاه الله - عز وجل - واختار له ما عنده من الكرامة.

ومنَّ على أهل الإسلام بأن ألهم الصدِّيق أن يستخلف عمر الفاروق، فقام بالأمر بعده قيامًا تامًّا، لم يَدُرِ الفلك بعد الأنبياء على مثله في قوة سيرته وكمال عدله، وتمَّ في أيَّامه فتح البلاد الشامية بكمالها، وديار مصر إلى آخرها، وأكثر إقليم فارس، وكسر كسرى وأهانه غاية الهوان، وتقهقر إلى أقصى مملكته، وقصر قيصر، وانتزع يده عن بلاد الشام، وانحدر إلى القسطنطينية، وأنفق أموالهما في سبيل الله، كما أخبر بذلك ووعد به رسول الله، عليه من ربه أتم سلام وأزكى صلاة.

ثم لمَّا كانت الدولة العثمانية امتدَّت الممالك الإسلامية إلى أقصى مشارق الأرض ومغاربها، ففتحت بلاد المغرب إلى أقصى ما هنالك الأندلس وقبرص، وبلاد القيروان، وبلاد سبتة ممَّا يلي البحر المحيط، ومن ناحية المشرق إلى أقصى بلاد الصين، وقتل كسرى وبادَ ملكُه بالكلية، وفتحت مدائن العراق وخراسان والأهواز، وقتل المسلمون من الترك مَقْتَلَة عظيمة جدًّا، وخذل الله ملكهم الأعظم خاقان، وجُبِي الخراج من المشارق والمغارب إلى حضرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وذلك ببركة تلاوته ودراسته وجمعه الأمة على حفظ القرآن، ولهذا ثبت في "الصحيح" أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: ((إن الله زَوَى لي الأرض، فرأيتُ مشارقها ومغاربها، ويبلغ ملك أمتي ما زُوِي لي منها))، فها نحن نتقلَّب فيما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، فنسأل الله الإيمان به وبرسوله، والقيام بشكره على الوجه الذي يرضيه عنا... وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، أخبرنا سفيان، عن أبي سلمة، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بشِّر هذه الأمة بالسَّنا والرِّفعة والدين، والنصر والتمكين في الأرض، فمَن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب))، وقوله - تعالى -: ﴿ يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ﴾ [النور: 55]، قال الإمام أحمد: حدثنا عفَّان، حدثنا همام، حدثنا قتادة، عن أنس، أن معاذ بن جبل حدثه قال: بينا أنا رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - على حمار ليس بيني وبينه إلاَّ آخرة الرحل، قال: ((يا معاذ))، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: ثم سار ساعة، ثم قال: ((يا معاذ بن جبل))، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، ثم سار ساعة، ثم قال: ((يا معاذ بن جبل))، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: ((هل تدري ما حقُّ الله على العباد؟)) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن حقَّ الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا))، قال: ثم سار ساعة، ثم قال: ((يا معاذ بن جبل))، قلت: لبيك يا رسول الله وسعديك، قال: ((فهل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟))، قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: ((فإن حقَّ العباد على الله ألاَّ يعذبهم))؛ أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة.

إلى هنا ونكمل في الحلقة القادمة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته